المعرفة ترتقي بالحياة وتمنحها قيمة ومعنى، فهي رصيد معنوي يساعد الإنسان على مقاومة صعوبات الحياة ولحظات الانهيار. وما أجمل الإنسان حين يرتقي إلى أفق المعنى مكتسبًا قدرة على الصمود. ولا يتحقق ذلك إلا بالمعرفة التي تظل حاجة متجددة وضرورة مستمرة، لأنها تمنحنا حلولًا في المنعطفات الحادة من حياتنا.
الإنسان متعلم بطبعه، والتعلم همزة وصل بين الأجيال والمعارف. والاهتمام بلماذية المعرفة خطوة أولى لمساعدة الطلاب على تأسيس مشاريعهم المعرفية.
أسرار التميز المعرفي وسؤال “لماذا”
في كتاب أسرار التميز المعرفي المنبثق من برنامج رحلة المعرفة للكاتب السوداني أحمد بابكر، نجد تأكيدًا على أن التعلم والمعرفة أساسان لا غنى عنهما. كنت من أوائل من اطلعوا على هذا الكتاب عام 2016، ونشرت عنه عدة قراءات.
ما شدني فيه هو الأسئلة العميقة التي يطرحها، ومنها سؤال “لماذا”، هذا السؤال الذي يحرك التفكير ويكشف مكامن النفس. لقد استخدمت “لماذا” كأداة لفهم المشكلات. فعندما يعترف الإنسان بمشكلته ويدرك حجمها، فإنه يقترب من الحل. أما تجاهلها أو تضخيمها فهو مصدر الانزعاج الحقيقي.
الحياة والمجتمع والانتماء والتنمية
الحياة، المجتمع، الانتماء، والتنمية الحضارية تشكل منظومة لا ينفصل أحدها عن الآخر. لكن الخطر يكمن حين يقدس الناس المعتقدات والتقاليد فيجعلونها مقبرة لأحلامهم. فكثيرون يعيشون حياة لا تخصهم، بل حياة صنعها المجتمع لهم، دون أن يسعوا إلى مشاريعهم الشخصية.
المجتمع أساس انتمائنا، لكن ليس بالضرورة أن نتقيد بجميع عاداته وتقاليده. فالإبداع يبدأ حين نصنع لأنفسنا مشروعًا معرفيًا يعكس ذاتنا، بدلًا من أن نكون نسخة مكررة من الآخرين.
التعلم والحياة
التعلم بالنسبة للعقل كالغذاء للجسد. إذا لم يُغذَّ العقل بالمعرفة، فلن يتمكن من مواجهة تحدياته أو بناء مشروعه الشخصي.
المجتمع والمعرفة
الإنسان لا يستطيع العيش بعيدًا عن مجتمعه، لكنه بحاجة إلى المعرفة ليستطيع التفاعل داخله. التقليد وحده لا يكفي. فإدماج الفرد في المجتمع بلا وعي يشبه الماء الذي يُسكب في قالب ليتجمد على شكله، دون أن يُضيف شيئًا جديدًا. المجتمعات تتطور عندما يبتكر الأفراد ويضيفون من ذواتهم، لا حين يكررون ما وُرث عن السابقين.
الانتماء والتنمية
الانتماء في جوهره معرفة مكتسبة، لكنه قد يتحول إلى قيد إذا ارتبط فقط بالموروثات. يشبه ذلك تجربة القرود الشهيرة مع الموز، حيث تكررت السلوكيات دون معرفة السبب. وهذا ما يحدث حين يكتفي الناس بالتقاليد دون تجديد.
الكاتب أحمد بابكر يوضح أن المجتمعات تواجه تحديات كثيرة، والحلول لا تأتي إلا عبر الإسهامات الإبداعية للأفراد، لا عبر الاستسلام للتقاليد وحدها.
رحلة المعرفة والمشروع الشخصي
برنامج رحلة المعرفة يهدف إلى تعزيز أنشطة الطلاب وتأسيس مشاريع معرفية حقيقية باستخدام نموذج اسك. والمقصود بالمشروع الشخصي ليس الزواج أو الوظيفة أو شراء سيارة، بل مشروع معرفي أو تعليمي ينبع من الموهبة والطموح.
بدأت رحلتي عام 2015، ولم يكن الأمر سهلًا، لكنني أدركت أن الإرادة الحقيقية قادرة على بناء المشروع مهما كانت التحديات.
المبررات التعجزية
كثيرًا ما نسمع عبارات مثل: “لا أستطيع”، “هذا صعب”، “لن ينجح”. لكنها ليست سوى مبررات نصنعها لأنفسنا. أما حين تكون لدينا رغبة حقيقية، فإننا نحول العوائق إلى حلول وننظر إليها بإيجابية.
المعرفة المكتسبة
اليوم أستطيع القول إن التجارب التي مررت بها، وقراءتي لكتب مثل أسرار التميز المعرفي، منحتني غذاءً للعقل والفكر، وجعلتني أطور مشروعي الشخصي وأكتب مقالات تنشر على منصات مختلفة. لقد صارت المعرفة المكتسبة وقودًا لمسيرتي وليست عائقًا، وصرت أستطيع إدارة مشروعي حسب الأولويات.