في وقفتنا التربوية هذه سنتناول موضوعا ذا بال ألا وهو كون إكرام المرأة – أو إكرام النساء – والتذلل لها ليس ضعفا ولا ينقص من رجولة المرء ومكانته وقد كان النبي يكرم النساء ويوصي بإكرامهن.

وغير عادة أهل الجاهلية في ازدراء المرأة، وقد قال عمر رضي الله عنه: “واللُهِ إنْ كُنَّا في الجاهليةِ ما نَعُدُّ للنساءِ أمراً حتى أنزلَ الله فيهنَّ ما أنزَلَ، وقسمَ لهُنَّ ما قسم وذكرهنَّ الله، رأينا لهن بذلك علينا حقاً”.

ثم يقول: وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ إِذَا هُمْ قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصِحْتُ عَلَى امْرَأَتِي، فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، فَقَالَتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ؟، فَوَاللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ اليَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ، قال فأفزعني ذلك.

ودخل على بعض نساء النبي ينصحن فقالت له أمُّ سلمة رضي الله عنها:  عجباً لك يا ابنَ الخطاب! دخَلْتَ في كلِّ شيءٍ حتى تبتغي أن تدخُلَ بين رسولِ الله – – وأزواجِهِ؟! قال فأخذتني واللُهِ أخذاً كَسَرَتْني عن بعض ما كنتُ أجِدُ، فخرجتُ من عندها.

لقد كان حال أهل الجاهلية مع المرأة كما وصف القرآن { وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون } (النحل: 58 – 59).

ثم جاء الإسلام فرفع شأنها وأعلى مكانتها ، وأكرمها بما لم يكرمها به دين سواه؛ فقد جاء في الصحيحين عن النبي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال : “استوصوا بالنساء خيرا”

وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا: “خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي». وقال: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائهم”.

فلا يكرم المراة إلا كريم ولا يهينها إلا لئيم ومن يحسب أن إذلال المرأة رجولة وإهانتها قوة جانفه الصواب ومان أعقل منه وأرفق منه الشاعر اذ يقول:

أَهابُكِ إِجـــــلالاً وَما بِكِ قُدرَةٌ
عَلَيَّ وَلَكِن مِلءُ عَينٍ حَبيبُها

حتى لو صدر منها خطأ وزلة فينبغي التغاضي عن ذلك إن أمكن ولهذا أخذ بعض أهل العلم من قوله : “استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فاستوصوا بالنساء خيراً”.

قال كونهن خلقن من ضلع يقتضي أن تعاشرها بمعروف ولو على عوج منها، وهو أمر نبوي للأزواج والآباء والإخوة وغيرهم أن يستوصوا بالنساء خيرًا، وأن يحسنوا إليهن وألا يظلموهن وأن يعطوهن حقوقهن ويوجهوهن إلى الخير، وينبغي أن لا يمنع من ذلك كونها قد تسيء في بعض الأحيان إلى زوجها وأقاربها بلسانها أو فعلها لأنهن خلقن من ضلع كما قال النبي : “وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه”.