اختتمت هذا الأسبوع فعاليات المؤتمر الدولي الذي نظمته كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر حول موضوع “الإرهاب وسبل معالجته” ،وشارك في المؤتمر على مدى يومين كاملين مجموعة من العلماء والمفكرين والأكاديميين وبحضور باحثين ومتخصصين في المجالات الدينية والاجتماعية والسياسية من 17 دولة من أربع قارات.
في كلمته بالمناسبة قال الدكتور يوسف الصديقي عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية “إن هذا المؤتمر هو موضوع الساعة ويمس الإنسانية كلها ويأتي في وقت بالغ الدقة والتعقيد تمر به الأمة العربية والإسلامية”. وأضاف أن “قضية الإرهاب من المشكلات التي طالما لحقت بالمجتمعات لأسباب مختلفة ومتداخلة، وتتجدد هذه القضية في أوقات بعينها بحدة وعنفوان، مما قد يتسبب في تدمير بنى المجتمعات وأسس استقرارها”.
دفعة لتفعيل القيم الإسلامية
وأشار الدكتور الصديقي أن “الجامعةُ باعتبارِهَا مؤسسةً تعليميةً وصاحبةَ مبادراتٍ، مدعوةٌ بالضرورة إلى تفعيلِ دورِهَا الأكاديميِ العلميِ في دراسةِ ظاهرةِ الإرهابِ؛ للوقوفِ على أسبابِه وسُبُلِ علاجِهِ بما يتماشى واستراتيجيةِ الدولةِ الرائدةِ في الرؤيةِ الوطنيةِ 2030، وما نصتْ عليهِ هذهِ الاستراتيجيةُ من خطط”.
كما قال حسن بن راشد الدرهم، رئيس جامعة قطر، في كملته الافتتاحية، إن المؤتمر “يأتي للوقوف على رؤى وتجارب فكرية وتعليمية وثقافية متنوعة، ليعطي رؤى واضحة ودفعة جديدة لتفعيل القيم الإسلامية السمحة في الخطط الدراسية والأساليب والمناهج التربوية، والوسائل التثقيفية”.
من ناحيته أشار الشيخ عبد الفتاح مورو، نائب رئيس مجلس النواب التونسي، إلى “دور العلماء والمفكرين والمؤسسات التعليمية في بناء عقول الأمة من خلال المناهج الدراسية، وتعزيز حضورها، وإزالة غربتها، وتغيير واقعها، لتؤدي الأمانة على أكمل وجه”. كما أكد “مورو” وهو نائب رئيس حركة النهضة، على “أهمية التعليم والتربية في بناء الإنسان وتحقيق التنمية والبناء الحضاري للأمة”.
وحذر نائب رئيس البرلمان التونسي، من أن “الإرهاب يستهدف كيان الأمة ووجودها ودينها”، معتبراً أنه (الإرهاب) “نتيجة من نتائج تعطيل الفكر والعقل والقفز على الواقع”. كما شدد مورو، على أن “الدين الإسلامي دين العدل والتسامح والسلام والإنسانية والحضارة وليس دين إرهاب”.
6 محاور و20 ورقة عمل
وتضمن جدول أعمال المؤتمر عدة جلسات طرح خلالها نحو 20 ورقة عمل ،تناولت محاور المؤتمر الأساسية والمتمثلة في التالي :
– مفهوم الإرهاب والخلفية التاريخية للظاهرة،
– البعد الفكري لظاهرة الإرهاب
– البُعد السياسي في ظاهرة الإرهاب
– البُعد الاجتماعي والنفسي في ظاهرة الإرهاب
– التراث الديني ومواقفه من ظاهرة الإرهاب
– سُبُل معالجة قضايا الإرهاب
وركز المؤتمر على بحث موضوع “التراث الديني ومواقفه من الإرهاب” حيث تم الحديث عن الجذور العقدية للإرهاب؛ تشخيصا، وتفكيكا، ومعالجة، وخصائص الظاهرة الدينية وآثارها، و” الإرهاب والانحراف الفكري” ، وبيان دور الدين في مواجهة التطرف والإرهاب.
كما تمت مناقشة الظاهرة من زاوية فقهية عبر ورقة بعنوان (التطرف والإرهاب: رؤية فقهية)، حيث تم تحليل الخلفية الفقهية لفكر التطرف والإرهاب، والتي أصبحت تؤصل لرؤية فئة عريضة من الشباب لقضايا الكون والحياة والإنسان.
وناقش المشاركون ورقة حول” دور الغلو الديني والتطرف الفكري في الإرهاب المعاصر” والتي بينت أن معضلة الغلو الديني لم تبرأ منها ديانة من الديانات الوضعية أو السماوية في ما عرف بالحروب الدينية، وفي ما يعبر عنه الآن بتصاعد الأصوليات.
سبل معالجة الإرهاب
كما تناول المؤتمر البعد الاجتماعي والسياسي والإعلامي في ظاهرة الإرهاب من خلال عدة أوراق عمل منها ورقة حول “الإرهاب والإسلاموفوبيا؛ قراءة في الإعلام الأوروبي” و”علاقة الإعلام العربي بالإرهاب الديني؛ بين التكريس والمواجهة”، كما قدمت ورقة بعنوان ” قراءة في الخطاب الإعلامي للجماعات الإرهابية؛ تنظيم الدولة أنموذجا”.
وخصصت الجلسة الأخيرة من المؤتمر للبحث في سبل معالجة الإرهاب، حيث ركزت على عدة محاور أهمها؛ دور المنظمات الإسلامية في معالجة الإرهاب و”الاستبداد السياسي والإرهاب؛ إشكالية العلاقة ومنهجية العلاج”. و” شبكات التواصل الاجتماعي كإحدى أدوات معالجة التطرف الفكري”.
ويهدف المؤتمر الذي نظمته كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر، إلى تأصيل قضية الإرهاب بشكل علمي من حيث المفهوم والمنطلقات، وتعزيز ضمان الفصل بين العلم والأيديولوجيا في مقاربة قضية الإرهاب، والكشف عن الأبعاد الفكرية والسياسية والاجتماعية وغيرها الكامنة وراء هذه القضية.
كما سعى المؤتمر إلى وضع خطة عمل استراتيجية استشرافية لتجفيف منابع الإرهاب، حتى يتم عزلها عن أن تكون معاول هدم للأمة وحضارتها.