إن التعامل مع الملحدين بهدف دعوتهم تحتاج إلى معرفة بعض الأسس، حتى يستطيع المسلم المتصدي لهذا الأمر أن يحفظ نفسه من الزلل في شبهاتهم من ناحية، وأن يعرف مداخل التأثير فيهم من ناحية أخرى. وللإفادة هذه معلومات مختصرة حول الإلحاد، من شأنها أن تشكل خطة وركائز للتصدي لهذه الظاهرة، حتى نصل معًا إلى دعوة الآخر بعلم وفهم وحكمة. وهذا تعريف للإلحاد .. أسبابه أنواعه ونصائح للملحدين.
تعريف الإلحاد
الإلحاد هو مذهب فئة أنكرت وجود الله وما آمنت به، وهو صديق الجهل كما قيل: (الإلحاد صديق الجهل)؛ وهناك ملحدون لا يعترفون بإله لهذا الكون لأنهم لا يرونه، فهم لا يؤمنون بشيء غير محسوس!! رغم أن العقل البشري يعلم أن حواسنا قاصرة عن معرفة أو إثبات وجود كل شيء، ولهذا صحّ ما قال البعض عن الإلحاد: أنه عدم العلم.. لا العلم.
ولفهم قضية الإلحاد أذكر لك بإيجاز النقاط التالية:
– الملحد يقيم إيمانه على عمى، بينما المسلم يقيم إيمانه على بصيرة.
– يستند الكثير من الملحدين لقانون السببية الذي يعني أن هناك سببا من وراء كل عمل، والمسلمون يعلمون أن هذا القانون هو عمدة براهين إثبات وجود الله.
– ذكر علماء الفلسفة أن الشيء لا يكون علّة نفسه، فلا بد من وجود علّة أولى هي الله الخالق لكل هذا الوجود.
– من المعروف أن اليهود ساهموا في نشر الإلحاد خاصة في القرن السابق من خلال نشر نظريات ماركس في الاقتصاد والتفسير المادي، ونظريات فرويد وغيرها.. مستغلين محاربة الكنيسة للعلم واضطهادها له، ومما قاله دعاة الشيوعية المنهارة:
ماركس: الدين أفيون الشعوب.لينين: الإلحاد هو شيء طبيعي في الماركسية بل هو روح الماركسية.
– من خطورة الإلحاد أنه يؤدي بالإنسان إلى الكفر بيوم القيامة، وبالثواب والعقاب، وبالجنة والنار، وبكل المعتقدات والعبادات لتي بها ينال العبد رضاء ربه، وكذلك يصلح حال البشر في الدنيا، ويكفيهم عقابًا أن طمس الله على قلوبهم.
أنواع الإلحاد
1- الإلحاد الإنكاري “إلحاد كامل”:
وهو لفئة قرأت وتعمّقت في دراسة وجود الخالق لكنها وصلت إلى إنكار وجوده، وبالتالي رفض الأديان جملة وما يتعلق بها؟!! وهذا النوع مخرج عن الملة لأنه أوجب الكفر.
2- الإلحاد الرافض “إلحاد جزئي”:
وهو لفئة تعلم أن الله موجود، لكن غلبت عليها شقوتها وباتت تتصرّف كأن الله غير موجود، فتنتهك المحرّمات وتسخر من الدين.. وهذا النوع يمكننا أن نطلق عليه الإلحاد الكاذب، وهو مخرج عن الملة كذلك، غير أنه في منزلة أقل من سابقتها.
ومن هنا لا بد معرفة المخاطبين وأفكارهم للبدء منها والبناء عليها، ولا بد أيضا معرفة أسباب الإلحاد.
أسباب الإلحاد
يتعجب البعض ويتساءلون: وهل للإلحاد أسباب؟؟!!
