يواجه المرازعون حول العالم تحديات كبيرة فيما يتعلق بالتغيرات المناخية حيث تسبب الجفاف وارتفاع درجات الحرارة وهطول الأمطار الغزيرة إلى ظهور آفات وأمراض أصابت المحاصيل الزراعية، وجعلت الزراعة في الدول المحدودة والمتوسطة الدخل تواجه تحديات صعبة وفي طليعتها التكيف مع التغيرات المناخية الجديدة، خاصة أن أكثر المتضررين في هذه البلدان هم من الطبقات المهمشة والفقيرة التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة.

حاولت عدد من الدول مواجهة هذه التحديات من خلال برامج دعم الابتكارات الزراعية و إطلاق استراتيجيات للحد من التأثيرات المناخية، شمل هذا الدعم تمويل دراسات وأبحاث في مجال الابتكارات الزراعية إضافة إلى تبني استراتيجيات خلق الوعي لدى المزارعين حول التغيرات المناخية وطرق مواجهتها. في هذه المقالة نسلط الضوء على ابتكارات زراعية جديدة ساهمت في التخفيف من آثار التغيرات المناخية.

توفير المعلومات المناخية للمزارعين

من الاستراتيجيات الفعالة التى حققت نجاحا مهما في التخفيف من آثار التغيرات المناخية على المشاريع الزراعية خلق مراكز  لتجميع وتوزيع المعلومات المناخية ، دور هذه المراكز تزويد المزارعين بالمعلومات المناخية بشكل مستمر ، ويتم تزويد المزارعين بهذه المعلومات من خلال شبكات الهاتف النقال ومن خلال الإذاعات المحلية المخصصة للمزارعين. بناء على هذه المعلومات يقوم المزارعون بتحديد نوعية البذور التى يجب أن تزرع في توقيت مناسب للبذر و الحصاد وتتم هذه العملية من خلال شرح وتحليل المعلومات المناخية التى يقدمها هذا المركز للمزارعين والتي يتم تحليلها من خلال خبراء مختصين في هذا المجال.

من التجارب الناجحة في هذ المجال تجربة بنغلاديش حيث يقوم المزارعون بتحديد برامجهم الزراعية بناء على ما تقدمه مراكز الرصد الجوي من معلومات وتوقعات حول المناخ ، وكذلك على ما تقدمه لجان الاستشارات التابعة لهذه المراكز إضافة إلى الزيارات الموسمية التي يقوم بها خبراء الزراعة.

وهكذ من خلال تكييف التنبؤات المناخية بالاحتياجات الموسمية للمزارعين ونشر المعلومات المناخية عبر وسائل الاتصالات الإذاعية يمكن لمراكز الرصد الجوي مساعدة المزارعين على التصدي للصدمات المناخية وتخفيف الآثار السلبية لهذه الصدمات إلى أقل المستويات ، إضافة إلى تجربة بنغلاديس هناك تجارب أخرى عديدة في دول أفريقية ساهمت في التخفيف من حدة آثار التقلبات المناخية على المزارعين.

الاستجابة السريعة في حالة الكوارث

أظهرت تجارب عديدة أن عامل الاستجابة السريعة في حالة الكوارث من أهم العوامل التى تساعد على التخفيف من آثار هذه الكوارث على المزارعين ، لذلك تقوم عدد من الحكومات بإنشاء مراكز للطوارئ حيث تكون هذه المراكز جاهزة للتدخل في حالة حدوث كوارث تهدد المحاصيل الزراعية.

لقد كانت الاستجابة السريعة للسلطات الإثيوبية بالتعاون مع منتجي البذور والمنظمات الزراعية دور كبير في تخفيف  كارثة الجفاف التى ضربت أثيوبيا عام 2016 ، حيث واجهت أثيوبيا خلال هذه الفترة أسوأ موجة جفاف منذ 50 عاما ، وقد تسببت هذه الكارثة في نقص بذور الذرة والقمح ، كما ساهمت الاستجابة السريعة من الحكومة والمنظمات الزراعية الأثيوبية في التخفيف من حدة هذه الكارثة حيث مكنت هذه الجهود من تقديم 3400 طن من البذور عالية للجودة للمزارعين وقد تم اختيار بذور الذرة و القمح لقدرتهما على تحمل الجفاف وأمراض المحاصيل الشاسعة.

هكذا ساعدت الاستجابة المنسقة للطوارئ في إعادة بناء الأمن الغذائي وسبل العيش لأكثر من 271 ألف أسرة ريفية ، وبنفس القدر من الأهمية  تساعد البذور المحسنة والمعززة المزارعين على مواجهة الصدمات المناخية التى تشكل تحديا كبيرا لهم.

الزراعة الذكية هل تكون الحل ؟

في ضوء التغيرات المناخية وما أحدثته من تحديات لقطاع الزراعة ، ظهر ما يعرف بالزراعة الذكية وتعني انتهاج أساليب زراعية جديدة تأخذ في الحسبان التغيرات المناخية ، ويقوم نهج الزراعة الذكية على تطوير استراتيجيات زراعية تضمن الأمن الغذائي المستدام.

تعتبر الهند من الدول التى حققت تقدما كبيرا في مجال الزراعة الذكية ، ففي مزارع كارنال بالهند يستخدم المزراع جهاز   Green Seeker لقياس صحة محاصيله ، وتتيح هذه الأداة المحمولة تحديد أفضل كمية من الأسمدة للمحاصيل ، ويساعد جهازGreen Seeker  المزارعين على تحسين انتاجيتهم بمرونة ويحد من الآثار المترتبة عن التغيرات المناخية، ومن خلال نظام الزراعة الذكية تم اختبار مناهج التكيف والتخفيف من آثار التغير المناخي وبالتالي تحسين الإنتاجية.

تجدر الإشارة إلى أن مفهوم الزراعة الذكية تم إطلاقه من خلال برنامج البحوث التابع لمنظمة الزراعة والأمن الغذائي والتي تضم 20 دولة ، وتقوم اللجان التابعة لهذه المنظمة بمساعدة الدول على تبني سياسات الزراعة الذكية.