اقرأ أيضا:
والأمر كذلك ..لكننا لسنا مختلفين على هذه القواعد أو المقولات ، والكل يسلم بها ، لكن يعود الخلاف والجدل من جديد ليطرح : كيف نعود للكتاب والسنة ؟! ما مناهج وآليات وأدوات استخلاص الفهم الصائب والحكم الشرعي الواقعي للحالة ؟! هل كل ما في الكتاب والسنة المطهرة واجب وملزم للفرد والمجتمع ؟! ألم تراعي الشريعة الغراء فقه الواقع ومستجدات العصر ؟!..الخ .
إن من نافلة القول : الإقرار بأنه لا بد من التفريق ما بين الدين والتدين ، والإسلام والمسلم .. فالأول منهما رسالة سماوية لا يعتريها خلل ولا نقض ، جاءت لإسعاد الخلق في الدنيا والآخرة، والثاني منهما: حركة المرء في الحياة من خلال فهمه لنصوص الشرع وقواعد الدين ..و ما دام الأمر كذلك ، فإذاً لا بد أن يعتري هذا الفهم – إن كان موجودا أصلا – النقص وعدم الموازنة الدقيقة لفقه الحالة ..ما يجعله عرضة للنقد سلبا أو إيجابا ..
أهم ما يمكن الخلوص إليه والخروج به : هو أن التدين مسألة بين العبد وربه ، يجعل فيها المرء مخافة الله ورضوانه نصب عينيه بعد ما ينهل من العلم ما يكفيه لذلك .
كثيرا ما نشب – وما زال ينشب بين الفينة والأخرى – خلاف بل وأحيانا يكون صراعا بين أصحاب المقولات الثلاث :( الدين – أي التدين – في القلب )، ( الدين في القالب )، ( الدين في القلب والقالب )..
-فالقائلون بالأول : لربما يريدون التخلي – بحسن نية – عن بعض مظاهرالتدين لسبب ما كـ : طبيعة الوظيفة التي يمارسونها ، أو ضغط المجتمع الحداثي و العلماني .. الخ . معللين موقفهم : أن الأمر مرده للقلب وللتقوى ( الباطن ) والأهم الأخلاق والسلوك ويقظة الضمير ، مرددين حديث ( ..التقوى ها هنا وأشار – أي النبي – إلى قلبه ..) وغيره من النصوص والآثار..
– والقائلون بالثاني : توقفوا عند ظواهر بعض النصوص – بحسن نية – ومظاهر محددة ، وحكروا التدين عليها ، وحصروا الالتزام بها ..زاعمين : أنها بداية و بوابة التدين وهي التي تميز المسلم الملتزم عن غيره،مستدلين بالحديث( كونوا كالشامة بين الأمم..) وغيره من النصوص ..
– والقائلون بالقول الثالث : ينظروا إلى شمولية الدين و النصوص ، وبالتالي شمولية حركة المسلم المعتنق والمعتقد بها ، فلا بد من القلب والقالب ولا غنى لأحدهما عن الآخر ، فالإيمان ( تصديق بالقلب ونطق باللسان وعمل بالجوارح ) ، فلا بد أن يظهر التدين على شكل المرء الخارجي ، ليكون كالثمرة لتدينه ..
والقول الأخير و إن كان هو المستحسن من قبل الكثيرين ، لكنه لم يحسم الخلاف بعد للأمور التالية :
– هل كل الأعمال الظاهرية متفق على كونها واجبا ، وتعتبر معيارا لتقييم المرء والحكم عليه .
– هل هناك ضرورة – لسبب أو لآخر – للتخلي عن مظاهر التدين أو بعضها ..ويعتبر فيها المسلم آخذا برخصة ، فلا مجال للنقد حينئذ ولا للاتهام بالتقصير..
– هل يحق لنا الحكم على تدين الآخرين ومدى التزامهم ، ومن الذي أعطانا الحق أو السلطة – إن جاز التعبير – لذلك ..الخ
أهم ما يمكن الخلوص إليه والخروج به : هو أن التدين مسألة بين العبد وربه ، يجعل فيها المرء مخافة الله ورضوانه نصب عينيه – فهذه بمثابة الحارس الفعلي لحقيقته كمسلم – بعد ما ينهل من العلم ما يكفيه لذلك .
ورحم الله الغزالي إذ يقول :
( التدين المغشوش قد يكون أنكى بالأمم من الإلحاد الصارخ )
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين