تعرف شركات الذكاء الاصطناعي نموا متزايدا في العديد من الدول المتقدمة، وتشكل هذه الشركات التي بدأت تسيطر على أسواق التكنولوجيا العالمية، دفعا قويا لاقتصاديات هذه الدول ومساهمة معتبرة في معدلات نموها سيؤثر الذكاء الإصطناعي على كثير من القطاعات والمجالات مما سيجعل الاستثمار فيه أولوية لكثير من المؤسسات وذلك لما جناه هذا القطاع من أرباح خلال السنوات الأخيرة.
سوق وتحديات
وتشهد سوق منتجات الذكاء تنافسا قويا بين الدول الصناعية خاصة الولايات الأمريكية و كندا و اليابان ، ويشمل مجال التنافس صناعة البرمجيات والروبوتات والأجهزة الذكية وغيرها من المنتجات التي تجتاح الأسواق العالمية، ومن ضمن تقنيات الذكاء الاصطناعي “التعلم العميق”.
وقد أثارت هذه التقنيات الكثير من اهتمام شركات التكنولوجيا الأميركية في “وادي السيليكون”، إذ استحوذت شركة “غوغل” الأميركية إحدى شركات مجموعة “ألفابت” في عام 2014 على شركة “ديب مايند” البريطانية المُتخصصة في الذكاء الاصطناعي مُقابل 500 مليون دولار، كما جذبت سوق الذكاء الاصطناعي شركات متعددة منها : أمازون ، تسلا موتورز ، أبل وشركة “بايدو” الصينية.
تركز هذه المقالة على شركات الذكاء الصناعي وما يمكن أن تقدمه من منتجات تسهم في تطوير قطاعات الدولة بالاضافة إلى ما خلقته هذه الشركات من قيمة مضافة لاقتصادات الدول. تطبيقات الذكاء الصناعي في قطاع التعليم يعتبر قطاع التعليم أحد القطاعات الهامة والحيوية التى تأثرت ايجات ببعض برامج وتطبيقات الذكاء الصناعي ، حيث ساهمت هذه الأنظمة في تطوير أداء المؤسسات التعليمية و زيادة كفاء المحتوى التعليمي.
وقد عالجت أنظمة الذكاء الصناعي العديد من تحديات التعليم، وعالجت هذه الأنظمة تحديات اللغة ، التفكير ، التخطيط ، النموذجة المعرفية ، إضافة إلى إنشاء أنظمة المعلم الذكي والذي أحدث ثورة في تقنية التشخيص حيث تمكن هذه التقنية من تحليل مدى قدرة المتعلم على فهم مجال دراسته ، وتقدم تقنية المعلم الذكي التوجهيات والمقترات اللازمة للمتعلم تساعده على حل المشاكل في ميدان دراسته. ومن أشهر تقنيات المعلم الذكي Tabtor و Carnegie Learning وغيرها من الأنظمة المتطورة التى فاقت في مهارتها المعلم العادي. من ضمن أنظمة الذكاء الصناعي التى اجتاحت قطاعات التعليم أيضا ما يعرف بتقنية التعلم العميقة.
وترتكز هذه التقنية على قراءة و كتابة و محاكاة السلوك البشري. وقد قامت بعض شركات الذكاء الاصطناعي من تقيم تقنية المحتوى التى تمكن المعلمين من تجميع الكتب المدرسية التي يرغبون في تدريسها وذلك من خلال استيراد المعلم للمنهج بينمها يقوم نظام CIT بملئ الكتاب بالمحتوى المطلوب. لا تزال تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم محاطة بالكثير من الحذر وذلك لما قد تسببه هذه التطبيقات من انعكاسات سلبية على المنظومة التعليمية.
ويبقي مستوى تطبيق هذه التقنيات مرتبطا بقدرة الدولة على تحديد سلبيات البرامج وايجابياتها والمقارنة بينهم لتحديد ما إذا كانت هذه البرامج ذات فائدة على العملية التعليمية أم لا. الذكاء الاصطناعي ثورة في قطاع الصناعة في المجال الصناعي أحدثت تقنيات الذكاء الاصطناعي ثورة حقيقية ساهمت في تطوير انتاجية هذا القطاع و قلصت من العقبات و التحديات التى تواجها المصانع.
إلا أن الأمر وصل إلى مرحلة ما يعرف بالمصنع الذكية وهي مصانع تستخدم تقنيات الذكاء الصناعي في تحديد كمية الإنتاج وحجم المنتج عبر منظومات تقنية متطورة ، هذه التقنية قلصت من حجم العمال داخل المصانع حيث أصبح بامكان الروبوتات والأنظمة التقنية القيام بجميع مراحل الإنتاج فقط من خلال وضع أوامر محددة تتضمن تفصيلات عن المنتج في المنظومة الرقمية. هذه الثورة التى أحدثتها تقنيات الذكاء الصناعي في مجال الصناعة زاد من انفاق الحكومات على شركات الذكاء الاصطناعي وعلى البحوث التي تهتم بهذا المجال.
وقد شكلت هذه الشركات قوة اقتصادية اصبحت مؤثرة في اقتصادات البلدان التي توجد بها هذه الشركات. وجذب قطاع الذكاء الاصطناعي اسثمارت كبيرة حيث أصبح أحد المجالات ذات الاهتمام الكبير من قطاعات واسعة من المستثمرين. إن تنامي استخدام الذكاء الاصطناعي سيجعل من قطاع الصناعة أحد من أكثر القطاعات نشاطا وانتاجية فخلال السنوات الثلاث الأحيرة قامت 49% من المؤسسات البريطانية بادخال تقنية الروبوتات إلى منظومتها وشهدت هذه التقنيات استثمارات كبيرة ومتزايدة.
وفي تركيا الدولة الصناعية الصاعدة بقوة رصد تقرير مجموعة بوستن الاستشارية بالتعاون مع وكالة Turkish Industry and Business” Association ” والتي تشمل أكثر من 4000 شركة تركية ، أوضحت الدراسة أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع الصناعي التركي سيدخر على هذا القطاع 50 مليار ليرة تركية وستكون نسبة هذا الادخار من 4 – 7%.. كما أظهرت الدراسة أن تبني تركيا لفكرة المصانع الذكية ستزيد الإنتاجية في القطاع الصناعي التركي ب 3% و ستشكل هذه الزيادة إرتفاع في الدخل القومي بـ 1% أي من150 – 200 مليار ليرة تركية.
إلى أين تقودنا شركات الذكاء الاصطناعي ؟
يشكل تنامي شركات الذكاء الاصطناعي تحديات كبيرة ، حيث توصف هذه الشركة بأنها تطمح إلى تقليص نفوذ الإنسان في عمليات الإنتاج من خلال خلق آلات ومنظومات تقنية جديدة تفوق قادرة الإنسان، في دراسة أجرتها جامعة أكسفورد قبل أربع سنوات توقعت الدراسة اختفاء 47% من الوظائف الموجودة اليوم في أفق 2033. بينما قدرت مؤسسة ماكنزي للأبحاث خسائر الوظائف بسبب القطاع الصناعي بـ 5%.
هكذا تضع تقنيات الذكاء الصناعي العالم اليوم أمام تحديات كبيرة تحتاج لمعاجات سريعة وفعالة قبل أن تطغى الآلة على الإنسان في عالم تقني سريع التطور.