إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي، أبو إسحاق الشهير بالشاطبي. العلامة المؤلف والمحقق النظار، أحد الجهابذة الأخيار، وأحد العلماء الأثبات، وأكابر الأئمة الثقات، له استنباطات جليلة وفوائد لطيفة وأبحاث مهمة.

كان على درجة عالية من الصلاح والعفة والتحري والزهد والورع، والحرص على اتباع السنن ومجانبة البدع.

له القدم الراسخة والإمامة الكبرى قي سائر الفنون والمعارف، من فقه وأصول وتفسير وحديث وعربية وغيرها.

اجتهد وبرع ففاق غيره والتحق بالأكابر من العلماء وتكلم مع كثير من الأئمة في مشكلات المسائل من شيوخه وغيرهم، وجرى له معهم أبحاث ومراجعات كشفت ظهوره فيها وقوة عارضته وإمامته.

تلقى العلم على كبار علماء عصره، منهم: ابن الفخار البيري وأبو القاسم السبتي وأبو عبد الله التلمساني، وأبو عبد الله المقريء، وغيرهم. وعنه أخذ جماعة من العلماء، منهم: أبو يحيى ابن عاصم وأخوه القاضي أبو بكر ابن عاصم والشيخ أبو عبد الله البياني.

له تآليف نفيسة اشتملت على تحريرات للقواعد وتحقيقات لمهمات الفوائد، من أهمها كتابان:

الأول: «الموافقات في أصول الفقه» كتاب جليل لا نظير له يدل على إمامته وبعد شأوه في العلوم سيما علم الأصول وهو في سفرين، قال في وصف أقسام هذا الكتاب: «…فصار كتاباً منحصراً في خمسة أقسام: الأول: في المقدمات العلمية المحتاج إليها في تمهيد المقصود، الثاني: في الأحكام وما يتعلق بها من حيث تصورها والحكم بها سواء أكانت من خطاب الوضع أو من خطاب التكليف، الثالث: في المقاصد الشرعية في الشريعة وما يتعلق بها من الأحكام، الرابع: في حصر الأدلة الشرعية وبيان ما يضاف إلى ذلك منها على الجملة وعلى التفصيل، وذكر مآخذها وعلى أي وجه يحكم بها على أفعال المكلفين، الخامس: في أحكام الاجتهاد والتقليد والمتصفين بكل واحد منها وما يتعلق بذلك من التعارض والترجيح والسؤال والجواب. وفي كل قسم من هذه الأقسام مسائل وتمهيدات وأطراف وتفصيلات يتقرر بها الغرض المطلوب ويقرب بسببها تحصيله للمطلوب».

الثاني: «الاعتصام» كتاب نفيس في غاية الإفادة. تكلم فيه على البدعة، جعل مباحثه في عشرة أبواب: الأول: في تعريف البدعة ومعناها، الثاني: في ذم البدع وسوء منقلب أهلها، الثالث: في ذم البدع والمحدثات ورد شبه المبتدعة ومن جعلها حسنة وسيئة، الرابع: في مآخذ أهل البدع في الاستدلال، الخامس: في البدع الحقيقية والإضافية والفرق بينها، السادس: في أحكام البدع وأنها ليست على رتبة واحدة، السابع: في الابتداع يختص بالعبادات أم تدخل فيه العادات، الثامن: في الفرق بين البدع والمصالح المرسلة والاستحسان، التاسع: في السبب الذي لأجله افترقت فرق المبتدعة عن جماعة المسلمين, العاشر: في الصراط المستقيم الذي انحرفت عنه البدعة.

أما كتبه الأخرى فهي: شرحه الجليل على الخلاصة في النحو في أسفار أربعة كبار لم يؤلف عليها مثله بحثاً وتحقيقاً. و«المجالس»، شرح فيه كتاب البيوع من صحيح البخاري فيه تحقيقات بديعة نافعة. و«الإفادات والإنشادات»، فيه طرف وتحف ومُلح أدبيات وإنشادات في كراسين. و«عنوان الاتفاق في علم الاشتقاق». و«أصول النحو».

كان لا يأخذ الفقه إلا من كتب الأقدمين ولا يرى لأحد أن ينظر في الكتب المتأخرة، كذا قرره في مقدمة كتابه «الموافقات».