عن متى فرض الحج قال الشيخ عطية صقر رحمه الله : الحج إلى مكان مقدّس أمر معروف عند الأمم منذ القِدَم كما قال سبحانه: (لِكُلِّ أُمّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوه) (سورة الحج : 67) وكما قال { ولِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكًا لِيَذْكُروا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِنْ بَهيمةِ الأنعامِ } [سورة الحج :34 ]
والحَجّ في جَزيرة العرب عِبادة قديمة ترجع إلى عهد بناء البيت الذي جعله الله أول بيت وضع للناس، والذي رفع قواعدَه أبو الأنبياء إبراهيم ـ عليه السلام، وأمره أن يُسْكِنَ أسرته الصغيرة عنده، وأن يؤذِّن في الناس بالحجِّ استجابة لدعاء ربِّه أن يجعل أفئدة من الناس تهوي إليه ويرزُق أهله من الثمرات، وبهذا أصبح الحجّ شريعة متّبعة وموسِمًا حرَص العرب عليه ليشهدوا منافع لهم.
الحج في الإسلام
وللإجابة على متى فرض الحج ؟ نعلم أن الإسلام جاء وما يزال الحجُّ تُمارس فيه شعائره القديمة، وكان النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ يشهد الموسم كعادة العرب، وبعد البعثة عرض نفسَه على القبائل الوافدة إلى مكّة يبلغهم الدعوة، وكانت قلّة من المُسلمين تُمارِس الحج كميراث قديم ولم يكن فُرِضَ عليهم كما فُرضت الصّلاة في مكّة حتى هاجروا إلى المدينة وكانت الحروب هي التي حالت دون زيارتهم للبيت الحرام.
متى فرض الحج على المسلمين؟
لقد قال بعض المؤرخّين للتشريع: إن الحج الذي فرض بقوله تعالى: {وللهِ عَلى النّاس حِجُّ البيتِ مَنِ استَطَاع إليه سَبِيلًا} [ آل عمران : 97] كان في السنة السادسة للهجرة، وعلى أثره قام النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ وجماعة معه بالسّفر إلى مكّة لأداء العمرة، فصدّهم المُشركون وكان صلح الحديبية، وقضى الرسول هذه العمرة في السنة التالية.
متى حج النبي أول مرة؟
وقال جماعة: إن الحجّ لم يُفرَض إلا بعد السنة الثامنة، حيث فُتِحَتْ مكة وأمن الطريق الذي لم يكن آمنًا قبل ذلك، وإنّما كان فرضه في السنة التاسعة حيث أوفَد النبي ـ ﷺ ـ بعثة الحج على رأسها أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ ليؤذِّن في الناس يوم النحر ألا يحج بعد العام مُشْرِك ولا يطوف بالبيت عُريان، وكانت هذه البعثة تمهيدًا لحجّة النبي ـ ﷺ ـ حجّة الوداع في السنة العاشرة، وهي الحجّة الوحيدة التي حجها كما (رواه مسلم) وفيها نزلت آية {اليومَ أكْمَلتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا } (المائدة : 3) وأشهد الناسَ على أنه بلغ الرّسالة، وأمرَهم أن يبلِّغوها للعالم كلِّه.
كم عدد المرات التي حج فيها الرسول ﷺ؟
حج الرسول ﷺ مرة واحدة في العام العاشر من الهجرة ومعه مائة ألف أو يزيدون. روى همام بن يحيى عن قتادة قال: قلت لأنس بن مالك: كم حج النبي ﷺ من حجة؟ قال: حجة واحدة، واعتمر أربع عمر: عمرة النبي ﷺ حين صده المشركون عن البيت، والعمرة الثانية حيث صالحوه من العام المقبل، وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنيمة حنين في ذي القعدة، وعمرته مع حجته. (متفق عليه).
أنواع الحج
الحج ثلاثة أنواع بمعنى أن الإحرام يكون واحدا من ثلاثة أنواع :
- الأول يسمى الإفراد
- الثاني يسمى القران
- الثالث يسمى التمتع.
والإفراد : هو أن ينوي الذي يريد الحج من ميقاته المعروف بالحج وحده، ويقول في تلبيته لبيك اللهم بحج. ويبقى المفرد محرما حتى ينتهي من أعمال الحج .
وأما القران : فهو أن يحرم الذي يريد الحج من عند الميقات بالحج والعمرة معا، ومثل هذا يقول في تلبيته: لبيك اللهم بحج وعمرة. وهذا يلزمه أن يبقى محرما إلى أن ينتهي من أعمال الحج والعمرة معا، ويكفيه في هذه الحالة طواف واحد وسعي واحد للحج والعمرة، مثل المفرد.
وأما التمتع : فإنه يسمى تمتعا للانتفاع بأداء الحج والعمرة في أشهر الحج، والتمتع بالتحلل من الإحرام بعد أداء العمرة، والانتظار بالثياب العادية حتى يشرع في أعمال الحج. وهذا يقول في تلبيته : لبيك اللهم بعمرة.
وبذلك تعرفنا من خلال هذه المادة على متى فرض الحج على المسلمين وكم مرة حج التبي ﷺ وعلى مناسك الحج الثلاثة.