صدر ” دليل للطيور في قطر ” في مجلدين فاخرين، أعد الدليل “توفيق يوسف القيسي”، وهو باحث فلسطيني من مواليد بئر سبع عام (1932م)، وحصل على بكالوريوس العلوم من جامعة القاهرة عام (1956م)، ثم عمل بدولة قطر، وتنقل بين العديد من المناصب فيها، وأسس النادي العلمي المدرسي في قطر، وتولَّى الإشراف عليه.
شارك في تأليف أكثر من (70) كتابًا مدرسيًّا في مختلف مجالات العلوم، وتعود أهمية هذا الدليل إلى أن دراسة الطيور صارت علمًا موضوعيًّا يستمد أصوله من الملاحظات الدقيقة، والدراسات المبنية على علوم: التشريح، والفسيولوجيا، والوراثة، والتصنيف، وأصبحت هذه الدراسات فرعًا من فروع علم الحيوان الاختصاصية يُعرَف بعلم “الأورنيثولوجي، وهو اسم مشتق من كلمة أورنيس اليونانية ومعناها طير.
ومن واقع هذه الأهمية فقد أَوْلَت جميع الأمم هذا الموضوع الممتع عنايةً بالغةً باعتباره جزءًا من الثقافة العامة لسواد الشعب؛ فساعدت عن طريق رعاية المتاحف، والجمعيات، والأندية العلمية، ونشر الكتب المُصوَّرَة على نشره، ومن هذا المنطلق جاء هذا الدليل، وخصصت مقدمة الكتاب لتاريخ الطيور وعلاقة الشعوب بها وخاصة علاقة أمتنا العربية والإسلامية لها.
واختص المجلد الأول بدراسة الطيور الجارحة؛ لما لها من اهتمام خاص في قطر، ومنطقة الخليج، والجزيرة العربية، أَتْبَعَهَا المؤلف في المجلد الثاني بدراسة وافية لباقي الطيور انطلاقًا من التصنيف العلمي السليم لها.
وتيسيرًا لقُرَّاء الدليل في تتبع، ومعرفة مواقع الطيور من التصنيف العلمي هذا؛ فقد وضع المؤلف كشَّافًا تحليليًّا يبين الرتب والفصائل باللغتين العربية والإنجليزية، كما وضع فهارسَ أبجديةً بأسماء الطيور، وألحقها بالمجلد الثاني، وقد راعى المؤلِّف في وصف الطيور الوارد بيانها في الدليل ذِكْرَ بعض قياسات جسمها لمزيد من التوضيح، ومن هذه القياسات: طول الطيور، وهو المسافة المستقيمة من طرف المنقار إلى نهاية الذنب حينما يكون الطير ملقىً على ظهره، وقد جعل رأسه ومنقاره على استقامة الرقبة.
قياسات الطيور
طول المنقار: يُقَاس طول المنقار لمعظم الطيور من حدود ريش الجبهة إلى نهاية الفك العلوي للمنقار، وذلك للمسافة المستقيمة دون أي اعتبار لتقوس الفك العلوي للمنقار.
طول الجناح: يُقَاس الجناح من موقع اتصال ريشاته بالصدر إلى نهاية أطول ريشة فيه؛ أي المسافة المستقيمة بين مطوي الجناح وأطول ريشات الجناح.
طول الذنب: يمثل طول الذنب المسافة المستقيمة بين قاعدة الريشتين المركزيتين ونهاية أطول ريشات الذنب.
علاقة الإنسان بالطيور
وبيَّن المؤلِّف في دليله أن العلاقة بين الإنسان والطيور علاقة قديمة؛ إذ كانت الطيور أول الحيوانات التي استرعت انتباه الإنسان الأول في أثناء تسخيره لقوى الطبيعة وكائناتها. وأن جهده في سبيل استثمار الطيور واستئناسها لا يقل كثيرًا عما درته عليه من نفع كبير وفائدة جمة؛ فالطيور مصدر مهم للحوم وللبيض، وهناك الريش الذي يُستَعمَل في شتَّى الأغراض، كما استُعمِل الحمام الزاجل في حمل الرسائل من بلد إلى بلد، كما استعملوه في الحروب، وهو اليوم ينقل عينات الدواء في المدن المزدحمة إلي العيادات الطبية والمستشفيات تفاديًا للزحام، واستخدم العرب وغيرهم الصقر، وبعض الجوارح الأخرى في الصيد والقنص.
