اقرأ أيضا:
فنجد في قوله تعالى (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ) تشبيه الموج بالجبال.
وفي موضع آخر يقول تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ) فشبه السفن بالأعلام.
والأعلام هي الجبال، تقول الخنساء :
وإن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار.
إن فصحاء الكلام، وأساطين البلاغة، وأمراء البيان لا يستطيعون أن يرتقوا هذا المرتقى الصعب في دقة الاختيار!
ذلك أن هذا البيان المعجز الخالد قد فرق في الاستعمال بافتراق السياق.
فسياق سورة هود سياق عذاب ناسبه ذكر الجبال في ارتفاعها وقوتها وضخامتها؛ تهويلا من شأن هذا الموج الهادر بالعذاب.
وسياق سورة الشورى سياق رحمة ونعمة وامتنان (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ) [سورة الشورى 32]
وكذلك الحال في سياق سورة الرحمن
(وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)
والأعلام الجبال التي يهتدي بها المسافرون. فناسب ذكرها هنا بهذا الوصف في هذا السياق.
زد على ذلك أنه لما كانت في حالة جريان في عباب البحر، وصفها بالجواري دون السفن في هذا المقام، وأوحت الصورة البصرية في رسم الكلمة (الجوار) محذوفة الياء بالخفة و سرعة الجريان !
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين