تثير “نظرية المؤامرة” الكثير من الانتقادات، وكتب الكثير عنها ، إما دفاعًا أو انتقادًا، والخوض في تحليل تلك المواقف يفتح عددًا من الموضوعات ذات الصلة، تبدأ من منهجيات التفكير، ولا تقف عند حدود العلاقة مع الآخر والصراع مع الغرب .. إلى غير ذلك.
يتحدث عالم النفس روب بريثيرتون عن كتابه ” نظرية المؤامرة ” والطريقة التي يمكن للشك أن يتغلب بها على المنطق.
يقول روب بريثيرون أنه لا يوجد فرق كبير بين من يؤمنون بنظريات المؤامرة ومن لا يؤمنون بها، حيث ينجذب انتباهنا إلى فكرة المؤامرة لأنها تلقى من أذهاننا قابلية للاستجابة. نحن نفهم فكرة اهتمام الناس بأنفسهم وإضمار عدم الاهتمام بمصالح غيرهم ، أو أن تكون لديهم دوافع خفية قد تقودهم للقيام بأعمال مشبوهة، وقد تتمدد نظريات المؤامرة وتستغل هذه الافتراضات والمخاوف المتصورة عن العالم ..
إلى أي مدى نستطيع أن نثق في عقلانيتنا ومنطقنا ؟
تشير معظم الأبحاث النفسية إلى أننا جميعًا نثق بشكل مبالغ فيه عندما يأتي الأمر للثقة في قدرتنا على التفكير والاعتماد على منظورنا الخاص وذاكرتنا الخاصة، نحن نعيش داخل هذا النوع من الوهم الذي اختلقته عقولنا بأننا نرى العالم بموضوعية، وأننا نثق في معتقداتنا لأنها هي فقط أكثر المعتقدات عقلانية ، ولكن تشير كل الأبحاث إلى أن لدينا كمية كبيرة من التحيزات مبنية داخل عقولنا، والتي تشكل وتلون إدراكنا ومعتقداتنا عن العالم باستمرار دون أن نعيها.
أغرب نظرية مؤامرة
يضيف بريثيرون : واحدة من أكثر النظريات غرابة وانتشارًا هي تلك التي أطلقها الكاتب الإنجليزي دايفيد آيك الذي قال على سبيل المثال إن القمر أجوف، وأنه عبارة عن سفينة فضاء وأن الحلقات الظاهرة حول كوكب زحل هي عبارة عن جهاز بث لموجات تحكم بالعقل تُبَث إلى القمر الذي يقوم بتضخيمها ومن ثم إرسالها إلى الأرض بغرض التأثير بشكل سلبي على إدراكنا للواقع، لذلك نحن جميعا نعيش داخل صورة ثلاثية الأبعاد.
وتستمر ادعاءات آيك لدرجة أنه يملك إجابة لكل شيء ، أعتقد من الانصاف القول : هذا أمر غير معقول نسبيا.
لكن بقدر غرابة هذا الأمر، قد يفهمها بعض الناس على أنها رسالة مفعمة بالأمل بطريقة غير مباشرة كما لو أنها تقول: “نعم هناك كثير من الأمور الخاطئة في العالم لكن يمكننا أن نحدد المسؤولين ومن ثم نستطيع عمل شيء حيال ذلك ”.
يبدو هذا جذابا لكثير من الناس، خاصةً أولئك الذين يشعرون بأنهم لا يتحكمون بحياتهم.
هل يجب أن نهتم بدحض نظريات المؤامرة؟
معظم نظريات المؤامرة لا تحدث ضررًا لكن يمكن أن تؤدي إلى عواقب ملموسة، مثلا أن تعطي أطفالك بعض اللقحات أو الأدوية، أو أن تتخذ إجراءات معينة معتقدا أنها ستمنع تغير المناخ مباشرة. أما بالنسبة للإستراتيجيات التي ينبغي علينا استخدامها، فلا يوجد كثير من الأبحاث عن هذه النقطة.
التجارب تظهر أن مواجهة هذه النظريات وفضحها يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية حتى عند تقديم أدلة دامغة على أن نظرية المؤامرة خاطئة، يمكن أن تتسبب بزيادة المؤمنين بها .