في أحد الاجتماعات العائلية كنت جالسةً أراقب سلوك الأطفال من حولي وقد اجتمعت الأصوات من كل الزوايا والاتجاهات لفت انتباهي ابنة أختي الشابة ذات التسعة عشر عاماً تحاول جاهدةً أن تلاعب الطفلة ذات الثلاث سنوات وتدعوها للاقتراب منها ولكن الطفلة كانت ترفض الاقتراب وتحاول أن تثير غضبها بتصرفات مزعجة فنظرت الفتاة لوالدة الطفلة وسألتها بتعجب لماذا ابنتك تكرهني؟!
هنا توقفت عند هذا الموقف وتساءلت هل فعلا الطفل يكره أو يعرف مشاعر الكره؟!
أم أنه يتصرف بتلقائية فمن يشعره بالارتياح يبادله نفس الشعور ويتواصل معه بفاعلية وإقبال ويستجيب لكل طلباته بلا أي نوع من المقاومة؟.
تدخلت بسؤالي للفتاة هل قمتِ بإزعاج الطفلة؟!
فأجابت سابقاً كنت ألاعبها وأمازحها بأن أمدد يدي لها بقطعة حلوى ثم أسحبها..
ابتسمت وقلت لها (إذا عرف السبب بطل العجب).
قاطعتني وقالت لي: هذا الموقف قديم جداً ليس الآن..

أطردت في كلامي الطفل لا يعرف الكره ولكن من الممكن أن تظهر عليه بعض التصرفات التي توصل رسالة للطرف الآخر أنه يكرهه ولكن في أصل الموضوع أن الطفل يريد إبداء اعتراضه على بعض التصرفات التي أزعجته وهو يرفضها بالتالي لن يتجاوب مع الشخص المزعج بالنسبة له..
قاطعتني بتعجب معقول يعني هي ما زالت تتذكر هذا الموقف؟!
أجبتها: من الممكن أن الطفل لا يتذكر المواقف بحد ذاتها ولكنه يشعر بمشاعر سلبية تجاه الشخص الذي أزعجه فيختزن في العقل اللاواعي وتوضع هذه المواقف في صندوق الانزعاج والألم مرتبط بمجموعة من الصور الذهنية لمواقف سلبية مرتبطة بأشخاص اختبر معهم مواقف سلبية التأثير عليه، مثال الصراخ عليه أو ضربه أو حرمانه… وغيرها من مواقف الحياة.. بلا أن يتحاور مع الطفل بأسلوب لطيف يتناسب مع قدراته المعرفية واللغوية..
ومن المهم جدا أن أطور مهاراتي أنا كمربٍّ في تعاملي مع الطفل بقدرتي على النزول لمستواه الفكري والعقلي والإدراكي وقدرتي على استخدام مصطلحات بسيطة تتناسب مع الطفل الذي أحاور، فإن لم تكن لدى المربي هذه القدرة وهذه المهارات سيمتلئ الصندوق عند الطفل ليؤثر على سلوكه بشكل سلبي مثال ظهور عدوان أو رفض للتجاوب أو خوف وقلق ومن الممكن أيضا أن يكون بعض المشاكل الصحية.

أوقفتني الفتاة بقولها يعني خلاص هي الآن ما تحبني بسبب موقف واحد؟! هل يمكنني أن أغير هذه المشاعر؟
بالطبع أكيد يمكن أن يعدل المربي هذه الخبرات السلبية لدى الطفل بأن يستبدلها بمواقف إيجابية ناجحة مع الطفل كل ما عليه فقط هو تغيير الأسلوب التربوي السلبي الذي أتُّبع سابقا وخلال مرحلة التغيير لا يستعجل النتائج الإيجابية من الطفل فالصبر جزء أساسي خلال مرحلة تغيير الخبرات السلبية في صندوق المشاعر لدى الأشخاص..
ويعتبر تطوير هذه المهارات لدى الطفل جانبا مهما جدا في تطوير مهارات الطفل الانفعالية والنمو بها كتطوير الانفعالات المختلفة؛ كالحب، والخوف، والكره، والعدوان، والفرح، وغيرها، والاختلافات التي تحدث لهذه الانفعالات والمشاعر عبر نمو الفرد وانتقاله من مرحلةٍ إلى مرحلةٍ أخرى من حياته.
وهو ما يسمى النمو النفسي لدى الطفل
حيث يتميّز هذا النوع من النموّ بتطوُّر الشعور لديه بالمبادرة، وهذا الأمر يعتمد على التنشئة الاجتماعيّة للطفل؛ حيث إنّه إذا أُعطِيَ الحرّية لينطلق في استكشافه لما حوله دون تقييد، فإنّ ذلك من شأنه أن يساعد على تحقيق السويّة في نُموّه، أمّا إذا لم يتمكّن من ذلك، فإنّ الشعور بالذنب لديه سيتطوَّر.

وفي هذه المرحلة تعتبر أبرز الخصائص الانفعاليّة لدى الطفل كالتالي:
- كثرة الانفعالات، وسرعتها لدى الطفل، على الرغم من عدم استمرارها لفترة طويلة؛ وذلك نتيجة للعوامل الداخليّة، كتأثُّر الطفل في من حوله، أو العوامل الخارجيّة، كأسلوب تعامُل الوالدين معه.
- مشاعر الخوف التي قد تعرقل اعتماد الطفل على نفسه، أو استقلاليّته، إذا كانت غير طبيعيّة، أمّا إن كانت طبيعيّة، كالخوف من الحيوانات، فهو أمر صحّي له.
- ظهور مشاعر الغيرة التي تنتاب الطفل عند قدوم مولود جديد، ومشاعر الغضب، سواء باللفظ، أو بالعدوان، كما أنّ نوم الطفل يكون غير مستقرٍّ في هذه المرحلة.
وأخيراً أذكرك أن الطفل يولد صفحة بيضاء لا تحمل أي نوع من أنواع المشاعر أو حتى السلوك وكل سلوك يلاحظ عليه أو طريقة في التعبير عن مشاعره هي عبارة عن مرآة لسلوك قد لاحظه الطفل من المحيط القريب منه وطريقة التعبير عن مشاعره ترتبط في الخبرات التي اختبرها الطفل.