عبد العظيم المطعني
القاهرة – عن عمر يناهز 77 عاما رحل عن دنيانا المفكر الإسلامي د.عبد العظيم المطعني -أستاذ البلاغة والنقد بكلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية المصري – بعد صراع طويل مع مرض السكري الذي تسبب في بتر ساقيه خلال العام الأخير من حياة توجها المطعني بالعديد من المؤلفات في بلاغة القرآن ودحض شبهات المستشرقين.
وشيعت ظهر اليوم الأربعاء من مسجد النور في حي العباسية بوسط العاصمة المصرية القاهرة جنازة د.المطعني، وأمّ الناس في الصلاة عليه د. محمد مختار المهدي رئيس الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة، بحضور لفيف من أساتذة الأزهر، في مقدمتهم د.عبد المعطي بيومي عضو مجمع البحوث الإسلامية، وامتلأ المسجد بالمصلين على الفقيد حتى صار أشبه بصلاة الجمعة.
وعقب الصلاة دُفن الجثمان بمقابر الأسرة بمدينة 6 أكتوبر (جنوب القاهرة)، ومن المقرر أن يقام العزاء غدا في قاعة أبو المكارم بمدينة البعوث الإسلامية في طريق صلاح سالم بالقاهرة.
وولد د. المطعني في قرية المنصورية بمحافظة أسوان جنوبا، وبدأ حياته العملية مصححا لغويا بجريدة الأهرام الرسمية المصرية، ثم انتقل إلى التدريس بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، وتدرج في المناصب العلمية حتى حصل على الأستاذية وأُعير إلى جامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية.
فارس اللغة والدعوة
ووصف د. محمد المسير أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر د. المطعني الذي عرفه عن قرب بأنه “كان فارسا من فرسان الدعوة الإسلامية واللغة العربية، وجاهد كثيرا بعلمه وكلمته في هذين المجالين، وكان يشار إليه بالبنان ويرجع إليه في معضلات اللغة وخفاياها”.
وتابع المسير: “كما كان له مواقف مشهودة في الدعوة إلى الله عز وجل، فكتب كثيرا في الرد على المستشرقين وبخاصة بوش الجد الذي له كتاب يقدح في سيدنا محمد ﷺ، فأصدر د. المطعني كتابا للرد عليه”.
وأضاف أستاذ العقيدة: “لم يكن يصمت على ما يراه يخالف صحيح الفكر الإسلامي، حيث ألف كتابا للرد على كتاب (أبي آدم) للدكتور عبد الصبور شاهين، وكانت له جولات في إذاعة القرآن الكريم وقضى حياته كلها باسم الله وعلى منهج الله، وفي إطار الدعوة للحق، ولم يدخر وسعا في ذلك رغم ما أصابه من مرض في نهاية حياته، ومثل هؤلاء العلماء لا ينسى ذكرهم من خلال علمهم النافع”.
أما د. مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر فنعى الفقيد بقوله: “رحمه الله جمع بين العلوم العربية التي تخصص فيها وبين الأمل المرجو منها وهو فقه الإسلام، وبدأ مصححا للغة العربية في الصحف فزان صحائفها وصفحاتها، وانتهى للتدريس في الجامعة فكان شيخ شيوخها”.
وزكى د. عطية زهد صديقه الراحل وتجرده قائلا: “عهدي به أنه لم يسع إلى شهرة، ولم يسابق في ركب الأضواء، وإنما سعى إليه الراغبون في الحق فنهلوا من علمه، وعهدي به أنه كان روعة في التواضع ولا نزكي على الله أحدا، وأسأل الله تعالى أن يجعل ما درسه من علوم بلاغة القرآن الكريم في ميزان حسناته يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا”.
عطاء زاخر
وللفقيد العديد من الإسهامات في مجال الفكر الإسلامي واللغة، ففي مجال البلاغة صدر له كتاب عن “خصائص التعبير القرآني والمجاز”، وآخر كتبه في هذا المجال هو “التفسير البلاغي للاستفهام.
وفي مجال الفقه الإسلامي نشر له كتاب” الفقه الاجتهادي” ، و “حد الردة” الذي صدر إبان النقاش الذي أثير حول “قضية ردة” الكاتب الصحفي الراحل فرج فودة، وردا على رواية “أولاد حارتنا” للأديب الراحل نجيب محفوظ نشر د. المطعني “جوانيات الرموز المستعارة لكبار أولاد الحارة”.
وأتت العديد من كتب الراحل في إطار رد الشبهات عن الإسلام، فكتب “مواجهة صريحة بين الإسلام وخصومه” و “أوروبا في مواجهة الإسلام” و “سماحة الإسلام في الدعوة إلى الله”، ودافع بكتابه “أخطاء وأوهام في أضخم مشروع تسعفي لهدم السنة النبوية” عن سنة النبي ﷺ.
وقبل وفاة د. المطعني حاول أن يصدر كتابا لرصد الحالة الفكرية الإسلامية في القرن العشرين، لكن المنية قد عاجلته قبل إتمام فصوله.
كما خاض الفقيد معارك عدة لإزالة الخصومة البلاغية بين السعوديين والمجاز في القرآن الكريم، حيث استطاع أن يغير فكرة السعوديين عن “المجاز” من خلال ندوة عقدت في جامعة أم القرى بعنوان “المجاز في القرآن الكريم بين القبول والرفض”، ومن خلال كتابه “المجاز في القرآن الكريم” الذي درّسه في جامعة أم القرى.