سجلت الأسرة التقليدية انتصارا جيدا الشهر الماضي، ولكن من غير المتوقع أن تنتهي معركتها في الفترة القريبة القادمة.

وعلى حد تعبير براد ويلكوكس من معهد أميركان إنتربرايز، ظهرت في الأسابيع الأخيرة، أدلة جديدة تجمع على أهمية “الكيان الأسري”.

وأوضحت الدراسة التي قامت بها جامعة برينستون ومعهد بروكينغز بعد قيامها بتحليل مجموعة واسعة من النتائج ” إن معظم العلماء أجمعوا على أن الأطفال الذين تربوا في كنف أسر تقليدية، مكونة من آباء بيولوجيين وفي ظروف زواج مستقرة يكونون أفضل حالا وفي مجالات مختلفة من الحياة من أولئك الأطفال الذين تربوا في أشكال أسرية أخرى “.

أين موضع الخلاف ؟

هنالك دراسة أخرى أجريت شارك فيها الباحث ويلكوكس وجدت أن الدول التي لديها أكبر عدد من الأباء المتزوجين يكون وضعها أفضل بحسب المؤشرات الاقتصادية ، مما يؤدي للارتقاء بالأحوال المعيشية وإلى انخفاض معدلات الفقر بين الأطفال.

وتشير صحيفة واشنطن بوست إلى علاقة الأسرة بالمؤشرات الإقتصادية ” إن حصة الآباء والأمهات المتزوجين في أي بلد هو أفضل مؤشر لقوة الاقتصاد من التكوين العرقي والتحصيل العلمي “.

ووفقا لتقرير حديث صدر من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أفاد بأنه يمكن ملاحظة الأفضلية في الأبناء الذكور، حيث يكون أداؤهم أفضل عندما تتم التنشئة في بيئة أسرية أكثر تقليدية.

الدول التي لديها أكبر عدد من الأباء المتزوجين يكون وضعها أفضل بحسب المؤشرات الاقتصادية

علاوة على ذلك، يؤيد هذه الأفضلية تحذير شهير ذكره دانيال باتريك موينيهان في عام 1965 قال فيه : ” هناك درس مهم في التاريخ الأمريكي إذا تمت مقارنة نمط حياة الأحياء الفقيرة بإيرلندا ، وبين ضواحي لوس أنجلوس التي شهدت أعمال شغب ، سنجد أن المجتمع الذي يسمح بتنشئة عدد كبير من الرجال في أسر مفككة، وبدون علاقة زواج مستقرة ، فالمجتمع مقبل على حدوث نوع من الفوضى “.

من جانب أخر، أوردت دراسة جديدة للباحث نيكولاس زيل من معهد الدراسات الأسرية تقول إن الأطفال الذين يملكون أباء بالتبني يجدون صعوبة في المدرسة أكثر من الأطفال الذين نشأوا في عائلة تقليدية.

ما يبعث على القلق هو أن الأب المتبني أفضل حالا من الناحية المالية وله استعداد لتربية ورعاية الأطفال مثل الأب التقليدي إن لم يكن أكثر.

وبالنظر إلى التحديات الملقاة على عاتق التبني إلا أنه يعتبر من الحلول الناجحة، خاصة إذا نظرنا إلى حجم المشاكل التي يواجهها الأطفال في دور الأيتام أو أولئك الذين يتلقون معاملة سيئة.

ويمكن القول ، أن أي نتيجة تقول أن الأسرة التقليدية أفضل حالا من غيرها، يجب أن تكون مشروطة وتسبقها عدة أسئلة من أهمها: “بالمقارنة مع ماذا؟

فمثلا حالة فتاة صغيرة تسكن بدار أيتام في الصين أو روسيا ستكون أفضل حالاً من دون شك، من أن تعيش مع شاذين في أمريكا، كذلك الطفل الذي يتربي وسط عائلة بلا حب وتسودها الكراهية، فمن المرجح أن تتحسن حالته بحصول الطلاق.

يقول الأستاذ في جامعة سانت لورانس ستيفن هورويتز،” إن المقارنات بين الأنواع المختلفة من أنماط الأسر يجب أن تتجنب فرضية “السعادة المثالية ” من خلال عدم المقارنة بين الرؤية المثالية للأباء المتزوجين والتربية الأحادية من خلال نظرة أكثر واقعية، فالخيارات التي تواجه الأزواج في العالم الحقيقي دائما تحصل بسبب المقارنة بين بدائل غير مكتملة الملامح.

بنية الأسرة أهم بكثير من المدارس الحكومية .. إنها مؤسسة نستلهم منها أكبر المعاني

بطبيعة الحال، هذه النقطة تنطبق حول كل المساعي الإنسانية تقريبا، لأننا نعيش في عالم غير مكتمل تماما وفيه كثير من النقائص، وفقط لأننا لا يمكن أن نعيش في تناسق تام مع مبادئنا، لايمكن اعتبارها حجة ضد المثل العليا نفسها.

لا ينبغي أن يستغرب أحد هذا الجدل حول بنية الأسرة ، لأنها أهم بكثير من المدارس الحكومية، إنها مؤسسة نستلهم منها أكبر المعاني.

من اليوم الذي نولد فيه تهب لنا هويتنا ولغتنا، وتوقعاتنا حول كيف يمكن للعالم أن يسير. وقبل أن نصبح أفرادا أو مواطنين أو ناخبين نحن أولاً جزء من أسرة. لهذا السبب فإن المهندسين الاجتماعيين على مر العصور يرون الأسرة باعتبارها منافسا للدولة أو مشكلة لها. وأن حروب الأسرة لن تنتهي أبدا، لأن الأسرة تعني الكثير.