لا شك أن المرأة من الأهمية بمكان في حياة الأسرة قديماً وحديثاً، فهي الركيزة الأساسية للبيت، فيصف الله بيت الزوجية ببيت المرأة بقوله ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ﴾(الطلاق: 1) فلم يقل الرحمن (بيوتكم) وقال في آية أخرى، ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ (الأحزاب: 33) مما يدل على أن بيت الزوج هو بيت الزوجة كذلك.
وقد جاء وصف المرأة في القرآن بصفات عديدة (أطلق عليها الحركات الأنثوية)، فنراها تمشي على استحياء، ونراها صكت وجهها، ونراها مرسلة بهدية، ونراها كشفت عن ساقيها، ونراها قائمة فضحكت، ونراها تجادل عن زوجها، ونراها وهبت نفسها للنبي، ونراها قائلة ﴿ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾ (القصص: 9) ونراها قد أصبح فؤادها فارغاً، ونراها ومن معها قد قطعن أيديهن. وغيرها من الآيات التي تدل على طبيعة المرأة وشخصيتها.
ولا ننسى وصف الله سبحانه وتعالى لها بقوله ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾ (الزخرف: 18). فهذه المرأة بهذه اللطافة والرقة يراد لها للأسف أن تتخلى عن فطرتها وتخرج من رقتها وحيائها وعفتها.
وقد فضلت المرأة على الرجل بأنها قدمت عليه تحت قوله تعالى ﴿يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴾ (الشورى: 49) وفضلت عليه بقوله ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾ (آل عمران: 36) فحسب قواعد اللغة العربية المشبه به أفضل، وفضلت عليه بقوله ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى﴾ (النحل: 58) فهي بشارة سماوية، وفضلت عليه أنها خلقت من بشر ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾ (النساء: 1) وهو خلق من طين، وفضلت عليه أن التكليف كان عليها أخف، فرغم أن حواء أكلت من الشجرة مع آدم، لكن المعصية سجلت بحق آدم دونها ﴿وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ﴾ (طه: 121).
كما نرى التعامل اللطيف للقرآن الكريم مع المرأة، فنراه يحض الرسول ﷺ على إكرام أزواجه ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آَتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ﴾ (الأحزاب: 51)، ونراه كذلك مع أم موسى عليه السلام ﴿كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ﴾ (طه: 40) ونراه كذلك مع مريم عليها السلام ﴿فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي …… فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ﴾ (مريم: 24-26).
ومع ما تقدم (وبرأيي المتواضع) فإن المرأة بدأت تأخذ منحى آخر في عصرنا الحالي، فالتلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي -على سبيل المثال- أثرت فيها كثيراً وجعلت منها قليلة العمل عبئاً في بعض الأحيان على الأسرة، شحيحة الإنتاج، ناهيك عن المؤامرات التي تدار حولها، مما أدخل عليها الكثير من الأفكار المشوهة، حتى أضحى بعض المحسنات يرون أن الرجل قد أخذ بعضاً من حقها وترى المسيئات منهن أن الإسلام هو من قد هضمها حقها.
وأدت هذه الأفكار المشوهة إلى بروز الكثير من المشاكل الأسرية حتى أصبح الطلاق ظاهرة إجتماعية خطيرة. وبرزت هذه الأفكار المشوهة عند تركيز بعض النساء على حقوقهن فقط دون النظر إلى واجباتهن، فالإسلام شريعة متكاملة قد أوصى بالنساء خيراً وقد أوصى النساء أيضاً.
ومما ساعد في المشكلة أيضا هو التطور التقني الذي نعيش فيه، فالأجهزة الكهربائية في المنزل ساعدت المرأة كثيراً كالثلاجة والغسالة والطباخ والمكنسة الكهربائية وغلاية الماء والعديد من وغيرها، وكانت المرأة في السابق (عند خروج زوجها من الصباح حتى المساء) تجمع الحطب وتحضر الماء وتحلب الماشية وتوقد النار وتذبح الشاة وتقطعها وتطبخها، بينما أضحت الان في بحبوحة في عملها من جعل بعض منهن قليلة العمل كثيرة الكسل.
أخيراً، إن الحديث عن حواء لا ينفك عن الحديث عن آدم، فالغرض الرئيس هو إبراز دور كل منهما الإنساني في القيام بواجب الاستخلاف، وتكامل دورهما في إداراة شئون الحياة، ورغم أننا أشرنا إلى تفضيل المرأة على الرجل في الأعلى، لكن الرجل أيضا فُضِّل على المرأة بنواحٍ أخرى، فتفضيل الرجل على المرأة واضح في الشرع لكن بنفس الوقت فإن هذا التفضيل ليس تفضيل إنساني بل لغرض إدارة شؤون الحياة، فهو تقع عليه المسؤولية الكبرى، فكما أن هناك العديد من النصوص التي تنص على طاعة ولي الأمر، ليست محاباة له بل إن عليه مسؤوليات كثيرة والعبء الأكبر والحساب الأشد، كذلك الرجل فهو ولي الأمر في بيته فعليه مسؤوليات أكبر، فلزوم طاعة الرجل وإدخال السرور إليه وحسن معاملته ليست محاباة للرجل بل هو الطريق لاستقرار البيت والمحافظة على الأسرة.
انكسار المرأة وإعطاء أفضلية للرجل مدعاة لإدامة عجلة الحياة، كالقارب الذي يخوض في الأمواج فإذا كان القائد حكيما أمكنه الوصول إلى بر الأمان حتى إن أخطأ وسلك طريقاً طويلاً لكنه سيصل قريباً إلى بر الأمان أما إذا كان لدينا قائدان أفقداه السيطرة وأوشك على الغرق، (… فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا) (صحيح البخاري) .