نقول ببساطة، بما أننا بشر وتراودنا الأفكار المتناقضة فلا بد من وجود أسباب يمكن بمعرفتها أن نضع يدنا على ما نواجه به الملحدين ومنها:
1- الأهواء البشرية:
فحب الشهوات من غريزة جنسية ومال وعجب وغرور وكبرياء يجد فيها الملحد ضالته، فهو يريد أن يفرغ شهوته بدون ضوابط ولا حساب ولا عتاب، ويحب أن يجمع المال كيفما شاء وينفقه فيما شاء دون أن يجد محاسبة وتقييدا له في حياته، وحبه للظهور والخروج عن المألوف بين معارفه فيظهر نفسه كأنه الأكثر فهما وجرأة.. والكثير من الأهواء التي تعتري البشر فتوصلهم أو تسهل عليهم الإلحاد والعياذ بالله.
2- الرغبة القاصرة:
لأن الملحد عندما يخاف وجود الله يفكر في إنكاره ويصل بعدها لعدم الإيمان به.
نصائح في مناقشة الملحدين
1- لا بد لمن تصدى لمناقشة الملحدين والرد عليهم من أن يخلص نيته لله تعالى، فبها وحدها ينال الأجر والثواب العظيم من الله العلي الحكيم.
2- لا بد من ثقافة ووعي في الدين يعينه على أن يحصن نفسه بداية، وأن يعرض بعدها لغيره الحجة الدامغة والدليل القاطع على كلامه وحديثه، خاصة أن الملحد يرفض مبدأ الإيمان القلبي بوجود الله لإصراره على معرفته بحواسه.
3- لا بد من استخدام الحجة العقلية والدليل المنطقي مع الملحدين، وعلينا أن نحذر من الأساليب الفلسفية وقلب الحقائق وطرح المتناقضات.. وهذا يعني أن نبدأ النقاش مع الملحد عن سبب الوجود ومصدره، كونها أصل الموضوع؛ ثم عن صفات الموجود وهو الله؛ ثم عن الإسلام.. وهكذا حتى نصل به إلى الفهم المطلوب.
4- لا بد أن نتفق مع الملحد على قواعد للحوار بحيث لا يجوز تجاوزها، وإن وصلنا إلى طريق مسدود فيجب أن نذكر قول الله تعالى: (ومن أظلم ممَّن ذكِّر بآيات ربِّه فأعرض عنها ونسي ما قدَّمت يداه إنَّا جعلنا على قلوبهم أكنَّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقرًا وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذًا أبدًا).
5- يجب أن نتذكر دائما أن الإيمان يدخل القلب عن طريق العقل ثم يستقر في القلب عاطفة، وهذا هو أسلوب القرآن الذي خاطب العقل ولفت انتباهه ومداركه للكون والحياة، كما أنه لا يستطيع أن يقيم الدليل على عدم وجود الله لا بالعقل ولا بالنقل.
6- يجب أن نذكّر الملحد بداية أن إثبات وجود الله ليس كإثبات أن الماء يتكون من الهيدروجين والأوكسجين، فالإنسان –كما هو معروف- محدود بقدراته، كما قال أرسطو: (الإنسان كائن محدود)، وفيه نقص وضعف لا يمكّنه من أن يلم بالله عز وجل، ثم إن هناك موجودات لا نراها ولا نستطيع إثبات وجودها.
7- علينا الاستفادة من كلامه المتناقض، فقوله: أين الرب الرحيم؟ يعني أنه يثبت الله ولكنه يتساءل عن غيابه.
8- نضرب له صورًا افتراضية كالتي يطرحها، فمثلاً نقول له ماذا لو سلّمنا أن الخالق موجود، فماذا يكون بعد موتك؟ لا بد أنه سيعينك يوم القيامة إذا كنت من المؤمنين به، أما إذا ما كان هناك خالق فلن تخسر شيئًا سوى بعض الأمور التي حرمت نفسك منها في الدنيا؛ وهكذا نعرض له الفكرة تلو الأخرى لعل الله يفتح على يدينا ونجد ما نطرق به قلبه.
9- لا بد من نقض فكر الملحد قبل أن نبني أفكارنا، فنبدأ بإزالة ثقته بأفكاره وإلحاده والتدليل على وجود الخالق، ثم نتبعها بإزالة الشبهات، مع عرض صورة الإسلام الزاهية.
10- علينا أن نتذكر أن الكثير من النظريات يبنى على عدد قليل من البديهيات، ووجود الله أمر بديهي من الناحية الفلسفية، والكون وما فيه من نظام وتوافق يؤكد صحة هذه البديهية.