فقد العالم الإسلامي العلامة الهندي محمد واضح رشيد الحسني الندوي وهو شخصية علمية بارزة في الدعوة الإسلامية، اهتم بتأصيل الوعي الإسلامي في شبه القارة الهندية، وله مشاركات قيمة ومشهودة في العصر الحديث، ضمن جهود علماء الهند في تطوير اللغة العربية وآدابها وعلومها.

جاءت الإشادة بمساهمات الشيخ محمد رشيد – رحمه الله – بحكم انتسابه إلى (ندوة العلماء لكهنؤ) وذكرت المدونة الخاصة بالشيخ رشيد “لا يختلف اثنان أن ندوة العلماء لكهنؤ بالهند قد عنيت في العصر الحديث باللغة العربية عناية لا تبلغ مبلغها شقيقاتها في العناية والاهتمام، لأن مؤسسيها قد ركّـزوا عنايتهم بتطويـر اللغة العربية كتابة وتحدثاً وخطابة وصحـافة، وتدريسا، وكثير من أبنـاء ندوة العلماء .. ومن أبـناء ندوة العلماء المـوجودين المكثرين من الكتابة باللغة العربية وآدابها أستاذنا الفاضل الأستاذ السيـد محمد واضح رشيد النـدوي حفظه الله ورعاه، الذي وهبـه الله ملكة خاصة في الكتابة باللغة العربية، وهو أحد الأعـلام البـارزين المعاصـرين الذين لهم سمعة طيبة في الأوسـاط الدينية و العلمية و الاجتماعية داخل الهند و خارجها”[1].

مسيرته العلمية

ولد الشيخ محمد واضح رشيد الحسني رحمه الله في دائرة الشيخ علم الله الحسني ببلدة رائي بريلي في ولاية أترابراديش الشمالية في الهند، وهو ابن أخت العلامة أبي الحسن علي الـندوي و الأخ الشقيق للشيخ محمد الرابـع الحسني النـدوي.

تلقى محمد واضح رشيد النـدوي مبادئ القراءة والكتابة في المدرسة الإلهية براي بريلي، ثم دخـل دار العلوم ندوة العلماء حيث تعلم اللغة العربية ووسّع ثقافته الأدبية والإسلامية، و نال شهادة العالمية وتخصص في الأدب العربي وتخرج فيها عام 1951م، ثم أنهى دراسته الثانوية في المدرسة الرسمية، و التـحق بجامعـة عليكره الإسلاميـة لمزيد من الدراسات، و حصل على شهادة الليسانس في اللغة الإنجليزية.

ومن أساتذته الكبار سماحـة العلامة أبو الحسن علي الندوي والأستاذ محمد ناظم الندوي والأستاذ عبد الحفيظ البلياوي، وهم الذين غرسـوا فيه حبـه للغة العربية و شـجعوه على ممـارسة الكتابة فيها، و قد سـاعده على ذلك توفيقٌ إلهيٌ واضح في ميدان تخصصه في الأدب العـربي و التـاريخ و النقد العربي و الحضـارة الغربيـة هذا بجانب اهتمامه بقضـايا الفكر الإسلامي و الغـزو الفــكري.

حياته العملية

بدأ محمد واضح رشيد النـدوي حياته العملية في إذاعة عموم الهند بدلهي مذيعا ومترجما من الإنجليزية إلى العربية، و ظل في وظيفـته حتى سنة 1973م. و كانت هذه الفترة تمثـل مـرحلة فاعـلة في مشـوار حيـاته، إذ سنحت له الفرصـة لدراسـة العلوم السياسية و الاجتمـاعية، ووسّع ثقافتـه الإنجليزية ومعرفتـه بسياسة الغرب ومزايـا مجتمعاته والمشـاكل التي تعيشها وما طرأ عليها من ثورات وانقلابات وأفـكار مما كان له أثره في الحياة الإنسانية المعـاصرة. هذا بالإضافة إلى نهوضـه بترجمة المقالات والبـحوث العلمية والأدبيـة والسياسيـة والفنية التي تمت إذاعتـها من دلهي و عدد من محطات الإذاعـات إلى العـربية.

و بهذه الثـروة الضخمة و التجارب المُحكمة رجع إلى دار العلوم ندوة العلماء عام 1973م، حيث نهل العلوم و انخرط في سلك التدريس فيها أستاذا للغة العربية وآدابها، وخلال ذلك عين عميدا لكلية اللغة العربية و آدابها بدار العلوم، كما عمل مديـرا للمعهد العالي للدعوة و الفكر الإسلامي، ثم تولى عام 2006م رئاسة الشؤون التعليمية لنـدوة العلماء، و ذلك إثر وفاة رئيسها السابق الدكتور عبد الله عباس الندوي.

المناصب التي تولاها

شغل الأستاذ محمد واضح رشيد الندوي رحمه الله تعالى عـدة مناصب إدارية و علمية و منها:
1-  الأمين العام المساعد لمجلس أمناء رابطة الأدب الإسلامي العالمية.
2 – سكرتير المجمع الإسلامي العلمي بندوة العلماء.
3- عضو مجمع أبي الكلام آزاد بلكهنؤ.
4 – عضـو الهيئة الاستشارية لـدار العلوم بستي.
5 – الـرئيس العـام لمدرسة فلاح المسلمين، أمين نجر، رائي بريلي.
6 – نائب رئيس دار عرفات، رائي بريلي.

و له مشـاركات علمية ملحوظة في شتى المناسبـات داخل الهند و خـارجها، و قد اشترك في الندوات و المؤتمرات التي أقيمت في القاهرة و عمان و لاهور و طشقند و مكة المكرمة و جامعة أُكسفورد و الرياض و المدينة المنورة و إستنبول، و قد تشّرف بالحصول على جائزة الرئيس الهندي التقديرية، و ذلك تقديرا لجهوده الطيبة في مجال الأدب العربي الهندي و اعترافا بشخصيته البارزة.

وأنتج الشيخ محمد واضح رشيد الندوي رحمه الله تعالى  خلال مسيراته العلمية وحياته الدعوية مؤلفات دعوية، وتربوية وعلمية قيمة تزدان بها المكتبة الإسلامية، و من أعماله المشهورة:
1- فضائل القرآن الكريم.
2- فضائل الصلاة على النبي الكريم .
3 – الدين و العلوم العقلية، و هو ترجمة لكتاب في الأردية، عنوانه: “مذهب و عقليت” و مؤلفه الشيخ عبد الباري الندوي، و نالت الترجمة العربية شهرة فائقة حتى إنها نشرت مرارا من دار ابن حزم، بيروت.
4 – الدعوة الإسلامية و مناهجها في الهند.
5 – حركة التعليم الإسلامي في الهند و تطور المنهج.
6 -تاريخ الأدب العربي، العصر الجاهلي.

هذا بالإضافة إلى عدد من المقالات المنشورة التي نشرتها له مجلة ثقافة الهند الصادرة عن المجلس الهندي للعلاقات الثقافية بدهلي، و مجلة البعث الإسلامي بعنوان “صور و أوضاع” و مقالات و افتتاحيات لصحيفة الرائد.


[1]  http://rashidnadwi.blogspot.com/2010/08/blog-post.html