كعب بن زهير شاعر عربي مسلم مخضرم، عاش عصرين مختلفين هما عصر الجاهلية، وعصر الإسلام. اشتهر في الجاهلية ولما ظهر الإسلام هجا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولما أهدر دمه، جاءه كعب بن زهير مسلما مستأمناً وأنشده لاميته المشهورة التي مطلعها: بانت سعاد فقلبي اليوم مبتول، فعفا عنه النبي، وخلع عليه بردته. فسميت قصيدته تلك بالبردة.

يعتبر كعب بن زهير من أعرق الناس في الشعر: فأبوه زهير بن أبي سلمى، وأخوه بجير وابنه عقبة وحفيده العوّام كلهم شعراء. وقد كَثُر مخمّسو لاميته ومشطّروها وترجمت إلى غير العربية.

تلقن كعب الشعر عن أبيه مثله مثل أخيه بجير، وكان زهير يحفظهم الشعر، ويقولون عن كعب أنه كان يخرج به أبوه إلى الصحراء فيلقي عليه بيتاً أو سطراً ويطلب أن يجيزه تمريناُ ودرّبه، كما أن كعباً كان في عصر ما قبل الإسلام شاعراً معروفاً أكثر من الحطيئة. حاول كعب أن ينظم الشعر منذ حداثته فردعه أبوه، مخافة أن يتسفّل ويأتي بالضعيف فيشوّه مجد الأسرة، وما زال يهذّب لسانه ويجهّز شاعريته برواية الشعر حتى استقام له النظم.

من هو كعب بن زهير؟

هو كعب بن زهير بن ربيعة المعروف بأبي سلمى، ابن رياح بن قطر الحارث بن مازن بن ثعلبة بن ثور بن هزمة بن لأم بن عثمان بن مزينة، ويكنى بأبي المضرب، ويُعد من أبرز الشعراء المخضرمين، إذ عاصر عصرين مختلفين، هما عصر الجاهلية، وعصر الإسلام، وهو من شعراء الطبقة الثانية، والذي امتلك مكانة أدبية وشعرية مرموقة بين شعراء عصره، فهو سليل أسرة عريقة في الشعر، والتي كانت معروفة بكثرة شعرائها، حيث ورث موهبة الشعر عن والده، والتي ظهرت عليه منذ نعومة أظافره، وقد قال عنه ابن قتيبة الدينَوري “كان كعب فحلًا مجيدًا”.

أما أمه فامرأة من بني عبد الله بن غطفان يقال لها كبشة بنت عمار بن عدي بن سحيم، وهي أم كل ولد زهير.

مولده ونشأته

ولد كعب بن زهير في الجاهلية، إلا أنه لا يتوفر في كتب التراجم ذكر لتاريخ ولادته بدقة، وينتسب كعب إلى قبيلة مزينة، وهي من إحدى قبائل مضر، وهو ينتمي إلى عائلة من الشعراء، فوالده هو الشاعر زهير بن أبي سُلمى، وهو أحد فحول الشعراء في الجاهلية، وصاحب واحدة من أشهر المعلقات المشهورة، والذي أورث فن الشعر لأبنائه كعب وأخيه بجير، أما جد كعب فهو أبو سُلمى شاعر معروف، كما كان خال أبيه الشاعر بشامة بن الغدير، وكانت عماته الخنساء وسُلمى شاعرتين أيضًا، أما أمه فهي كبشة بنت عمار بن عدي بن سحيم.

كان لنشأة كعب بن زهير في هذه البيئة الشعرية دورٌ كبير في تنمية موهبته الشعرية، وشبّ منذ صغره على قول الشعر، وقد كان كبير أبناء والده زهير، لذا تلقى العناية الأكبر، وكان والده ينهاه عن الشعر في بعض الأحيان؛ وذلك إلى أن تكتمل قدراته الشعرية وحرصًا على أن لا يقول شعرًا ضعيفًا وغير جيد، فقد كان يهذب ذوقه الشعري دائمًا.

شعر وفصاحة كعب بن زهير

امتلك كعب بن زهير مكانة أدبية عالية، حتى أن بعض النقاد قاموا بوضعه في منزلة تفوق والده، على الرغم من أنه درس الشعر على يديه، واتبع منهجه الشعري والذي يشتمل على البحث، والتأني، والتعقّل، والعناية بالشعر، لذلك فقد عرفت قصائده بلقب “الحوليات”، أي أنه لا يذيع أية قصيدة له قبل أن يقوم بتنقيحها، وتهذيبها، ومراجعتها لمدة عامٍ (حول) كامل قبل أن يقوم بإلقائها على المستمعين.

امتاز أسلوب كعب بن زهير الشعري بالجزالة والقوة، والسهولة، واستخدام الأساليب والمعاني التي تكسب قصائده الخصوبة والثراء، بالإضافة إلى براعته الكبيرة، وقدرته في الانتقال من غرض شعري إلى آخر في نفس القصيدة بسلاسة وسهولة، مع الحفاظ على التسلسل المنطقي لأغراضها، ودون المساس بوحدة القصيدة، وهذا كله دلالة على شاعرية كعب الرفيعة.

ورث كعب بن زهير موهبة الشعر عن والده الشاعر الذي اجمع النقاد والأدباء على انه من اعظم شعراء عصره، وكان عمر بن الخطاب لا يقدم شاعرا على زهير، وكان يقول: اشعر الناس الذي يقول: ومن ومن ومن، مشيرا بذلك إلى مجموعة من الحكم في معلقة زهير المشهورة بدأ كلا منها بكلمة “من” مثل قوله:

ومن هاب أسباب المنايا ينلنه       وإن يرق أسباب السماء بسلم

ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله    على قومه يستغن عنه ويذمم

قصائده

إلى جانب قصيدته التي حققت له شهرة كبيرة “بانت سعاد” فإن لكعب بن زهير إنتاجا شعريا متنوعا جمع بعضه أو معظمه في ديوان يحمل اسمه، أما موضوعات شعره فهي كغيرها من موضوعات الشعر الجاهلي، تتراوح بين الفخر والمدح والهجاء والرثاء والغزل والوصف وبعض الحكم، لكن النقاد يفرقون في شعره بين اتجاهين متباينين لأن إسلام كعب قد غير في نهج شعره وأمده بكثير من الصور، ورقق ألفاظه ومعانيه حيث كان كعب في الجاهلية يميل إلى الشدة والتقعر وخاصة في وصف الصحراء وحيوانها، بينما بعد الإسلام نراه كما يقول النقاد يميل إلى إرسال الحكمة وإلى الابتعاد عن الموضوعات الجاهلية.

يقول محمد علي الصباح في كتابه “كعب بن زهير: حياته وشعره”: “الحكمة في شعر كعب ليست أمرا طارئا عليه أو هي مستبعدة من أن تصدر عن مثله، فهو ابن زهير بن أبي سلمى الشاعر الذي زخرت معلقته بكثير من المواعظ والحكم، فليس غريبا أن يشتمل ديوان كعب على حكم كثيرة مبثوثة هنا وهناك في ثناياه، وأكثرها يمثل مقطوعات صغيرة مستقلة يبدو عليها اثر الإسلام واضحا، إذ استفاد كعب من تعاليم دينه ولذلك فإن إنتاجه بعد إسلامه كان مشبعا بتعاليم المدرسة الإسلامية” فحين يقول كعب:

لو كنت اعجب من شيء لأعجبني      سعي الفتى وهو مخبوء له القدر

يسعى الفتى لأمور ليس يدركها           والنفس واحدة والهم منتشر

والمرء ما عاش ممدود له أمل           لا تنتهي العين حتى ينتهي الأثر

فالتعاليم الإسلامية في هذا الشعر واضحة كل حيث يسلم كعب بقضاء الله وقدره، كما تري مدى تغلغل الإسلام في نفس كعب ونفسه.

فَمَن لِلقَوافي شانَها مَن يَحوكُهـا      إِذا ما ثَوى كَعبٌ وَفَوَّزَ جَـروَلُ

يَقولُ فَلا يَعيا بِشَــيءٍ يَقولُــهُ           وَمِن قائِليها مَن يُسيءُ وَيَعمَلُ

يُقَوِّمُها حَتّى تَقـومَ مُتونُهـا              فَيَقصُرُ عَنهــا كُلُّ ما يُتَـمَثَّلُ

كَفَيتُكَ لا تَلقى مِنَ الناسِ شاعِراً              تَنَخَّلَ مِنها مِثلَ ما أَتَنَخَّلُ

فتستمد أشعاره زادها من الإسلام حيث يوكل أمره ويقترب كعب من أن يكون واحدا من زهاد المسلمين الذين كانوا يكرهون أن يفكر الشخص منهم في رزق غد:

أعلم أني متى ما يأتني قدري               فليس يحسبه شح ولا شفق

بينا الفتى معجب بالعيش مغتبط       إذ الفتى للمنايا مسكم غلق

والمرء والمال ينمي ثم يذهبه            مر الدهور ويفنيه فينسحق

فلا تخافي علينا الفقر وانتظري          فضل الذي بالغنى من عنده نثق

إن يفن ما عندنا فالله يرزقنا              ومن سوانا ولسنا نحن نرتزق

العوامل التي أثرت في شعر كعب بن زهير

ومن العوامل التي كان لها الأثر الكبير في شعر كعب بن زهير:

الجاهلية: حيث من الممكن ملاحظة أن كعب لم يستطع التخلص من قيود الجاهلية بشكلٍ كامل، وهذا لترابط وتقارب العصرين الجاهلي والإسلامي، لذا نجد أن العديد من أشعاره قد تأثرت بشكلٍ كبير بالتقاليد الجاهلية الأدبية، فطغى عليها استخدام الصور، خاصةً الصور الحسية، والمفردات، والتعابير التي كان متعارف عليها عند الشعراء الجاهليين، كما أنه بقي متبعًا الأسلوب القديم في الشعر، كاستهلال القصيدة بالغزل، والوقوف على الأطلال، ومن ثم الانتقال إلى الغرض الرئيسي للقصيدة، واستخدم كعب أسلوب الانصراف عن الممدوح أو المشبّه والتركيز على وصف المشبّه به، لتوضيح الشبه بطريقة غير مباشرة، مثل ذكر سمات الأسد، عندما شبّه الرسول عليه الصلاة والسلام به.

القرآن الكريم: يظهر تأثر كعب بن زهير بالقرآن الكريم في شعره جليًا وواضحًا من حيث الصياغة، والمعاني، والأسلوب، واستخدام ألفاظ وتعابير إسلامية، حيث قدم صورًا شعرية رائعة وصف فيها الإسلام، والرسول عليه الصلاة والسلام، وبيّن أخلاقه الكريمة، ورحمته بالمؤمنين، وإقراره بنبوته، وأنه الحق المبين، بالإضافة إلى إظهار كعب لإيمانه التام بالقضاء والقدر، وحتمية الموت.

كيف أسلم كعب بن زهير؟

إسلام كعب بن زهير قصة ترويها بعض كتب التاريخ العربي وتراجم الأدباء العرب فعندما جاء الإسلام أسلم أخوه بجير، وبقي كعب على دينه، ووقف في الجبهة المعادية للرسول وللمؤمنين به، ولم ينج بجير بسبب إسلامه من لسان كعب، فهجاه لخروجه على دين آبائه وأجداده فرد عليه بجير وطالبه باتباع الدين الإسلامي لينجو بنفسه من نار جهنم، لكنه ظل على دينه إلى أن فتحت مكة فكتب إليه بجير يخبره بأن الرسول قد أهدر دمه.

كان كعب بن زهير من أشد المعارضين للإسلام في بداية ظهوره، وللرسول عليه الصلاة والسلام، وقد اشتدت هذه العداوة بعد إسلام أخيه “بجير”، ولما علم كعب بإسلام أخيه نظم قصيدة يعاتبه فيها، ويهجو المسلمين والمسلمات، والتي كان مطلعها:

ألا أبلغا عني بُجيرًا رسالةً

فهل لك فيما قلتَ ويحك هل لكا

سقاك بها المأمون كأسًا رويّةً

وأنهلك المأمون منها وعلَّكا

فلما سمع الرسول عليه الصلاة والسلام هذه الأبيات غضب غضبًا شديدًا، فأرسل بجيرًا إلى أخاه بعض من الأبيات الشعرية ردًا عليه، جاء في مطلعها:

فمن مبلغ كعبًا فهل لك في التي

تلومُ عليها باطلًا وهي أحْزمُ

إلى الله لا العُزَّى ولا الّلات وحده

فتنجو إذا كان النَّجاء وتسلمُ

كما بعث له رسالة يخبره بها أن النبي عليه الصلاة والسلام قد قام بقتل بعض الرجال ممن تسببوا بالأذية للإسلام والمسلمين، وعند قراءة كعب لهذه الرسالة تملكه الخوف الشديد، وضاقت به الأرض، فلم يجد بُدًا من الذهاب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وإعلان إسلامه أمامه، وكان ذلك في أول السنة التاسعة من الهجرة، وقد عفا الرسول عليه الصلاة والسلام عن كعب، فأنشد كعب في هذه اللحظة قصيدته الشهيرة “بانت سعاد” أو “البردة”، والتي اعتذر فيها من الرسول عليه الصلاة والسلام مما بدر عنه، ويقول في مطلعها:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبولُ

متيّمٌ إثرها لم يُفد مكبول

وبعد أن استمع الرسول عليه الصلاة والسلام لهذه القصيدة، أعجب بها شديد الإعجاب، واستحسنها، فخلع عنه بردته، وألبسها لكعب بن زهير، تقديرًا له على فصاحته.

اعتذار كعب وعفو النبى صلى الله عليه وسلم

جاء كعب بن زهير إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام، متخفيا، لأن النبى كان قد أهدر دمه، وذلك لأنه ناصب النبي العداء، وراح يهجو الرسول ويهاجم الإسلام والمسلمين، لكنه عندما قويت دولة المسلمين، قرر كعب أن يدخل إلى الدين الجديد، لكنه كان خائفا، فوقف بين يدي النبي، وراح ينشده:

أنُبئت أن رسول الله أوعدني/  والعفو عند رسول الله مأمول

لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم/ أذنب ولو كثرت فيّ الأقاويل

إن الرسول لنور يُستضاء به/ مهند من سيوف الله مسلول

بعدما مدح كعب بن زهير النبى، وكان صادقا فى مدحه واعتذاره، أعجب النبى عليه الصلاة والسلام بالقصيدة، فقام ومنح كعب بن زهير “بردته الشريفة” دلالة على أنه سامحه، فسميت القصيدة بالبردة، وأصبحت نموذجا يحتذى به فى مدى النبى.

قصيدة “بانت سعاد” و”بردة” الرسول صلى الله عليه وسلم

احتلت هذه القصيدة والتي تسمى أيضًا بإسم البردة مكانةً بارزة في الشعر العربي عامةً، وفي شعر المديح النبوي خاصةً، فهي تُعد من أوائل قصائد المديح النبوي والتي اعتمد فيها الشاعر على المنهج الفني الجاهلي، فعلى الرغم مما تحمله معانيها من تقليد واضح، إلا أنها تخفي نسقًا مغايرًا، وبالتالي تميزت هذه القصيدة بطابع الأصالة، والإبداع.

تتألف هذه القصيدة من أربعة مقاطع، قد تبدو للوهلة الأولى أنها بعيدة الصلة عن بعضها البعض، إلا أنها في الحقيقة تشكل معًا بناءً فنيًا متكاملًا، حيث كان الانتقال فيها من موضوع إلى آخر مجرد انتقالًا نفسيًا، ليس له تأثير على وحدة التجربة الشعرية، وقد كان المقطع الأول عبارة عن مقدمة غزلية، تغزل بها الشاعر بمحبوبته سعاد، وصوّر حزنه، وألمه الشديد على رحيلها وفراقها، وهي تمثّل حياته الماضية، أما في المقطع الثاني فكان حديث الشاعر عن الناقة، والتي أراد من خلالها أن يرمز إلى معاناته، ومشاعر الحزن والضعف التي تنتابه، وتمكُّن الخوف منه.

يتطرق الشاعر في المقطع الثالث إلى الاعتذار إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وطلبه الصفح والعفو منه، بالإضافة إلى محاولته إثبات براءته، وإلقاء اللوم على الوشاة والمغرضين، أما المقطع الرابع والأخير فهو عبارة عن مديح للنبي عليه الصلاة والسلام، فشبّه الرسول عليه الصلاة والسلام فيه بالأسد ثم بالسيف، ثم انتقل إلى هجاء الأنصار، ومن ثم مدح قبيلة قريش، فنجد أن هذا المقطع قد غلب عليه طابع العصبية القبلية أكثر من غيره.

أين “البردة”؟

البُردَة كساء يلتحف به، وأطلق اسماً على القصيدة اللامية: “بانت سعاد”، التي مدح بها كعب بن زهير النبي محمد ، عندما جاءه مسلماً متخفياً بعد أن أهدر دمه، فكساه بردته.

واشترى معاوية بن أبي سفيان البردة من ولد كعب، وكان الخلفاء يلبسونها في الأعياد، واحتفظ بها الخلفاء العباسيون، إلى أن احتل المغول بغداد ونهبوها، فأحرقوا البردة، ويقال أنها لم تحرق ولم تزل موجودة باسطنبول. وأطلق أيضاً على ميمية البوصيري: “أمن تذكر جيران بذي سلم”، لأنه أصيب بالفالج، فنظمها مادحاً النبي ومستشفعاً به، فرآه في المنام يمسح على وجهه ويلقي عليه بردته فبرئ. ويقال أن اسمها “البرأة”، وتنسب إليها عدة كرامات في شفاء المرضى.

قال الفاخوري حول البردة: ما زالت البردة في أهله حتى اشتراها معاوية منهم، وتوارثها الخلفاء الأمويون فالعباسيون حتى آلت مع الخلافة إلى بني عثمان

وقال الهاشمي أيضاً حول ما آلت إليه بردة النبي: بقيت في أهل بيته حتى باعوها لمعاوية بعشرين ألف درهم، ثم بيعت للمنصور العباسي بأربعين ألفاً.

وعني العلماء والأدباء والمتصوفون بالقصيدتين، فألفت حولهما الشروح والمختصرات، وأخضعتا للمعارضة والتخميس والتثليث والتشطير، وأنشدتا في الأذكار، وترجمتا إلى كثير من اللغات. وبعض معارضاتها تعرف بنهج البردة.

وتعد قصيدة البردة لكعب بن زهير من أشهر القصائد في مدح الرسول محاولة الاعتذار إليه وسميت بالبردة لأنه صلّى الله عليه وسلم، أعطى بردته لـ كعب. يفتتح كعب القصيدة بالمقدمة الطللية “بانت سعاد اليوم” متبعا عادة العرب آنذاك إذ كانوا يقدمون قصائدهم بذكر المحبوب.

بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ  مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفْدَ مَكْبولُ

وَمَا سُعَادُ غَداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا   إِلاّ أَغَنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ

ولا يَزالُ بِواديهِ أخُو ثِقَةٍ           مُطَرَّحَ البَزِّ والدَّرْسانِ مَأْكولُ

إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ       مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ

لا يَقَعُ الطَّعْنُ إلاَّ في نُحورِهِمُ     وما لَهُمْ عَنْ حِياضِ الموتِ تَهْليلُ

وفاة كعب بن زهير

اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ دقيق لوفاة كعب بن زهير، فمنهم من قال أنه توفي عام 24 هجري، وذكر بعضهم عام 26 هجري، بينما حدد البعض الآخر التاريخ في عام 42 هجري؛ وذلك استنادًا إلى قصة البردة، والتي كان يرغب معاوية بن أبي سفيان في شرائها منه، والذي خلافته كانت بين الأعوام 40-60 هجري.