في مثل هذه الظروف التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية يتساءل البعض عن إمكانية الفرح في عيد الفطر مثلا، أو بأية مناسبة من المناسبات الدينية والاجتماعية في ظل ما تعانيه الأمة من أحداث مأساوية ستترك بصمتها على جيل الشباب –خصوصا الأطفال- الذين عاشوا في هذا الجو الكئيب مما يجعلنا بحاجة ماسة إلى اختصاصيين في علم النفس ينيرون طريق الأمل للأمة ويأخذون يبد الجيل الحالي إلى حيث الأمل والتطلع للمتقبل المشرق، فعندما يحل اليأس والتشاؤم محل الأمل تذبل أزهار الحياة .

لذا أحاول عبر هذه السطور التنويه إلى ضرورة التشبث بالأمل، وعدم الاستسلام للتشاؤم الذي يعتبر طريقا سالكا نحو اليأس وعدم النظرة الاستشرافية للمستقبل، فقد عاشت الأمة عبر تاريخها أحداثا جساما ومآسي أكبر مما تعيشه اليوم ومع ذلك ظل الخيرون منها متشبثين بروح الأمل، ولم يفوتوا مناسبة دينية أو اجتماعية تمكنهم من عيش اللحظة والفرح بها، إيمانا منهم بأن الكآبة والحزن لا يصنعان مجدا ولا يستعيدان مفقودا.

والمشكلة الكبيرة التي نعاني منها اليوم هي: تجار الكآبة والحزن الذين تعرفهم بسيماهم من أول لقاء، فتجد أحدهم عبوسا قمطريرا يتطاير الشرر من عينيه ولا يكاد يرد عليك السلام من شدة غلظته وفظاظته.

لذا أحاول عبر هذه السطور التنويه إلى ضرورة التشبث بالأمل، وعدم الاستسلام للتشاؤم الذي يعتبر طريقا سالكا نحو اليأس وعدم النظرة الاستشرافية للمستقبل، فقد عاشت الأمة عبر تاريخها أحداثا جساما ومآسي أكبر مما تعيشه اليوم ومع ذلك ظل الخيرون منها متشبثين بروح الأمل، ولم يفوتوا مناسبة دينية أو اجتماعية تمكنهم من عيش اللحظة والفرح بها، إيمانا منهم بأن الكآبة والحزن لا يصنعان مجدا ولا يستعيدان مفقودا.

تجار الكآبة والحزن

والمشكلة الكبيرة التي نعاني منها اليوم هي: تجار الكآبة والحزن الذين تعرفهم بسيماهم من أول لقاء، فتجد أحدهم عبوسا قمطريرا يتطاير الشرر من عينيه ولا يكاد يرد عليك السلام من شدة غلظته وفظاظته.

ومن المفارقات أن هذه العينة من الناس هي التي تحتكر الدين وتعتبره مجرد مظاهر، كتقصير الثوب وإطالة اللحية وحلق الشارب، واستخدام السواك في الطريق وفي كل مكان، والحملقة بعيون زائغة تجعل كل من لا يمتلك قدرا من الشجاعة يفر من أمام أحدهم، فهذه المظاهر وإن كانت سنة جميلة ينبغي على المسلمين الأخذ بها، إلا أن هذه الفئة من المجتمع تنفر عامة الناس منها ومن الدين نفسه بأسلوبهم الفظ وتعاملهم الخشن مع الجميع، علما أنك عندما تسأل أحد هؤلاء عن حكم شرعي، أو إعراب جملة لا يكاد يبين من الجهل والعياية حتى بما يعلم من الدين بالضرورة.

