تُرى..كيف تبدو صورة الزواج المثالي؟ وهل هناك زواج مثالي في الأصل؟ من خلال تجارب العلاقات الزوجية وآراء المتخصصين النفسانيين، هناك مسلمة مفادها أنه لا وجود لزواج مثالي، وأن “الزوجين المثاليين” هما الزوجان اللذان يتواصلان بصورة جيدة ويفهمان بعضهما بعضا دون الحاجة إلى الكلام.

كثير من الأزواج الحديثي الارتباط يرسمون لحياتهم حياة مثالية لا تشوبها عراقيل ولا عواقب، ولا تتخللها مشاكل وعقد، ويعتقدون أن الحب وحده بينهما كفيل بتحقيق الزواج المثالي الذي ينشدونه. ولكن، ليت الحب وحده يكفي لإقامة بيت مستقر، أو حياة سعيدة. هناك الكثير من الأمور التي ينبغي على الزوجين أن يتعلماها أثناء السير في طريق الحصول على مفاتيح السعادة الزوجية.

المشكلة .. الحب والأهل والطلاق

إحدى السيدات المتزوجات حديثا، وهي طالبة في أول سنة جامعية ومتزوجة منذ سنة فقط، حسب العادات والتقاليد، حيث لم تكن تعرف زوجها إلا بعد الزواج، لكن علاقة حب قوية ربطت بينهما مباشرة بعد الزواج، فأصبح كل منهما لا يطيق التخلي عن الآخر. لكن هذا المشهد المثالي لا يمكن أن يدوم. مشاكل عديدة تطفو على السطح لتعكر صفو هذه الحياة الزوجية المثالية، بسبب تدخل الأهل في حياتهما الخاصة. وبين ليلة وضحاها يتحول الزوج إلى منفذ لأوامر أهله، ويصبح في نظر زوجته شاب متهور لا يُقدر معنى المسؤولية أو الحياة الزوجية، أي مشكلة صغيرة يحوِّلها إلى مصيبة تهز البيت، ولا يكتفي بهذا بل يطردها من البيت ويهددها بالطلاق ثم يتراجع عن رأيه، فيتحول الزواج المثالي إلى حلبة صراع الكل فيها يحاول أن يسقط الآخر. وطبعا السقوط الأخير يكون بالفشل ثم بالإنفصال ثم بالعواقب التي قد تأتي فيما بعد..فكثيرا ما تم الطلاق في السنة الأولى من الزواج ليتبين أن هناك أطفال بين الطرفين، فتصبح المصيبة أكبر.

الحل .. لا للسعي إلى الكمال

بداية يجب الاعتراف في الحياة الزوجية أن السعي إلى الكمال يمكن أن يضر بالعلاقة الزوجية. فالسعي إلى أن يكون كل شيء مثاليا يجعل الزوجين أكثر ميلا للتعنت، وعندما يكون لكل طرف توقعاته، فإن ذلك يزيد احتمال التعرض لخيبة أمل، ومن خيبة أمل إلى أخرى، ينشأ نوع من الاستياء وتتضرر العلاقة بين الزوجين. وأحيانا نتشبث بفكرة الكمال، حتى لو كان ذلك يعني التعاسة.

ليت الحب وحده يكفي لإقامة بيت مستقر، أو حياة سعيدة. بشكل عام موقف هذه السيدة الكتزوجة حديثا موقف حرج، وسيكون أضعف إذا حملت وجاء الأطفال، حينها سيكون الطلاق مشكلة، والبقاء مشكلة.  فما العمل؟

من الأفضل أن تعطي زوجها مهلة لينضج أكثر، وتحاول استثمار الحب الذي بينهما في إشعاره غير المباشر بالمسئولية، والتزامات القوامة من حرص وتحمل ورعاية، وهذه المهلة طبعا هي ترتيب خاص لن تعلمه به.  هذه المهمة تحتاج إلى صبر وضبط للنفس، واستخدام لكل مهارات الأنثى، وحكمة الزوجة، وعواطف الحبيبة لأننا من الصعب أن نجد من يحبنا خاليًا من العيوب.

هذه المهلة قد تمتد سنة أو أكثر .. لأنها ستكون أهم مكونات موقفها، قبل أن تُجري تقييما للوضع، وتحدد اتجاه السير. الإنجاب من زوج كهذا قد يُصْلِحه، وقد يزيد العبء على الزوجة، ويصعب من اتخاذ قرار بالانفصال الذي قد تضطرين إليه بعد استنفاد كل المحاولات والمبادرات والمهارات.، وهو في النهاية “أبغض الحلال” الذي لا نريده ولا ننشده ولا نفكر فيه.

الحياة الزوجية ليست كلها ورود، فقد تتخللها أشواك في الطريق، والعاقل هو من يتنبها من دون أن يجرح طرفه الثاني.

الأمر يحتاج إلى وقت وجهد جاد وحقيقي في إنضاج مزدوج: للزوج من ناحية لتدعيم استقلاله وتحمله للمسئولية، وللزوجة من ناحية قدرتها على التحمل والاستيعاب، والارتفاع فوق مستوى النِّدية أو المقارنة بأهله، وكأنهما على طرفي نقيض!!

تحتاج المرأة المتزوجة حديثا إلى حوار هادئ مع زوجها من آنٍ لآخر، لمعرفة أسباب غضبه وثورته، وتجنبها، مع منحه الشعور بالقوامة والمسئولية، بدلاً من التناطح والمناكفة والجدال والتحدي الذي يغضب الرجل قليل الخبرة، بل ربما يغضب الرجال جميعا. وقد تكتشف هذه الزوجة أنها سبب كل العيوب وكل المشاكل التي طرأت على حياتهما فجأة.

4 ركائز للزواج المثالي

تقول المحللة النفسية سيسيليا كومو  صاحبة كتاب “لا وجود للزواج المثالي” أن ما يدفع الأزواج للسعي إلى الكمال هو رفض الفشل، لكن الأزواج الأكثر ثباتا هم الذين يدركون عيوب الآخر وعيوبهم. فخلال مرحلة التعارف يحاول كل طرف إظهار أفضل ما فيه، لكن من الصعب إخفاء حقيقتنا لوقت طويل. وبعد الزواج، تجد الأزواج مقتنعون بأن جرح بعضهم بالكلام علامة على الفشل لذا تجدهم يحرصون على انتقاء كلماتهم.

في هذا الكتاب، عملت المحللة النفسية على تفكيك أسطورة العلاقة المثالية التي تروج لها الأفلام أو الروايات أو حتى مواقع التواصل الاجتماعي، فهي ترى أنه “لا توجد تعليمات معينة يمكن اتباعها”، وتدعو بدلا من ذلك إلى أن نحب أنفسنا ونتقبل عيوبنا.

ومع ذلك ترى سيسيليا كومو  أن العلاقة المثالية بين الزوجين تقوم على 4 ركائز هي:

  1. الاعتراف بالاختلاف.
  2. التفاهم.
  3. المعاملة بالمثل.
  4. الامتنان.

لهذا على من يقدم على الزواج أن يكون لديه من الصبر والتحمل و حسن الظن الكثير الكثير، ففي بداية العلاقة، يكون لدينا رؤية مثالية للشريك ولكل من حوله سواء أهله أو بيئته أو عمله، ومعظم الأشخاص في بداية العلاقة يكونون تحت تأثير طبيعتهم البيولوجية، حيث يبتعدون عن الواقع خلال استمتاعهم بمشاعر الحب والسكون..ولكن السكون للزوج أو الزوجة لا يعني السكون للواقع. فالمشاكل والخلافات تسمح للزوجين بإعادة تحديد مكان وموقف كل واحد منهما في العلاقة الزوجية. لكن المهم في النهاية ليس مدى صحة ما يتفوه به كل طرف، فقد يكونان كلاهما على صواب، وقد يكونان مخطآن..المهم هو مشاعرهما الحقيقية.