رحل عن عالمنا يوم الأحد التاسع من نوفمبر 2025م العالِم الجليل الدكتور زغلول راغب النجار، أحد أبرز رموز الفكر الإسلامي والعلمي في عصرنا الحديث، بعد مسيرةٍ حافلةٍ بالعطاء استمرت لأكثر من تسعة عقود، جمع فيها بين العلم والإيمان، وبين الجيولوجيا والقرآن، فكان منارةً للمعرفة ووجهًا مشرقًا للدعوة والفكر، وصوتًا واثقًا يدعو الناس إلى التفكّر في آيات الله الكونية كما يتدبّرون آياته القرآنية.

وُلد الدكتور زغلول النجار في قرية مشال بمحافظة الغربية عام 1933 م ، وتخرج في كلية العلوم بجامعة القاهرة، ثم حصل على الدكتوراه في علوم الأرض من جامعة ويلز البريطانية، ليبدأ بعدها رحلة علمية زاخرة بالعطاء في كبريات الجامعات والمؤسسات حول العالم. وهناك، أثبت أن العالم المسلم قادر على الجمع بين التجربة المخبرية ونور الوحي، فكان مثالًا للعالم المتوازن الذي يرى في كل اكتشاف نافذة جديدة للتأمل في عظمة الخالق.

قدّم الدكتور زغلول النجار خلال مسيرته المضيئة مئات المحاضرات في شتى بقاع الأرض، وخلّف عشرات المؤلفات التي أثرت المكتبة الإسلامية والعلمية، وألهمت أجيالًا من الباحثين والمفكرين. ومن أبرز مؤلفاته: من آيات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، والأرض في القرآن الكريم، والإسلام والعلم، وغيرها من الكتب التي جمعت بين عمق البحث ودقة المنهج وجمال الأسلوب، فشكّلت مرجعًا مهمًا لكل من أراد أن يتأمل العلاقة بين النص القرآني والعلم الحديث.

وفي يوم الأحد الموافق التاسع من نوفمبر 2025، نعى العالم الإسلامي والعربي رحيل هذا العالِم الكبير، الذي وافته المنية في العاصمة الأردنية عمّان عن عمر ناهز اثنين وتسعين عاما، بعد حياة حافلة بالعمل والعطاء والعلم، عاشها في خدمة القرآن والدعوة والفكر الإسلامي.

وقد شُيّع جثمانه الطاهر في مشهد مهيب بعد صلاة الظهر من مسجد أبو عيشة بطريق المطار في عمّان، وسط حضورٍ كبير من العلماء والمحبين، الذين ودّعوه بقلوبٍ خاشعةٍ ودموعٍ صادقة، سائلين الله أن يتغمّده بواسع رحمته، وأن يجعل علمه وعمله في ميزان حسناته، وأن يُسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

برحيله، طُويت صفحة من صفحات الفكر الإسلامي المعاصر، لكن أثره سيبقى خالدًا في كتبه ومحاضراته وتلامذته، الذين يحملون مشعل فكره ليستكملوا الطريق.

لقد كان الدكتور زغلول النجار نموذجا للعالم المؤمن الذي أدرك أن العقل والإيمان جناحان لطائر واحد، وأن التفكّر في الكون عبادة لا تقل شأنًا عن العبادة في المحراب.

إنا لله وإنا إليه راجعون .. رحم الله العالم الجليل زغلول النجار، وأسكنه فسيح جناته، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.