فقهاء البدعة

وإن تعجب من أسلوب هؤلاء فعجب أمر أساتذتهم الذين أسميهم أنا ب”فقهاء البدعة”، فهؤلاء هم مصدر كل حزن وكآبة، فمع أنهم ينسبون للفقه، إلا أنهم لم يتعلموا منه سوى فقه البدعة ومحاولة وأد روح الأمل، وقتل أسباب التجديد في الأمة، فالفرح بالمناسبات الاجتماعية في نظرهم بدعة، والذهاب للأسواق والحدائق بدعة، ومعاملة الأطفال بالرفق بدعة، والإعراب للزوجة عن الحب والحنان بعدة، والحياة كلها بالنسبة لهم بدعة، ورغم هذا هم أسرع الناس إلى الانغماس في الملذات والشهوات، فلو كان الدين يسمح بالتعدد بأكثر من أربع زوجات لرأيت أحدهم يتزوج ب 100 ولما تردد في ذلك، ولا تسأل عن انهماكهم في أنواع وأصناف المطعم والمشرب والملبس والمركب.

ومن المضحك حقا أن “خليفة المسلمين البغدادي” المتشبع بفكر البدعة وحامي حمى الحزن والكآبة والغلظة في الديار العربية عند أول ظهوره على منبر الجمعة بدا يلوِّحٌ بمعصمه الذي تحيطه ساعة من أحدث الماركات العالمية وأغلاها ثمنا.

المشكلة الكبيرة التي نعاني منها اليوم هي: تجار الكآبة والحزن الذين تعرفهم بسيماهم من أول لقاء، فتجد أحدهم عبوسا قمطريرا يتطاير الشرر من عينيه ولا يكاد يرد عليك السلام من شدة غلظته وفظاظته.

لنا في رسول الله أسوة حسنة

ونسي فقهاء البدعة وتلامذتهم أن أتقى الناس وأخشاهم لله سبحانه وتعالى كان محمدا صلى الله عليه وسلم، أرفق الناس بالناس وأحناهم على زوجة، وصغير وضعيف، لا بل إن رفقه وحنانه شمل الحيوان والنبات، فكان بأبي هو أمي دائم البشر مبتسما رفيقا رحيما بأمته وبالجميع، يسابق عائشة رضي الله عنها ويقول لها ” هذه بتلك” ويطأطئ لها رأسه الشريفة لترى احتفالات الحبشة ولعبهم بالحراب في المسجد، وقال لأبي بكر رضي الله عنه عندما دخل ووجد جاريتين تضربان بالدف يوم العيد في حجرة عائشة وهم بطردهما قائلا : أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله، فقال له صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا، كما كان صلى الله عليه وسلم يمازح الصغار ويقول لأبي عمير ” يا أبا عمير ما فعل النغير” وكان يظهر لزوجاته الطاهرات وابنته فاطمة وأحفاده من الحنان والمحبة ما لا يتخيله العقل، لهذا وصفه ربه سبحانه وتعالى بالرؤوف الرحيم، وقال له: ( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).

ولا تسأل عن رقة ورحمة صحابته ببعضهم البعض والتاريخ سطَّر صورا رائعة من لين ورحمة الصحابة فيما بينهم، فها هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تروي مشهد اللحظات الأخيرة لسيدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه وأرضاه الذي كان في خيمة داخل مسجد رسول الله بعد إصابته بجرح يوم الخندق فتقول: علمت بموت سعد بن معاذ من بكاء أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فقد كانا ورسول الله مع سعد في تلك اللحظة، فلم يرعني إلا صوت نشيج عمر رضي الله عنه وكان رجلا جهوري الصوت”.

هذه نماذج قليلة من كثير تحتاج إلى سلسلة مقالات توضح لتجار الكآبة والحزن المتدثرين بالدين أن الإسلام براء من سلوكهم، وأنه دين رحمة ومحبة وسلام، دين الأفراح والمسرات، وليس دين بدعة وحزن وكآبة وغلظة وفظاظة.

فلنحتفل بعيد الفطر وبكل المناسبات ولنجعل الأمل سيد الموقف ولنبعد عنا شبح التشاؤم، فأمة متشائمة حري أن تحصد زراعة الخيبة.