يعد كتاب الموهبة وحدها لا تكفي أبدا من أشهر كتب التنمية البشرية وتطوير الذات، ألّفه الخبير العالمي في القيادة جون سي ماكسويل. يتناول الكتاب فكرة محورية مفادها أن الموهبة وحدها ليست كافية لتحقيق النجاح أو الاستمرار فيه، بل يجب أن تقترن بعوامل أخرى مثل العمل الجاد، المثابرة، تطوير الذات، الانضباط، الإصرار، الشغف، والتعلم المستمر. يوضح ماكسويل عبر أمثلة واقعية وقصص ملهمة أن النجاح ليس حكراً على الموهوبين فقط، بل هو ثمرة التوازن بين الموهبة والصفات الشخصية والسلوكيات الإيجابية.

يركز الكتاب على أهمية المبادرة في تفعيل الموهبة، ويوجه القارئ نحو تنمية مهاراته الشخصية والمهنية والقيادية، ويحث على الخروج من منطقة الراحة وتحدي الذات باستمرار. كما يقدم نصائح عملية لتطوير العادات الإيجابية وتحقيق الأهداف، ويُعد مرجعاً لكل من يسعى للتميز والتفوق في حياته المهنية والشخصية.

المؤلف الكتاب هو جون سي ماكسويل وخبير في القيادة وتطوير الذات، ألّف أكثر من 100 كتاب تُرجمت إلى عدة لغات، ويُعتبر من أبرز المؤلفين في مجال القيادة والتنمية البشرية.

الطبعة الأولى من كتاب “الموهبة لا تكفي أبداً” في نسخته العربية صدرت عن مكتبة جرير في يناير 2009 م.

الموهبة وحدها لا تكفي

كثير من البشر ولدوا ولديهم ميزة ” الموهبة ” التى تمنحهم الفرصة ليكونوا في منزلة أفضل من الأخرين، ولكنهم للإسف قد يفقدون هذه الميزة في حال إعتمادهم بشكل كلي عليها بدلا من تنميتها، اعتقاداً منهم أن الموهبة وحدها سوف تبقيهم فى المقدمة.

وربما يغيب عن هذه الفئة الحقيقة القائلة ” أن ما يفصل الأشخاص الموهوبين عن الأشخاص الناجحين هو الإجتهاد فى العمل”، لذا فإننا في حاجة لشئ ما أكثر من الموهبة في حال رغبنا في تحقيق النجاح

والسؤال الجوهري الآن، هو لماذا نركز معظم الوقت على نقاط ضعفنا بدلا من محاولة زيادة نقاط القوة التى نتمتع بها. وإذا كنت تتمتع بالموهبة أو أحد نقاط القوة فى شىء ما، لماذا لا تحاول تنميتها حتى تصل بها إلى أقصى ما تستطيع من قوة، فالحياة ليست فرصة تظل تنتظرها حتى تأتى إليك، ولكنها إختيار يجب أن تتخذه بنفسك لتحقيق ما تحلم به. 

ما من شك فى أن وجود الموهبة لدى أى شخص ميزة كبيرة يستطيع من خلالها أن يكون فى المقدمة دائما، ولكن لكى يصل إلى ما يصبو إليه يلزمه بذل المزيد من الجهد، فلا ينبغي الركون إلى وجود الموهبة وإنما يجب أن يكون مدركا لنقاط القوة بداخله والتى يتمثل أحد مظاهرها فى الموهبة، وعليه أن يحاول في إنمائها لتصل به إلى قمة النجاح.

عناصر الموهبة الأساسية

وهناك مجموعة من العناصر الأساسية ذكرت في كتاب “الموهبة وحدها لا تكفي أبداً” تساعد على استثمار أقصى قدر من مواردنا الطبيعية وتطوير المواهب الموجودة لدينا..

وهى كالتالي :

  1. الإيمان بنفسك وبموهبتك
  2. العاطفة تزيد من طاقة موهبتك
  3. المبادرة تنشط موهبتك
  4. التركيز يوجه موهبتك
  5. التحضير يعزز من موهبتك
  6. الممارسة تشحذ موهبتك
  7. المثابرة تعلو بموهبتك
  8. الشجاعة تختبر موهبتك
  9. التعلم يوسع نطاق موهبتك
  10.  طباعك الخاصة تحمى موهبتك
  11.  العلاقات تؤثر على موهبتك
  12.  العمل الجماعي يضاعف حجم مواهبك

وسنتناول بالتفصيل هذه العناصر.

أولاً: الإيمان بنفسك وبموهبتك   

أقوى هذه العناصر هى ثقة الشخص بنفسه وبقدراته التى إذا توافرت فيه تطلق العنان للإبداع والبحث فى المصادر المحيطة به لزيادة الميزات التى يتحلى بها، وهو ما يساعده في رسم صورة لما يستطيع تحقيقه ساعياً دوماً في الوصول إليه.

وهناك مقولة للزعيم الهندي “غاندى” مفاداها: ( أن الفرق بين ما نفعله وما نستطيع فعله كاف لحل معظم مشاكل العالم) كما توجد مقولة أخرى للمخترع الشهير توماس أديسون تدعم ذات السياق يقول فيها: ( إذا إستطعنا فعل كل ما نحن قادرين على فعله فسوف نذهل أنفسنا)، فما بالنا لو اعتقدنا نحن أيضاً في هاتين المقولتين، ظني أن هذا كاف لحل معظم مشكلاتنا الفردية. وخلاصة ذلك أنه يجب علينا أولا الوثوق في قدراتنا إذا حاولنا الإتيان بما نحن قادرين على فعله.

وإذا أردنا تشبيه الحياة بدراجة بها عشر سرعات، فإن الأشخاص العاديين من راكبى هذه الدراجة لن يستخدموا السرعات العشر، معظمنا لايستخدم هذه السرعات، ولكن الناجحين فقط هم من سيحاولون إستخدامها، فالحياة ليست بهذه الصعوبة التى نرسمها لأنفسنا، وإنما تزداد صعوبة بالتعقيدات التى نضعها لأنفسنا.

والسؤال الآن: ما الذى يعيقك عن إستخدام كافة السرعات الموجودة بدراجتك، يجب أن تؤمن بما تستطيع تحقيقه، وثقتك بنفسك ستمكنك من إستخدام كافة السرعات المتاحة لك.

ولا تلتفت إلى ما يظنه الأخرون فهو لا يهمك فى شىء بل قد يأتى بنتيجة سلبية ويفقدك العزيمة فى فعل ما أنت مقدم عليه، ولا يهمك ما كنت تفكر فيه من قبل فى عدم قدرتك على تحقيق شىء ما، المهم هو ما أنت قادر على فعله الآن، وما تسعى إلى تحقيقه.

كما عليك أيضاً الإيمان بما تفعله لأنك بذلك تفجر القوى الكامنة بداخلك بما يولد لديك القدرة على تحقيق ما تسعى إليه.

 وإذا كنت تريد أن ترتفع بموهبتك إلى مستويات عالية، عليك ألا تبدأ بالإعتماد عليها وإنما على عقلك، فكر بإيجابية تجاه ما تفعله ولا تجعل نفسك أسير توقع الفشل، لأنك إذا فكرت بهذا الشكل فمن المؤكد أنك ستفشل، يجب عليك أن تملء نفسك بالتفاؤل والثقة في أنك ستنجح، وتذكر دائما أن ما يؤمن به الإنسان ينعكس عليه فى كل أفعاله.

ثانيا: العاطفة تزيد من طاقة موهبتك

ما الذى يدفع الأشخاص لتحمل المخاطر؟ وما الذى يدفعهم إلى عمل أى شىء فى سبيل تحقيق أهدافهم؟ ليست الموهبة وإنما الشغف والعاطفة التى تحرك الإنسان لفعل كل هذا، فهى التى تشعل النار بداخل كل فرد لتحقيق أهدافه، وتعطيه القوة والقدرة والطاقة اللازمة لإنجاز ما يريده، وما دام هذا الشغف موجود فلا تهتم بعدد المرات التى  فشلت بها أو عدد المرات التى وقعت بها ونهضت مرة أخرى لإكمال ما بدأته، ولا يهم أن يكون هناك أخرون يحاولون عرقلتك لكى لا تحقق أهدافك، أو عدد الأشخاص الذين يجزمون بعدم قدرتك على تحقيق هذه الأهداف.

