نبذة عن بدايات الطب العربي الإسلامي
عرف العرب والمسلمون الأوائل الطب والتطبب والمدواة، بل إن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها اشتهرت بالمداواة والتطبب. حيث يذكر الذهبي فى ” تاريخ الإسلام ” : قال عروة بن الزبير : ما رأيت أعلم بالطب من عائشة فقلت يا خالة : من أين تعلمت الطب ؟ قالت : كنت أسمع الناس ينعت بعضهم لبعض فأحفظه.” (2) وفي الموطأ عن زيد بن أسلم : أن رجلاً فى زمن الرسولﷺ أصابه جرح فأحتقن الجرح بالدم، وان الرجل دعا رجلين من بني أنمار، فنظر إليهما فزعما أن رسول الله قال : “أيكما أطب” ؟ فقال : أو في الطب خير يا رسول الله ؟ فقال رسول الله : “أنزل الدواء الذي أنزل الأدواء. وروى أبو داود رحمه الله عن جابر رضي الله عنه قال : بعث النبي ﷺ إلى أبي بن كعب طبيبا فقطع منه عرقا.” واشتهر من العرب قديماً أطباء ومتطببون، بعضهم خلط بين الرقى والطب، وبعضهم تعلم الطب فى فارس أو غيرها من البلاد المجاورة لجزيرة العرب، ثم عاد ممارساً الطب، ومنهم الحارث بن كلدة وابنه النضر ابن الحارث، تعلما الطب فى ” جند يسابور ” من مقاطعة خوزستان أحد أقاليم فارس . وكذلك أبي رمثة التميمي الذى كان جراحاً مشهوراً . و يذكر ابن حجر العسقلاني في ” الإصابة فى تمييز الصحابة ” الشمردل بن قباب الكعبي النجراني كأحد الأطباء المشهورين فى زمن النبوة . وزينب طبيبة بنى أوْد كانت خبيرة بالعلاج ومداواة العين والجراحات، مشهورة عند العرب . ورأينا أن ” خيمة رفيدة ” فى غزوة الخندق تعتبر أول مستشفى إسلامي، بل مستشفى عسكري، كانت رفيدة تعالج فيه المصابين والجرحى .المستشفيات الإسلامية .. نظرة إدارية
قد يتعجب كثيرون أن المستشفيات الإسلامية ومنذ نشأتها الأولى، عرفت قواعد وعلوم الإدارة الحديثة وطبقت أساسياتها، من تخطيط وتنظيم، ومراقبة أداء وتقييم، بل وتطبيق قواعد ومبادئ جودة الأداء، فقد تم تقسيم المستشفيات الإسلامية إلى نوعين : ثابت ومحمول أو متنقل . فالمستشفى الثابت هو المبنى المخصص للمستشفى بمفهومه وكان منتشراً فى العواصم والمدن الكبرى كالقاهرة وبغداد ودمشق. ومن الآثار الباقية لهذه المستشفيات الآن ..البيمارستان المنصورى ( قلاوون) بالقاهرة، والبيمارستان المؤيدي بالقرب من القلعة بالقاهرة أيضاً، والبيمارستان الكبير بدمشق، وبيمارستان أرغون بحلب . أما المستشفى المحمول أو المتنقل، فهو يشبه القافلة العلاجية أو الإسعاف فى الوقت الحاضر، وهو مستشفى متنقل من مكان لآخر فى حال الأوبئة والحروب والكوارث . و يرجح إن الحكام المسلمين هم أول من أوجد هذا النوع من المستشفى المتنقل وأعتنوا به من الأوجه الإدارية التنظيمية، حيث جهزوه بكافة ما يلزم المرضى من أدوية وأطعمة وملبس وأطباء، بل إن المسلمين سبقوا الغرب في علاج ورعاية المرضى من المساجين بالمرور عليهم للعلاج أو نقلهم إلى هذه المستشفيات المتنقلة للرعاية والعلاج، وكان أول من اتخذ هذا القرار هو الوزير على بن عيسى بن الجراح أثناء تقلده الدوواين للخليفة المقتدر بالله العباسي، فقد كتب ابن عيسى إلى سنان بن ثابت الذى يتقلد بيمارستانات بغداد بأن المرض والوباء أنتشر فى الحبوس ( المساجين )، ولابد من علاجهم ورعايتهم. (3) ومن ناحية التنظيم الإداري، قسمت المستشفى الإسلامي إلى قسمين منفصلين، قسم للذكور وآخر للإناث، وجهز كل قسم بما يحتاجه من أبنية وأجهزة و معدات وخدم وفراشين. (4) كما عرفت المستشفى الإسلامي التقسيم حسب تخصصات الطب أو نوعية المرض، فهناك قاعة للأمراض الباطنة، وقاعة للجراحة، وقاعة للتجبير والكسور وأخرى للكحالة وأمراض العيون . بل إن الأمراض الباطنة عرفت التقسيم حسب تصنيف المرضى، فهناك قسم للمحمومين أو المصابين بالحمى، وقسم لمن به إسهال، وقسم للممرورين أو مرضى ( مانيا) أو الجنون…(5) وإتسمت قاعات المرضى بحسن البناء والتهوية، وكان الماء فيها جارياً، وكان لكل بيمارستان صيدلية تسمى ( شرابخانه) ولها رئيس يسمى شيخ صيدلى البيمارستان، و للبيمارستان رئيس يسمى ساعور البيمارستان.التنظيم الإداري للمستشفيات الإسلامية
كان للبيمارستان ناظر يشرف على إدارته، وكانت هذه الوظيفة من الوظائف المحترمة عالية المكانة فى الوظائف للديوانية ،حيث يقول أحمد القلقشندي : ” من الوظائف الديوانية نظر البيمارستان، وكان مرتبطاً بالنائب ( أي نائب السلطان ) ، يفوض إليه من يختاره ” (6) وكان التنظيم الإدارى للبيمارستان الإسلامى كما يلي:- رئيس الأطباء وهو الذى يحكم على، طائفة الأطباء ويأذن لهم فى التطبب وينظم العمل بينهم .
- رئيس الكحالين وحكمه على طبقة الكحالة حكم رئيس الاطباء فى طبقة الاطباء .
- رئيس الجراحية، وهو المسؤول عن الجراحين والمجبرين (7)
- نظام العلاج و التعليم الطبي .
