يعتبر القطاع الخاص أحد المحركات الديناميكية للاقتصاد، و تشير الإحصائيات الحديثة إلى تضرر كبير لهذا القطاع في العديد من الدول بسبب أزمة الإغلاق الاقتصادي الناجم عن تفشي فيروس كورونا ، هذه الأضرار طالت قطاعات عديدة وحيوية وتسببت في ارتفاعات صارخة لمعدلات البطالة.
وتشير تقارير وزارة العمل الأمريكية أن 2.4 مليون أمريكي قدموا للحصول على إعانات البطالة بعد فقد وظائفهم، ليصل المجموع إلى 38.6 مليون أمريكي منذ منتصف مارس ، وفِي الصين قفز معدل البطالة إلى 6.2 في المائة في فبراير الماضي ، وهو أعلى مستوى مسجل ، وفقًا للمكتب الوطني للإحصاء. بينما توقعت منظمة العمل الدولية في تقريرها أن 12 مليون شخص في أوربا سيفقدون وظائفهم خلال 2020. تداعت الدول والحكومات إلى وضع سياسات عاجلة لاحتواء الآثار السلبية على سوق العمل و القطاع الخاص بشكل عام.
في أوربا خطة طوارئ لكبح البطالة
يعتبر القطاع الخاص في دول الاتحاد الأوربي المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل و محاربة البطالة وقد تأثر هذا القطاع تأثرا بالغا بسبب تداعيات الإغلاق الاقتصادي، ولتخفيف وطأة الأزمة على القطاع الخاص ، تبنت المفوضية الأوربية خطة سريعة وشاملة بما في ذلك تطبيق المرونة الكاملة للقواعد المالية للاتحاد الأوروبي ، ووفرت 37 مليار يورو لتوفير السيولة للشركات الصغيرة وقطاع الرعاية الصحية. وللتخفيف من حدة البطالة اقترحت اللجنة أداة جديدة للدعم المؤقت للتخفيف من مخاطر البطالة وتعرف الخطة ب (SURE)، ستسمح بنود هذه الخطة بتقديم مساعدة مالية تصل إلى 100 مليار يورو في شكل قروض من الاتحاد الأوروبي للدول الأعضاء المتضررة.
اللجنة المشرفة على الخطة حددت القطاعات الأكثر عرضة للخطر والتي تشمل السكن والصناعات الغذائية والبيع بالتجزئة و قطاع الإدارة والنقل. للتخفيف من حدة المشاكل ، وضع الاتحاد الأوروبي مخططًا يسمى SURE ، والذي يرمز إلى الدعم للتخفيف من مخاطر البطالة في حالات الطوارئ. إنها جزء من حزمة 540 مليار يورو لدعم الشركات والعمال الأوروبيين.
وهكذا يمكن لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذين تضرروا بفعل الأزمة التقدم بطلب للحصول على السيولة التي يحتاجونها ، وذلك بعد أن يتم تنشيط هذ الخطة الرامية لمساعدة الذين تعثرت مشاريعهم و فقدوا الدخل بسبب أدمة الإغلاق الاقتصادي ، المساعدة ستكون على شكل قرض بشروط ميسرة.
في الصين إعانات و إعفاءات ضريبية
القطاع الخاص في الصين هو المحرك الأساسي للاقتصاد ، حيث تشير الأرقام والإحصائيات إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الصين تستقطب حوالي 90% من العمالة ، بينما تسهم ب 80% من صادرات الاقتصاد الصيني ، وتشكل مدخلات هذه المشاريع 70% من الناتج المحلي الخام. هذه الأرقام جعلت الصين تهرول بسرعة لإنقاذ القطاع الخاص ودعمه بشكل سريعة عبر خطط وسياسات متقنة ، حيث قامت السلطات الصينية بسلسلة من القرارات، شملت التخفيضات الضريبية والإعفاءات الضريبية للمشاريع الصغيرة لمدة محددة ، كما شملت القرارات مراجعة السياسة النقدية من أجل دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة للصمود وكذلك في محاولة للحد من البطالة المتصاعدة بسرعة حيث أدى الوباء إلى تسريح 5 ملايين شخص على الأقل في الأسابيع الخمسة الأولى.
ساهمت تريليونات اليوان الصيني التي قدمتها الحكومة إلى البنوك من أجل إقراضها لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في التخفيف من حدة آثارة الأزمة وقللت بشكل ما من انهيار هذه المشاريع و فشلها. لكن هذه الخطة لاقت انتقادا شديدا في الصين بسبب ارتفاع درجة المخاطر وخاصة قدرة هذه المشاريع على التسديد في الوقت المناسب.
الدول النامية القروض قد لا تفيد
تشير احصائيات البنك الدولي الجديدة إلى أن العديد من الدول النامية التي تشكل 85% من سكان العالم ، ستواجه صعوبات كبيرة نتيجة الآثار الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا ، حيث تتوقع التقارير زيادة في نسبة الفقر في هذه الدول ، وبالرغم من المساعدات المالية التى أقرتها مؤسسات الدعم الدولي كالبنك وصندوق النقد الدوليين إلى قدرة المنظومات الإدارية والتسييرية في هذه البلدان قد تحول دون تحقيق أهداف هذه القروض. هذا بالاضافة إلى ضعف أداء القطاع الخاص في هذه الدول وعدم قدرته على امتصاص أثر الصدمات.
احصائيات الأمم المتحدة تتوقع أن يتسبب وباء كورونا بزيادة فقراء العالم ب 500 مليون إنسان ويرجع خبراء الأمم المتحدة هذه الزيادة إلى مجموعة أسباب منها انهيار الاقتصادي االمحلي في هذه الدول نتيجة الإغلاق الاقتصادي ، ومن ضمن هذه الأسباب أيضا توقف التبادل التجاري بشكل مفاجئ ، هذه الأسباب زادت من أسعار المواد و زادت من نسبة البطالة.
تتفاوت السياسات والاستراتيجيات الداعمة للقطاع الخاص في مستوى الفاعلية والقدرة على تحقيق الأهداف ، يتوقف ذلك على مجموعة من العوامل منها كفاء العمل الإداري وصرامة الهيآت الرقابية إضافة إلى قدرة الدولة على مراجعة هذه السياسات وإضافة ابتكارات جديدة تكون قادرة على تحقيق أهداف التدخل بشكل أسرع وأكثر مرونة. تبقي الدول النامية الأكثر تأثرا بهذه الأزمة نتيجة ضعف القطاع الخاص وغياب استراتيجيات حكومية فعالة لانتشال هذه الدول من الآثار المترتبة عن هذه الأزمة.