تكشف إحدى الدراسات التى أجريت على 1500 شخص على مدى زمني بلغ عشرون عاماً لاختبار مدى تأثير العاطفة والشغف على مستقبل الانسان، حيث تم تقسيم هذا العدد لمجموعتين (أ، ب): مجموعة (أ) بلغت نسبتها 83% من العدد الكلى لهؤلاء الذين كان اختيارهم لمستقبلهم المهنى تبعا للمكان الذى يعطى عائدا ماديا أكثر متقدماً على المكان الذى يحبون العمل فيه، أما مجموعة (ب) ونسبتها 17% من العدد الكلى لهؤلاء الذين كان إختيارهم لمستقبلهم المهنى تبعا للمكان الذى يحبون العمل به أما العائد المادى فالتفكير به يأتى فيما بعد.

وقد أظهرت نتائج الدراسة أن 101 شخص من العدد الكلى أصبحوا مليونيرات وجميعهم ينتمي للمجموعة (ب) ممن اختاروا العمل فى المكان الذى يحبون.

و تذكرنا هذه الدراسة بنصيحة معروفة تقول” يجب عليك أن تبحث عن شىء تفعله فى هذه الحياة وتحبه أكثر من أى شىء أخر، وحاول أن تتقنه جيدا، يوما ما سيأتى الناس إليك مسرورن ليدفعوا إليك المال من أجله ” إن حبك لما تفعله هو المفتاح الذى يتيح لك فتح كل الأبواب المغلقة أمامك، وهذه الأبواب هى ذاتها المشكلات التى تقابلك خلال محاولتك لتحقيق ما تحلم به، والشغف بما تفعله هو الذى يشعل النار بداخلك لكى تحطم كل المشكلات التى تواجهك فى سبيل تحقيق حلمك.   

ثالثا: المبادرة تنشط موهبتك

نستطيع القول أن الخطوة الأولى فى أى رحلة هى أهم الخطوات. والأشخاص الموهوبون الذين يريدون بلوغ القمة لا ينتظرون من الظروف المحيطة بهم أن تكتمل لكى يباشروا أعمالهم كما أنهم لا ينتظرون المشاكل التى تحيط بهم أن تحل من تلقاء نفسها، ولا ينتظرون أن تبدد مخاوفهم التى نسجها الأخرون في عقولهم أو هم وضعوها لأنفسهم لكى يحاولوا تحقيق أحلامهم، وإنما يجب أن تكون المبادرة نابعة من داخلهم. فلا تدع الخوف من الفشل أو أى سبب آخر يجبرك على التراجع عن أخذ المبادرة فإن الخوف شىء طبيعى، ولكن أن تدع الخوف يثنيك أو يجعلك تتراجع عن بدء شىء تريده فهذا شىء آخر. ونحن جميعا تتولد لدينا بعض المخاوف عند الاقدام على شئ ما جديد، ولكن السؤال هنا إذا ما كنا نستطيع التحكم بمخاوفنا أو نتركها لكى تتحكم بنا فالأشخاص الذين عندهم الجرأة لأخذ المبادرة، ويعملون بجد وإجتهاد من الممكن أن ينجحوا، ومن الممكن أن يفشلوا ولكن الأشخاص الذين لم يستطيعوا أخذ المبادرة فأنا أضمن لهم الفشل، فهناك أشياء كثيرة يجب على الإنسان عملها أياً كان الميدان الذي يقف فيه:

 هناك قرار يجب أن تأخذه، ومشاكل يجب حلها، ومشروع عليك أن تبدأه، وهدف عليك الوصول إليه، وفرصة عليك إنتهازها، وحلم عليك تحقيقه. وللخوض فى هذا كله كان لزاماً عليك أخذ المبادرة التى تضعك فى بداية الطريق المؤدى لتحقيق حلمك.  

وفي هذا الإطار، تم تقسيم الأشخاص من حيث قدرتهم على إتخاذ المبادرة إلى أربعة أنواع وهم كالتالي:

  1. أشخاص يفعلون الصواب دون أن يخبرهم أحد أن يفعلوه
  2. أشخاص يفعلون الصواب عندما يخبرهم أحد أن يفعلوه
  3. أشخاص يفعلون الصواب عندما يخبرهم أحد أن يفعلوه أكثر من مرة
  4. أشخاص لا يفعلون الصواب نهائيا

فإذا كنت ممن يبغون الوصول إلى القمة يجب أن تكون من النوع الأول..  ولكن لماذا لا يفعل كل فرد منا ذلك؟ أعتقد أن هناك أسبابا متعددة منها الآتى:

  • الإنتظار إلى أن يقدم لنا شخص آخر الحافز الذى يجعلنا  نقدم على عمل شىء ما
  • الإنتظار إلى أن تكون الأمور من حولنا مكتملة بدون أى مشاكل أو صعاب تواجهنا

لقد قال الفليسوف اليونانى سقراط ” لكى نحرك العالم من حولنا يجب علينا أولا أن نبدأ بأنفسنا ” فما الذى ننتظره لكى نأخذ المبادرة لتحقيق ما نحلم به؟ 

رابعا: التركيز يوجه موهبتك

هل راقبت أطفالا صغارا يلعبون من قبل ورأيت كيف يلعبون؟ إنهم ينتقلون بسرعة من لعبة إلى أخرى ومن نشاط لآخر، إنهم يهدرون جزءا كبيرا من طاقتهم ولكنهم لا يكملون لعبة محددة إلى آخرها، هذا السلوك متوقع من الأطفال فهم ما زالوا يكتشفون العالم المحيط.

ولكن التركيز شىء أساسى لمن يمتلك الموهبة ويريد الإستفادة القصوى منها، لذا يجب عليه أن يتبع الآتي:

  • يجب أن تحسب جميع أفعالك قبل أن تأخذ الخطوة الأولى، وأن تحدد هدفك وكيفية الوصول إليه
  • يجب أن تتحدى جميع الصعوبات التى تواجهك، فكلنا لدينا ما يكفى من صعوبات تمنعنا من أداء ما نحن قادرين على عمله، فليس هناك وقت كاف، وليس هناك مصادر كافية، وليس هناك مساعدات كافية من الأخرين فكل فرد منا عنده ما يكفى من المشاكل والصعاب التى تحاول تعجيزه عن تحقيق هدفه، فهل ندع هذه العوائق أن تخرجنا عن الدرب الذى رسمناه لأنفسنا؟ أعتقد أن الإجابة هى (لا)
  • لا تدع ما حدث بالأمس يؤثر على أحداث اليوم فما حدث بالأمس قد حدث ولن تستطيع تغييره ولكن الأهم هو ما تستطيع تحقيقه اليوم
  • يجب أن تركز على النتائج الجيدة من عملك ولا تفكر فى الصعوبات المصاحبة لهذه النتائج وإلا أصابك الإحباط نتيجة التفكير فى هذه الصعاب التى واجهتك وستصبح مشتت التفكير بدلا من أن تكون كامل التركيز فى هدفك
  • يجب عليك تحديد أولوياتك، كما ينبغي عليك تطويرها فهناك قول قديم يفيد بأنك إذا طاردت أرنبين لن تستطيع إصطياد أيهما لذلك يجب عليك تحديد أولوياتك، وتركز عليها وعدم تشتيت نفسك فى أمور كثيرة لإنك بذلك تقضى على أى فرصة فى تحقيق هدفك فى أى منها:
  • يجب أن تركز على نقاط قوتك عوضا عن التركيز فى نقاط ضعفك
  • لا تكافئ نفسك حتى تنتهى من عملك فمعظم الأشخاص الآن يريدون أن تتم مكافأتهم على عمل لم يتم إنجازه بعد. فإذا كنت تريد المكافأة فيجب أن تحصر تركيزك فى إنهاء هذا العمل كاملا أولا ثم بعد ذلك تستطيع الإحتفال كما شئت بما حققته من إنتصار.  

خامسا: التحضير يعزز من موهبتك

ما الذى يحدث إذا لم يكن هناك تحضير لما ستفعله؟ ستجد أن المشاكل والصعاب التى كنت تأمل ألا تواجهها تحدث بل إنها ستكون أكثر من النتائج الجيدة التى تأمل حدوثها والسبب بسيط لأن عدم الإستعداد يكون دائماً السبب الرئيسى لفشل معظم المشروعات. لذا يجب علينا أن نسأل أنفسنا بعض الأسئلة قبل البدء فى أى مشروع:

  • ما هو العمل الذى أنوى الخوض فيه
  • ما هى الطريقة التى أستطيع إستكمال العمل بها
  • ما هى البيئة المناسبة لإنهاء هذا العمل
  • ما هى السرعة المناسبة لإنهاء هذا العمل
  • ما هو الهدف المراد تحقيقه من هذا العمل
  • متى أستطيع الإنتهاء من هذا العمل

 عند الانتهاء من الإجابة عن هذه الأسئلة سوف تكون مستعدا لتحقيق ما تريد عمله، وتستطيع الإستفادة من موهبتك الإستفادة القصوى التى تحقق لك الهدف الذى تريده، لأن كل دقيقة تقضيها فى التحضير والإستعداد لعملك توفر لك عشر دقائق وقت التنفيذ:

ابدأ دائما بالتقييم، يجب عليك أن تحدد أين تريد الذهاب بموهبتك، وما هى الأشياء التى ستقودك لهدفك، فعملية الاستعداد والتحضير تبدأ دائما باستنباط الهدف الصحيح الذى تصبو إليه، أحرص على أن يكون ما تنوي القيام به يتناسب مع مؤهلاتك وموهبتك، فمن المهم أن تعلم ما هى مهاراتك، وما هى العوائق التى قد تمنعك من المضى فى طريقك لتحقيق هدفك، وأخيراً يجب عليك أن تكون مستعدا لكل ما يستجد من ظروف.

سادسا: الممارسة تشحذ موهبتك

إن الموهبة تولد مع الشخص لا شك فى ذلك، فهى نعمة على الشخص الموهوب، ولكن هناك العديد من الأشخاص الموهوبين لم يكتشفوا مواهبهم حتى مماتهم، والسبب عدم دخول مواهبهم نطاق الممارسة، فالممارسة تصل بنا لإكتشاف جميع القدرات الداخلية لدينا، بل وتمكنا من تطوير أنفسنا.

 وعلى سبيل المثال: تستطيع تحسين قدرتك فى العزف على آلة الجيتار من خلال الممارسة والتدريب عليه، بل وتستطيع الحصول على قدرات جديدة من خلال التدريب على آلة جديدة مثل الكمان والبيانو، كما تستطيع أن تكون سباحا ماهرا من خلال الممارسة والتدريب.

والممارسة تقودك أيضا إلى إكتشاف المزيد عما تخفيه بداخلك من مواهب ربمالم تكتشف بعد. وأعلم أنك لن تستطيع أن تكتشف قدراتك أو أن تطور مهاراتك فى بيئة لا تسمح لك بارتكاب الأخطاء، فالتطور من خلال الممارسة يتطلب دائما درجة من درجات الفشل ولا تخشى أن تبذل قصارى جهدك فى شىء يبدو للأخرين شيئا صغيرا لايستحق العناء فكلما استطعت تحقيق شئ ما ولو كان صغيراً، كلما اكتسبت قوة وثقة بالنفس.

وهناك بعض العناصر التى يجب أن تتوافر فى الممارسة والتدريب:

  • يجب أن يكون لديك هدف واضح تسعى إليه من وراء الممارسة والتدريب
  • التدريب مع قائد جيد يستطيع إظهار المواهب والميزات الموجودة بداخلك، كما يستطيع أن يزودك بالمعلومات الصحيحة
  • يجب عليك بذل قصارى جهدك، فليس هناك فائدة ترجى من مساعدة أحد لا يريد مساعدة نفسه

سابعا: المثابرة تعلو بموهبتك

من الضروري أن تثابر من أجل إنهاء الشىء الذى بدأته، يجب عليك تحقيق عملك وإنجازه حتى النهاية، فاجتياز مرحلة البدء ليس دائماً الطريق المؤدى لتحقيق حلمك وإنما لابد من أن يمتد عملك إلى مستوى المثابرة حتى تنهيه وتنجزه. والموهبة تعطى الأمل لصاحبها، وتمنحهه الشعور بأنه قادر على إنهاء عمل أرسى قواعده، أو على الأقل هي تعضد هذا الشعور، وإذا كنت ممن يريدون الإستفادة القصوى من مواهبهم، يجب عليك فهم الآتى:

  • المثابرة تعنى النجاح لأنك حددت الدرب الذى تنوى خوضه وقررت الأصرار على إنهائه مهما كانت العواقب 
  • بالمثابرة سوف تعرف أن الحياة ليست مجرد مضمار سباق طويل ولكنها مجموعة من الحلقات لسباقات صغيرة تستطيع تحقيق النجاح فى كل حلقة منها حتى تصل إلى ما تريد 
  • معظم الفشل الذى يحدث فى الحياة يكون لأشخاص لم يستطيعوا إدراك مدى قربهم من النجاح ولذلك فإنهم يستسلموا للفشل
  • يجب أن تعلم أن حلاوة النجاح سوف تأتى لتغطى مرارة العقبات والمشاكل التى اعترضت الطريق المؤدى إلى تحقيق حلمك
  • إذا فعلت الصواب كل يوم، وعملت بجد، وعاملت الآخرين بالإحترام الواجب لهم، وتعلمت جديد كل يوم، فأنت بذلك تستثمر فى نفسك، فالأحلام تصبح حقيقة ما دام هناك إلتزام من ناحيتك تجاه تحقيقها

وللمثابرة خمسة أعداء اجتهد في تجنبها حتى تستطيع تحقيق النجاح:

  • أن يكون نهج الحياة هو الإستسلام
  • الإعتقاد الخاطىء أن الحياة يجب أن تكون سهلة وغير معقدة وبدون عقبات
  • الإعتقاد الخاطىء أن النجاح هو النهاية الحتمية لما تفعله، وإذا فكرت بأنه لا يلزمك العمل بعد الآن لإحراز التقدم فإنك بذلك على طريق الفشل
  • إنعدام المرونة، فلن تستطيع تحقيق الكثير فى هذه الحياة إذا كنت تعمل فقط فى الأيام التى تشعر فيها بأنك فى أحسن حال وأنك قادر على العطاء 
  • إنعدام الرؤية، يجب عليك أن ترى بعقلك ما الذى يتوجب عليك فعله لتحقيق أحلامك

 ثامنا: الشجاعة تختبر موهبتك

يعتقد كثير من الناس أن الشجاعة لا تنبع من الإنسان إلا فى حالات الخطر الشديد كالحروب والكوارث. والحقيقة غير ذلك، إذ إنها تمثل ميزة يومية فى حياتنا لا يتطلب وجودها أن تكون محاربا أو مقاتلاً، حيث إنها تسكن كل الموجودين حولك، فهي موجودة فى المعلم والكاتب والكيميائى، وبالتالي في نفسك أيضاً وإذا أردت أن تتتبع آثارها، ستجدها كل يوم فى موقف إتخذته أو فى مقولة سمعتها من شخص آخر، ستجدها فى أشياء كثيرة تتكرر يومياً، فالشجاعة إذاً ليست مجرد واحدة من الفضائل، ولكنها تشكل كل ميزة من مزاياك توضع فى موضع إختبار، وإذا أردت أن تصبح شخصا أكثر جرأة عليك إتباع الآتى:

  • ابحث عن الشجاعة والجرأة بداخلك، فهى تأتي من الداخل، وتبدأ كقرار نتخذه، حيث ينمو وكأنه إختيار علينا إتباعه، لذا يجب عليك أن تكون أكثر جرأة في اتخاذ قراراتك
  • حاول إنماء الجرأة الموجودة لديك عن طريق الاعتياد على الإتيان بالافعال الصحيحة وتجنب الخاطئة
  • اتخاذ خطوات صغيرة جريئة فى حياتك يجعلك قادر على إتخاذ خطوات أكثر جرأة فى المستقبل 
  • عليك الاعتراف بأن مكانة القائد لا تعطى الشجاعة والجرأة ولكن الشجاعة هي التى تصنع منك قائدا
  • يجب أن توسع آفاقك مع كل تصرف شجاع ينبع من داخلك

تاسعا: التعلم يوسع موهبتك

إذا كنت من الأشخاص الموهوبين فربما تعانى أوقاتا صعبة في حال احتجت لتعلم شئ ما جديد.. لماذا ؟ لأن الأشخاص الموهوبين غالبا ما يعتقدون في أنهم يعلمون كل شىء وأنهم ليسوا بحاجة للتعلم، لذا تتولد لديهم الرغبة في عدم التعلم ومعرفة أشياء جديدة، إذ يعتمدون في أغلب الأحوال على مواهبهم ويجدون صعوبة فى محاولة توسيع وتطوير هذه الموهبة.

ولابد وأن تعرف أن التعلم ليس فقط لزيادة الكفاءة والقدرة العقلية للشخص وإنما أيضا لتطوير الشخصية، إذ أن الرغبة فى الإستماع والتعلم وطلب المعرفة بل والنهم فى إكتشاف آفاق جديدة يوسع من نطاق الموهبة، فعليك أن تكون متقبل للتعلم فى أى وقت وربما من أشخاص أقل منك قدراً وخبرة، فقد تجد ما تسعى إليه عند أحد الأشخاص الأقل منك فى الموهبة والشأن لذلك يجب عليك فهم الآتى:

  • يجب أن تسأل نفسك هل أنت محب للتعلم؟ هل هناك إمكانية لديك لتعلمك المزيد أم أنك تركن إلى وجود موهبتك وفقط؟ هل أنت منفتح على أفكار الآخرين أم متشدد فى أفكارك ولا تقبل بالجديد؟ هل تسمع أكثر مما تتكلم؟ هل أنت مستعد للإعتراف بأخطاءك؟ هل عندك الإستعداد لكى تسأل سؤال ينم عن جهلك بمعلومة ما؟ هل عندك الإستعداد لعمل أشياء لم تفعلها من قبل؟
  • لن تكون الأشياء كلها واضحة بالنسبة إليك، ستجد بعضها صعب الفهم ومبهم، لذا عليك فهم طبيعة عملية التعلم، وعليك النظر إلى أخطائك وتقيمها ثم أبحث عن طريقة لمعالجة هذه الأخطاء
  • تعلم كيف تصغى إلى الآخرين، حيث إنك لا تستطيع التعلم ما دمت تتحدث طوال الوقت دون أن تدع الفرصة للآخرين للكلام، وتذكر دائما أن هناك سبب مهم جدا لإمتلاكك فم واحد وأذنين، فيجب أن تبقى صامتا غالبية الوقت وأن تصغى للآخرين كلما كان ذلك مطلوباً، بذلك يمكنك أن تتعلم كل يوم شيئا جديدا يتيح لك فرصة توسيع نطاق موهبتك

عاشرا: طباعك الخاصة تحمى موهبتك

كثير من الأشخاص الموهوبين يحاولون وضع موهبتهم تحت الأضواء، ولكن الأشخاص ذوى الشخصيات الضعيفة الذين أهملوا تطوير وتحسين أنفسهم لن يستمتعوا بخروج مواهبهم من مكامنها إلى النور لأن الفرد منا لايستطيع أن يتسلق الحدود والعقبات التى وضعتها شخصيته الضعيفة أمامه، فالموهوبون موجودون فى هذا العالم لإحداث فارق نشعر به، فهم هبة من الله إلى هذا العالم، ولكن طبيعة شخصية الموهوب قد تمنع هذه الهبة من الوصول إلينا. لذا تذكر دائما أن الموهبة هى هبة من الله من الممكن أن تمتلكها أو لا يكون لك حظ فى امتلاكها، ولكن تبقى الطباع الشخصية محض إختيار في حال كنت تريدها يجب عليك تطويرها. كما يجب عليك دائما أن تسأل نفسك هل أنا مقدم على فعل الصواب؟ فإذا كنت تشك في أنك مقدم على الاتيان بتصرف خاطئ فوجه إلى نفسك الأسئلة التالية:

  • هل أخفى شيئاً ما بداخلى؟
  • هل أحاول جرح شخص ما؟
  • كيف سيبدو هذا العمل من وجهة نظر الآخرين؟
  • هل أنا قادر على مناقشة هذا العمل وجها لوجه مع الاخرين؟   

وإذا فعلت الصواب ولم يساعدك على تقدم وتطوير موهبتك على المدى القريب فتأكد أنه يحميك ويخدمك على المدى البعيد.

يجب عليك أن تتحكم فى حياتك، حيث إن ضعاف الشخصية دائما ما يلومون الظروف من حولهم على حظهم العثر، تارة يلقون باللوم على الصعوبات المادية، وتارة على وحشية الآخرين فى التعامل معهم، أو ربما يقولون بأن ظروف الآخرين جعلتهم ضحية لها.

يجب أن نقر بأن الحياة بها أشياء كثيرة لانستطيع التحكم بها، والكثير من الظروف فى هذه الحياة لانستطيع السيطرة عليها، ولكن في ذات الوقت لديك شخصية تستطيع الإعتماد عليها دائما، فشخصيتك دائماً من إختيارك.

الحادي عشر: العلاقات الخاصة تؤثر على موهبتك

تذكر أنك دائما تملك الإختيار فى كل ما تفعله فى حياتك لذا فإن إختياراتك هي التى تصنعك، ولا يوجد شىء يؤثر على موهبتك أكثر من العلاقات التى حولك، فإذا إلتف حولك مجموعة من الناس ممن يضيفون لشخصيتك ويشجعونك ويشجعون موهبتك فسوف تذهب في الإتجاه الإيجابى، ولكن إذا حدث العكس وإلتف حولك مجموعة من الفاشلين فتأكد من سقوطك القريب فى بئر الفشل، فالناس يتوجهون نحو النجاح والفشل تبعا لعلاقاتهم وقدر تأثيرها عليهم، فالعلاقات فى حياتنا إما أن تعلو بنا إلى عنان السماء أو تخفضنا إلى أدنى نقطة فى الأرض، إما أن تدعمنا أو تكسرنا، إما أن تضيف إلينا أو تأخذ منا، إما أن تساعد فى إعطائنا الطاقة اللازمة لمواصلة الحياة أو تأخذها منا بدون رجعة.

وهناك طريقتان لمعرفة تأثير علاقة شخص ما بك، وما إذا كانت العلاقة إيجابية أم سلبية، الأولى إذا كان الشخص يجعلك تشعر بأنك فى تحسن مستمر أم تدهور مستمر، الثانية هى مدى الطاقة التى يمدك بها هذا الشخص أو يمتصها منك.

 وإليك ما يجب عليك فعله:

  • عليك تحديد الاشخاص المؤثرين فى حياتك الذين تقضى معهم معظم الوقت ورأيهم يعنى الكثير لديك
  • يجب أن تقيم كلا منهم على حدة إذا كان تأثيره فى الإتجاه الصحيح أم الإتجاه الخاطىء
  • إذا اكتشفت أن أصدقائك ليسوا أصدقاء حقيقيين، فعليك البدء بعمل صداقات جديدة     

الثاني عشر: العمل الجماعي يضاعف موهبت

وأخيراً ، نتوقف عند مقولة أحد الأدباء الذي يصف حاله مع زوجته: ” إن بها نقاط ضعف وأنا بى نقاط ضعف، ولكن معا لا يوجد نقاط ضعف ” وهذا هو التعبير الأشمل لكلمة فريق العمل فمهما كنت موهوبا فلابد من وجود نقاط ضعف لديك، أشياء لا تستطيع إجادتها، وأحسن طريقة لمعالجة نقاط ضعفك؟ هى أن تشترك مع فريق عمل يستطيع التعامل مع هذه النقاط، وإذا كنت تريد أن تنجز شيئا كبيرا ومهماً، فيجب عليك أن تكون فرد من أفراد فريق العمل.

خلاصة كتاب “الموهبة وحدها لا تكفي أبداً”

  • الأصعب من النجاح هو المحافظة على هذا النجاح.
  • الموهبة هى نقطة الإنطلاق للنجاح ولكنها ليست كافية للحفاظ عليه.  
  • إذا وضعت القيود أمام ما تريد فعله فأنت بذلك تضع القيود أمام ما تستطيع فعله.
  • الموت ليس أعظم خسارة فى الحياة فإن أعظم خسارة هو ما يموت بداخلنا ونحن أحياء. 
  • إذا كنت تريد النجاح يجب أن تركز على ما تستطيع فعله.
  • الطريقة المثلى لتحسين عمل الفريق هو أن تبدأ بتحسين نفسك.
  • القيادة هى التعبير عن الشجاعة بأن تجبر الأخرين على عمل الأشياء الصحيحة.
  • تذكر دائما أن كل شىء نعرفه تعلمناه من شخص آخر.
  • العلامة المميزة للمجتمع ليست عدم وجود الصراع بل هى وجود روح التصالح بين أفراد المجتمع.   
  • لن تستطيع التنصل من مسئولية الغد بتجنبها اليوم.