جاء في الحديث عن كرم النبي ﷺ في رمضان ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله ﷺ أجود الناس بالخير ، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان – باعتبار طبيعة الشهر الكريمة – وأضاف : فإذا لقيه جبريل كان رسول الله ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة .. أي كالريح في سرعته ..
لنكن كرماء إذن وقدوتنا ﷺ كان أجود بالخير من الريح المرسلة .. ما الذي يمنع ؟ في ظني انه لا شيء ، ما للم تكن النفوس مريضة ومصابة بداء البخل والشح .. إنك أيها القارئ حين تتحلى بصفة الكرم سواء كان كرماً مادياً أو معنوياً ، فإنك بذلك تكون قد أضفت لنفسك صفة كريمة عالية المقام إلى جانب الصفات الأخرى الطيبة عندك ، صفة الأنبياء والمرسلين والأتقياء الصالحين.. وأنت حين تتحلى بتلك الصفة، ستضمن دون شك أولاً وأخيراً حب الناس ، لماذا ؟ لأنك تكون في هذه الحالة قد أعلنت عن زهدك مما في أيدي الناس فيحبونك بالضرورة والفطرة .
لكن ليس الكرم الذي أعنيه اليوم يقتصر على ما تعارف الناس عليه من أنه سخاء في البذل والعطاء وتقديم الولائم وجعل المجالس مفتوحة عامرة بالرواد ، إلى آخر المظاهر المادية المعروفة.. لا ، ليس هذا أعنيه وليس هو هذا مجال الكرم الوحيد فحسب ، بل إن مجالاته عديدة .
وحتى نبين كرم النبي في رمضان يجب أن نقول أن الكرم أيضاً يكون في ديمومة الكلمة الطيبة على اللسان وفي كل الأحوال .. كما أن الكرم أيضاً يكون في المعاملة الطيبة مع الجميع بلا استثناءات عنصرية أو عرقية أو جنسية . والكرم يكون بالاستزادة من الأخلاق الطيبة وتجسيدها على أرض الواقع مع الناس كل الناس ، يكون في السعي الدائم لقضاء حوائج الآخرين ، حتى لو لم يطلبوها منك مباشرة ..
هكذا الكرم النبوي الراقي.. تتنوع مجالاته وتتوسع حدوده . بل إن صح وجاز التعبير ، ليس للكرم حدود ولا مجال محدد ، إنما المحدد هو عدد الكرماء وخصوصاً في زماننا هذا كما أسلفنا قبل قليل .. فهل ترغب أن تنافس الأنبياء والصالحين في صفة من صفاتهم ؟