جوهر المسئوليَّة أن يبلِّغ الداعية تعاليم الإسلام إلى جمهور المسلمين في صدقٍ وإخلاصٍ وحسن قصد، وقد قال الدكتور صادق أمين: “إنَّ مسئوليَّة الدعوة إلى الله باتت فريضةً شرعيَّةً وضرورةً بشريَّة.
وجوانب المسئوليَّة تعني مجموعة الأدوار التي ينبغي أن يقوم بها الشابُّ دعويًّا:
1 – إخلاص النيَّة لله عزَّ وجلّ، وتحديد غاية الإنسان في هذه الحياة الدنيا وهي العبوديَّة المطلقة لله، قال تعالى: (وما خلقتُ الجنَّ والإنس إلا ليعبدون)، والرسول ﷺ يقول: (إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى) رواه البخاري.
2 – إدراك التحديَّات والمخاطر التي تهدِّد الأمَّة الإسلاميَّة، فإنَّ معرفة هذه الأخطار والمؤامرات التي تحاك ضدَّ الأمَّة فيها شحنٌ للهمَّة وتقويةٌ للعزيمة ودفعٌ للذاتيَّة، وإقدامٌ على تبليغ دعوة الله والأخذ بالأسباب في مواجهة هذه التحدِّيات التي تريد النيل من الإسلام والمسلمين، وقد ورد في الأثر: “من لم يهتمَّ بأمر المسلمين فليس منهم”.
3 – التأسِّي بأصحاب القدوة في التاريخ، فالصحابة الأعلام ومن سار على دربهم من السلف والتابعين ضربوا أعظم الأمثلة، ودشَّنوا الكثير من المواقف البطوليَّة والدعويَّة التي تدلُّ على حسن فهم ودراية ووعي هؤلاء بأهمِّيَّة الرسالة التي يتحمَّلون مسئوليَّتها.
4 – الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان بإجماع جمهور علماء أهل السنَّة والجماعة، والتقاعس عن ذلك جريمةٌ لا يكفِّرها إلا النهوض بها، والله تعالى يقول: (كنتم خير أمَّةٍ أُخرِجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهَون عن المنكر وتؤمنون بالله).
أمَّا الشروط الواجب توافرها فيمن يقوم بعبء ومسئوليَّة الدعوة إلى الله فمنها:
– أن يدعو الناس إلى الأهمِّ ثمَّ المهمّ، أي أن يراعي في الدعوة فقه الأولويَّات فلا يدعو الناس إلى أمورٍ فرعيَّةٍ وهم أصلاً لا يصلُّون أو لا يزكُّون مثلا.
– أن يكون نموذجًا وقدوةً لمن يدعوهم، فلا يُعقَل أن يدعوهم إلى شيءٍ وهو لا يأتيه، والله تعالى يقول: (كبُر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).
– أن يكون حسن الخُلُق، متواضعًا، ليِّنًا، هيِّنًا، يراعي الشفقة على من يدعوهم والرحمة بهم، ويكون بالنسبة إليهم كالطبيب بالنسبة إلى المريض.
– أن يُحسِن اختيار وقت الدعوة، يكون كَيِّساً فَطِنًا في تخيُّر الوقت والظرف حتى يكون ذلك أدعى إلى جذب المدعوِّين وإجابتهم.
– أن يُنزِل الناس منازلهم، فجمهور المدعوِّين لا يتساوون في أسلوب وطريقة الدعوة، فدعوة المثقَّف تختلف عن دعوة الرجل العاديّ؛ وكما ورد في الأثر: (نحن معاشر الأنبياء أُمِرنا أن نُنزِل الناس منازلهم).
الشيخ عبد الحميد البلالي5>