اقرأ أيضا:
ومن العلوم التي برز فيه ابن عاشر فقه المذهب المالكي، فله شرح على خليل لم يكتمل، وطرر على شرح التتائي على خليل، ومنظومة في النكاح وتوابعه، وأشهر ما تركه رجزه الفقهي”المرشد المعين على الضروري من علوم الدين”، كما شارك في علوم أخرى تبعا لموسوعيته الفائقة، فله كتب ورسائل في العقيدة والقضاء والفلك والحساب، منها: حاشية على العقيدة الكبرى للسنوسي، ورسالة في عمل الربع المجيب.
امتاز هذا المتن الرجزي البالغ ثلاثمئة وأربعة عشر بيتا تيمنا بعدد الرسل الكرام بميزات أهلته لارتياد تلك المنزلة السامقة في الدرس الفقهي المبتدئ، ومنها خطته المنهجية التي جعلته مقسما إلى أجزاء مفيدة مترتبة حسب الأولويات الضرورية المطلوبة، وعنوانه دال على ذلك” المرشد المعين على الضروري من علوم الدين” وقد حوى المتن على الآتي:
اعتمد ابن عاشر في متنه المشهور من أقوال المالكية، وما استقرت عليه الفتوى لدى المغاربة والأندلسيين، والذين كانوا في الغالب يتبعون المدرسة المصرية التي أسسها عبد الرحمان بن القاسم، والتي تقابلها في الغالب المدرسة العراقية، وكان متن خليل بن إسحاق الجندي قد حوى معظم أقوال هذه المدرسة التي هيمنت على الدرس الفقهي بعد ذلك، إذ كانت أغلب المدونات المالكية تدور في فلك خليل شرحا وتحشية وتقرير ونظما وتدليلا، وفي هذا المضمار يحسن بنا أن نستدعي شهادة الفقيه النابغة الغلاوي الشنقيطي صاحب البوطليحة:” تتبعت ألفاظ ابن عاشر كلها منذ خمسة عشر سنة وشرحته شرحين كبيرا وصغيرا، وطالعت جملة شروحه ولم أجد قولا ضعيفا يخالف المشهور إلا قولين، قوله في فرائض الوضوء سبع والمشهور أنها ثمانية، وقوله في نواقض الوضوء إلطاف مرأة والمشهور عدم النقض مطلقا.”
ويمكن تلخيص ميزات هذا المتن الرجزي الذي يحفظه أكثر طلبة العلم بالغرب الإسلامي وإفريقيا في ميزات التيسير المنهجي والمعرفي، وكذا رسم الخارطة الكلية لفقه العبادات عند الطالب المبتدئ بما يسير عليه الولوج إلى المطولات، والتدريب الفقهي وتكوين الملكة الفقهية العلمية بالتطلع للأعلى، ومن ميزاته الرائقة فكرة التعليم البيداغوجي العام للعوام الذين لهم مسيس الحاجة بأحكام الفقه وخاصة الصلوات التي يواظبون عليها، والأهم من كل هذا أن متن ابن عاشر يمثل شرحا مصورا مجسدا لحديث جبريل عليه السلام في أقسام الدين الإسلامي الثلاثة وهي الإيمان والإسلام والإحسان.
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين