لا شك أن المسلمين جميعا يعلمون ويؤمنون بأن القرآن هو المعجزة التي خص الله بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنه فيه من العلوم ما لا تنتهي عجائبه ومن الحكم ما لا تنفد غرائبه. هذه العلوم والحكم تحتاج إلى إعمال العقل لاستخراجها، وإمعان النظر وإطالة التأمل في معانيها.

ومن الأهمية بمكان أن يدرك المسلم ثلاثة أمور تتعلق بالقرآن:

١- أن التقصير في القرآن يشمل إهمال تدبره وتأمل معانيه كما يشمل إهمال قراءته وتلاوته على حد سواء، تأمل قوله ” أفلا يتدبرون القران أم على قلوب أقفالها “. [محمد : 24]

٢- أن تدبر القرآن ليس مقتصرا على العلماء، فالقرآن لم يُنزل ليفهمه العلماء أو جهابذة اللغة فقط إنما هو لكل المسلمين على اختلاف مستوياتهم بل هو للناس كافة، مسلمين وغير مسلمين، وإلا لما كان حجة على الناس جميعا !!

فكل انسان يستطيع أن يغرف من بحر القرآن حسب علمه وفهمه واجتهاده.

وفرق بين تأمل القرآن وتدبره وهذا ماهو مطلوب من المسلمين جميعا، وبين استنباط الأحكام الشرعية والفقهية وهذا عمل العلماء والفقهاء.

٣- أن علوم القران لا تقتصر على العلوم الشرعية، وهذا يبدو مفهوما لكل مسلم، ولكن لو جمعنا كُتب التفسير لوجدنا جلها يسهب في العلوم الشرعية والأحكام الفقهية ،أما ما يحتويه القرآن من علوم أخرى فهناك تقصير بحقها، إن لم نسمه إهمالا.

يجب أن يتجه المسلمون والباحثون المتخصصون بشكل خاص إلى دراسة عميقة وتدبر أعمق لما في القرآن من علوم ومعارف أخرى، واستدراك ما قصر فيه الأولون من سلفنا إن كنا فعلا نؤمن بأن هذا القرآن هو معجزة الله الخالدة وأن حِكَمه وعلومه لاتنفد.

﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً ﴾. [الكهف : 109]