الطيور الصحراوية
ومن الموضوعات الهامة التي تطرقت لها الموسوعة الملائمات الخاصة بالطيور الصحراوية؛ حيث تعيش الطيور في الصحراء في جوٍّ قاسٍ من جفاف الأرض والحرارة المرتفعة وقلة المزروعات؛ ولذا فقد اكتسبت من صفات اللون والشكل والسلوك ما يلائم هذه البيئة؛ فالمماتنة أمر ضروري لها لتحاشي افتراسها من قِبَل الحيوانات المفترسة؛ إذ إن اكتسابها لون البيئة التي تعيش فيها يجعلها سهلةَ الاختفاء عن نظر هذه الحيوانات المفترسة.
ولون الجسم الفاتح يقلل من امتصاصه للحرارة بينما اللون الداكن يقلل من تسرب حرارة الجسم، والجسم الساطع يومئ بأنه غير طيب المذاق مع احتفاظه بقدرة جذب الجنس الآخر لنفس النوع.
وتميزت طيور الصحراء بحجمها الصغير، وبقدرتها على قضاء ساعات النهار الحارة في ظل صخرة أو نبات في حين تستغل ساعات النهار الباردة في الصباح الباكر وقبل الغروب كساعات نشاط غذائي وتزاوجي. ومعظم الطيور في الصحاري العربية تستطيع العيش دون الحاجة لشرب الماء، ولكنها تشرب منه إذا وُجِدَ، فهناك كثير من الطيور تعيش معظم العام بعيدًا عن مصادر المياه.
النفط والطيور
ويرصد المؤلف في دليله تأثير صناعة النفط على الطيور في قطر. والأثر السلبي لها يتمثل في التأثير الضار المؤذي للطيور البحرية والشاطئية، وبمواطن تكاثرها عند الجزر. أما الأثر الإيجابي فقد كان أوسع وأعم؛ فقد أدى التوسع العمراني، وكثرة الحدائق، وانتشار تجمعات مياه الصرف، والعناية بالبيئة، إلي إنعاش حياة الطيور، واجتذاب كثير من الطيور المهاجرة للبقاء في المنطقة، والتوالد فيها؛ فقد سجلت في قطر طيور لم يكن لها وجود من قبل ومنها طيور:
- الزقزاق، أو القطقاط أحمر اللغد المعروف بالطيطوي المغببة، أو طباخة الفار.
- نورس السمك الكبير، أو الحريشة .
- الحمار البري أو الطوراني.
- الرفراف، أو القاوند، أو صياد السمك.
- دخلة البوص، أو هارجة القصب.
الطيور المهاجرة والمنقرضة
ويرصد المؤلف الطيور المهاجرة إلى منطقة الخليج الغربي، والتي تُعَدُّ ثروة طائلة، حيث تم حصر أكثر من مائتي نوع منها تتخذ منطقة الخليج طريقًا لهجرتها، وخاصة في فصول الذروة، والمتمثلة في الخريف وفي الربيع من كل عام. وقد لُوحِظَ أن الطيور العائدة من الهجرة في الخريف أقل من الربيع حيث تسلك طريقا في رحلة الربيع تخالف الطريق التي تسلكها في رحلة العودة في أثناء الخريف. كما رصد المؤلف انقراض بعض الطيور من قطر كالنعامة العربية والتي تُعرَف أيضًا بالنعامة الأفريقية. ويُعتَقَد أن آخر نعامة وُجِدَت في قطر اختفت سنة (1920).
خالد عزب5>