شهدت سوق السياحة الإسلامية نموا متسارعا خلال العقود الأخيرة ، وقد ساهم في هذا النمو زيادة الوعي بين السياح المسلمين الذين يطمحون إلى توفير خدمات سياحية تتماشي مع تعاليم الشريعة الإسلامية ، وقد دفع هذا الوعي العديد من الشركات السياحية في العالم إلى الأخذ في الاعتبار متطلبات السياحة الإسلامية ومراعاة متطلبات هذا النمط من السياحة، وقد حرصت هذه الشركات على خلق بيئة ملائمة كتوفير منتجعات سياحية غير مختلطة وفنادق لا تقدم الخمور ولحم الخزير، كما وفرت ءهذه الشركات مسابح رجالية وأخرى نسائية إضافة إلى مصليات في الفنادق وعلى الشواطئ.
يشير تقرير The State of the Islamic Economy Report 2018/2019 الذي تصدره وكالة تومسون رويترز المتخصصة في الشؤون المالية إلى أن حجم سوق السياحة الإسلامية سيسجل ارتفاعا ملحوظا ليصل 274 مليار دولار في سنة 2023 بعد أن سجل هذا المؤشر 174 مليار دولار في 2017 ، هذه الإحصائيات تشير إلى مستقبل زاهر لقطاع صناعة السياحة الإسلامية ، حيث من المتوقع خلال هذه الفترة أن يرتفع الطلب على خدمات ومنتجات هذا القطاع. تسلط هذه المقالة الضوء على قطاع السياحة الإسلامية نموه وتوسعه و التحديات التى تواجهه.
تنافس محموم على السوق
شكلت بلدان منظمة المؤتمر الإسلامي وجهة لأغلب السياح الطامحين إلى الحصول على خدمات سياحية موافقة للشريعة الإسلامية ، حيث تسهم الخدمات السياحية التى تقدمها هذه الدول إلى جذب السياح من مختلف دول العالم الإسلامي ، وحققت العديد من الدول نجاحا كبيرا في تحسين وتطوير هذا القطاع من ضمن هذه الدول : إندنوسيا ، ماليزيا ، تركيا ، وتشير الإحصائيات في هذ المجال أن تبني بعض دول منظمة المؤتمر الإسلامي لسياسات تطوير السياحة الإسلامية قد ساهم في زيادة أعداد السياح المتجهين لهذه الدول حيث تشير التقارير إلى أن أعداد السياح وصلت 174.7 مليون سائح في 2013 بعد أن كان هذا العدد 156.4 مليون سائح في 2009.
هذا النجاح جعل دول أخرى كسنغافورة وتايلند وبريطانيا وغيرها تتبني فكرة السياحة الإسلامية وتطلق برامج تسويقية خاصة بالسياح المسلمين وقد أحدث هذا التنافس أثرا إيجابيا على هذه السوق وزاد من أهميتها وتوسعها ، وبالرغم من الاستراتيجيات التي اتخذتها الدول غير الإسلامية تجاه السوق السياحية الجديدة إلا أن الاحصائيات تشير إلا أن دول منظمة المؤتمر الإسلامي لا تزال الأكثر جذبا للسياح المسلمين حيث وصل عدد السياح في هذه الدول 174.7 مليون سائح في 2013 مقابل 60.7 مليون نسمة في الدول غير الإسلامية.
تسارع الابتكارات التكنلوجية
مع تنامي وتوسع سوق السياحة الإسلامية ، بدت الشركات العاملة في مجال السياحة في استخدام أحدث الأساليب التكنلوجية وذلك من أجل تقديم خدمات سريعة وفعالة للزبناء ، فانتشرت وكالات السفر والسياحة التي تقدم عروضا خاصة بالسياحة الإسلامية وذلك عبر توفير فنادق تقدم الطعام الحلال ، وتحتوى على مصليات وأماكن الوضوء وتنبيهات مواقيت الصلاة ، من بين هذه المنصات Halalbooking وهي وهي إحدى أشهر منصات تسويق خدمات السياحة الإسلامية يوجد مقر هذه المنصة في العاصمة البريطانية لندن ويتوقع خبراء قطاع السياحة أن هذه المنصة ستحقق إيرادات تصل حدود مليار جنيه استرليني بحلول نهاية 2021، كما ظهرت منصات أخرى منها Peer to Peer وموقع Bookhalalhomes الذي أصبح موقعا عالميا معروف لتقديم خدمات السياحة الإسلامية.
كما شملت الابتكارات التكنلوجية أيضا تطوير تطبيقات الهاتف الذكي حيث أعلنت هيأة السياحة في تايلند عن تطوير تطبيق هاتفي يساعد السياح المسلمين على معرفة الفنادق والمنتجعات التى تراعي تعاليم الشريعة في خدماتها، ويقدم هذا التطبيق الهاتفي معلومات عن الخدمات حول مواقيت الصلاة ، خيارات الأطعمة الحلال وغير ذلك من الخدمات الموافقة للشريعة. وبالرغم من التطور السريع في الوسائل التكنلوجية المستخدمة لتسهيل خدمات السياحة الإسلامية إلا أن التجارة الإلكترونية لا تزال دون المستويات المطلوبة مقارنة بسوق السياحة العالمي ويرجع خبراء المالية الإسلامية هذا الضعف في التجارة الإلكترونية إلى بعض الاشكالات الفقهية المتعلقة بالتجارة الإلكترونية.
تحديات على الطريق
تواجه الدول الإسلامية تحديات كبيرة لتطوير وتحسين فاعلية قطاع السياحة الإسلامية ، وقد يتسبب عدم تذليل هذه الصعاب ومعالجة هذه التحديات إلى ضعف هذا القطاع الحيوي والمثمر ، خاصة في ظل تنافس قوي في سوق السياحة العالمي، ومن ضمن التحديات التي تواجه قطاع السياحة الإسلامية مايلي: تسارع الابتكارات التكنلوجية : يشكل التطور التكنلوجي السريع أكبر تحدي يواجه قطاع صناعة السياحة الإسلامية ، ففي عصر الثورة الصناعية الرابعة تواجه الدول الإسلامية تحديا حقيقيا في مواكبة هذه التطورات، حيث أن صناعة السياحة تتطلب تحديثيا دائما وقدرة على التماشي مع التطور الرقمي الذي يشهد العالم. إن العمل على تحديث الخدمات والحصول على المعلومة وتقديمها بشكل سريع و شفاف يعتبر حجز الزاوية في نجاح قطاع السياحة. كذلك من ضمن هذه التحديات خلق وعي عالمي حول خدمات السياحة الإسلامية حيث يوجد ملايين المسلين حول العالم ليست لديهم معلومات عن السياحة الإسلامية وبالتالي فإن خلق استراتيجيات لنشر الوعي بينهم يعتبر تحدي حقيقي لقطاع السياحة الإسلامية.
تشير الإحصائيات التي نشر مركز Pew Research إلى أن عدد المسلمين سيصل 30% من سكان العالم خلال 2050، وهو ما يجعل من السياحة الإسلامية سوقا مهما ومربحا إذا ما اتخذت هذه الدول استراتيجيات تطويرية لهذا القطاع ، هذه الاستراتيجية يجب أن تراعي كافة متطلبات هذا القطاع.