إن هذا الدين أمانة في أعناقنا ومن واجب الدين علينا تحقيق ما بدأه آباؤنا من قبل والسير على نهجهم في دعوة البشر إلى دين الله ولذلك  فإن دعوة غير المسلمين مطلوبة تجاه من يأتون إلى بلاد المسلمين , وقد قام صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم بحمل لواء الدعوة من بعده، فأدوا ما عليهم خير قيام، ففتحوا البلاد ودانت لهم الدول والممالك واليوم نرى آثارهم من حولنا فنجد الإسلام قد انتشر في بقاع الأرض شرقًا وغربًا شمالاً وجنوبًا.

 

وما كان هذا ليحدث لولا جهود السابقين وتضحياتهم الجسيمة في سبيل الدعوة لدين الله، وقامت كثير من الدول الإسلامية وخاصة دول الخليج بإنشاء مكاتب خاصة للقيام بدعوة  الجاليات مثل مركز ضيوف قطر للتعريف بالإسلام بقطر والمكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات في السعودية , وهي تختص بدعوة الجاليات غير المسلمة إلي الإسلام أوتعليم المسلمين منهم بأمور دينهم وما يشكل عليهم  وهذا مانحاول أن نتعرف عليه في هذا التقرير .

 

فالأهداف التي قامت عليها مراكز ومكاتب دعوة الجاليات  كما يلي:

  1. دعوة الجاليات غير المسلمة إلى الإسلام وبيان مزايا الدين الإسلامي .
  2. توعية المسلمين غير الناطقين بالعربية، وإرشادهم إلى أمور دينهم .
  3. رعاية شؤون المسلمين الجدد ومساعدتهم.
  4. ترجمة خطب الجمعة والمناسبات المختلفة.
  5. إعداد الرسائل والكتيبات للترجمة والطباعة.

 

وبالنظر إلي واقع مكاتب دعوة الجاليات نجد أنها تقوم بدورها لكن ليس بالشكل المطلوب وتحتاج إلى تطوير وإعادة هيكلة وتنظيم وترتيب الصفوف من ثلاثة أوجه :

 

الوجه الاول رغم أن بعض المكاتب لها جهود جبارة وقوية إلا أن هذا التميز  كان في مجال التعريف بالإسلام  أما جانب المتابعة والرعاية للمسلمين الجدد فبه قصور شديد  . فنحن نسعد بالنتائج المثمرة  في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام, إلا أنه هذا المهتدي الجديد  يحتاج إلى من يوجهه وينصحه ويعلمه مبادئ دينه الجديد، فإن لم يجد من يرعاه في ذلك  فقد يصبح فريسة سهلة  للوقوع في براثن  الارتداد البغيض.

 

فأعمال رعاية المهتدي الجديد هي الشق الآخر من أعمال مكاتب دعوة الجاليات، وهي ليست معدومة لكنها شبه مختفية، فالمهتدي  الجديد يحتاج دائما لقرب الدعاة  للنصح والتوجيه والتعليم, ولكن قلما  تكون هناك لقاءات  دورية،  وذلك لأن برامج متابعة المهتدين ورعاية المسلم الجديد  قائمة علي العشوائية،  فمهما كانت البرامج التي تقدم لرعاية المسلم الجديد متميزة فإنها لا تصل إلي المستهدف الحقيقي المتوقع في حينه وإنما  تعتمد علي استهداف  المهتدي المتوفر  المتاح وصوله لمكاتب الجاليات أو يسهل الوصول إليه, في حين يظل المهتدي الأشد احتياجا للرعاية والمتابعة  خارج التغطية, وهذا ليس ذماً لهم أو تنقيصا من عمل تلك المكاتب،  بل هو لشحذ الهمم من أجل تكثيف الجهود  للإبداع وابتكار وسائل جديدة  عبر أفكار يمكن تجميعها عن طريق استبيانات توزع علي الدعاة والمنسقين و المهتدين فمن المؤكد أنها تحمل مايعود بالخير علي المهتدي الجديد.

 

الوجه الثاني إن برامج متابعة ورعاية المسلم الجديد تتم في إطار مؤسسي، والمؤسسات لكي تقدم رسالتها فلابد من توافر الإمكانات المادية، والواقع يبين أن مكاتب دعوة الجاليات  تترنح بين شح الموارد وضعف الإمكانات  لأنها تعتمد بالدرجة الأولى على التبرعات والصدقات والهبات التي ترد إليها من أهل الخير الأمر الذي يجعلها في أحيان كثيرة تعاني من نقص الموارد المالية مما يؤثر على أداء الرسالة الدعوية.

 

والحقيقة أن أهل الخير لم يبخلوا يوماً بما من الله تعالى عليهم، بل ساندوا المكاتب بما أعانهم الله تعالى عليه ولا يزالون، ومع ذلك فإن الحاجة الماسة تبقى ملحة، وذلك لعدة أسباب منها أن الموارد تظل في الغالب على شكل دعم فردي وفي الغالب يكون دعماً مقطوعاً , وإن تطوير تلك المراكز  يتحتم معه توفير دعم مالي قوي عن طريق مصادر تمويل قوية ضخمة تتماشى مع طموحات المشاريع الدعوية والتي لا يمكن تحقيقها إلا بوجود ريع مالي ثابت يتمثل في إيجاد أوقاف وحبسها وتسبيلها لخدمة دين الله وخدمة العمل  الدعوي الذي تقوم به  تلك المكاتب مشكورة مأجورة ( سواء كان أنشطة دعوية أو مصروفات تشغيلية أو موارد بشرية ).

 

الوجه الثالث للتغلب علي المشاكل التي تعوق عمل الجاليات على الداعية أن يحرص  على إعطاء المثال والقدوة من نفسه. ويعلم يقينا أن الفعل أقوى أثرًا من القول، حيث قال عز وجل”أتأمرون النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ” .

 

لذا يجب أن تتطابق أقوال الداعية مع أفعاله عند الدعوة إلى الإسلام . وينصح الدعاة دائما  بإتباع الأسلوب الحسن عند الدعوة إلى الإسلام وإظهار لين الجانب لمن تدعوه والعلم بأن لكل مقام مقال وبأن نجاح أسلوب معيّن مع شخص ما قد لا يفيد استخدامه مع الآخر وضرورة معرفة الشخص المدعو والتعرّف على أفكاره ومفاهيمه لكي تسهل دعوته، وعدم تعجل النتائج فالداعية مأمور بالدعوة إلى الإسلام وليس له أن ينتظر ثمرة لهذه الدعوة فالمعيار هو بذل الجهد في الدعوة من دون انتظار النتيجة .

 

وأخيرا وليس أخرا نوصي بالصبر على مشاق الدعوة. واستحضار قول لقمان لابنه وهو يعظه: “يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمور” حيث أوصاه بالصبر على الدعوة عقب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر  فطريق الدعوة ليس مفروشًا بالورود فيجب توطين النفس على ذلك .