تأسس نظام مدرسة ” السعي نحو التعلم “ (Quest to Learsiten school) في نيويورك في عام 2009 بالتعاون مع معهد اللعب وقسم نيويورك للتعليم ويهدف إلى جعل المدارس تلبي متطلبات القرن 21، العصر الذي أنتج فيه التقدم التكنولوجي مجتمعاً عالمياً. يقوم الأساتذة وفق هذا النظام من التعليم بإستخدام الألعاب لتعليم المناهج من أجل إشراك الطلاب في العملية التعلمية بصورة أكثر فعالية، وتقوم بإعدادهم للتنقل وسط تعقيدات العالم الحديث.
في نظام ” السعي نحو التعلم” تتكون الدروس من اللعب وتشمل التحقيق الخيالي بواسطة الطلاب، بدءاً من أنشطة القصص في مجموعات والتي تشرح الهياكل الأدبية في اللغة الإنجليزية وتخيل طبيب مجهري يكشف جسم مريضه لتعليم علم الأحياء.
المدير المشارك للمدرسة، وأرانا شابيرو، يقول أن أفضل الألعاب هي تلك التي يمكن إستخدامها في الفصول الدراسية المتعددة وفي جميع المراحل الدراسية، حيث يتم تدريس المناهج الدراسية باستخدام مبادئ اللعبة، ويشرع المعلم مع بدء العام الدراسي الجديد في تقديم تحدي أولي. وبعد ذلك يتم تصميم دروس وأنشطة تعطي الطلاب المعرفة والأدوات اللازمة لمواجهة هذا التحدي.
شابيرو يوضح أن الألعاب التي تتم خلال السنة يجب أن تتكيف لتناسب سن الطلاب. فكلما تقدم سن الطلاب كلما أصبحوا اقل استعداداً للإنخراط في الأنشطة الخيالية والإبداعية. وعوضاً عن ذلك، يطلب منهم تصميم حلول لمشاكل حقيقية، مثل “البلطجة”.
من المعروف أن المدرسة تكون جيدة بمعلميها ، والدور الحيوي الذي يلعبونه في التعليم غالبا ما يُنسى. يقول شابيرو: “هناك تركيز على إنتاج هذه المناهج للمعلمين ومن ثم ينبغي عليهم إتباعها فقط”، أما بالنسبة لنا فنحن نسعي لمساعدة المعلمين ليصبحوا مصممين للمناهج الدراسية وتمكينهم من صنع المواد التي سوف تجعل الأطفال يشاركون في التعلم ومساعدتهم على أن يصبحوا مواطني القرن 21”.
تزويد الطلاب بالمعرفة والمهارات التي يحتاجونها لتحقيق النجاح في العالم الحديث، مثل القدرة على حل المشكلات والعمل في فرق، هو أيضا من إهتمام الأستاذ روب ريوردان. وهو رئيس للتكنولوجيا المتقدمة ، وهي منظمة لتطوير المدارس ومقرها في سان دييغو، كاليفورنيا، والتي تضم شبكة من المدارس ، برنامج شهادة المعلم، والمدرسة العليا للتعليم.
المفتاح لتحقيق هذا هو التعلم القائم على المشاريع، حيث يعمل المدرسون مع الطلاب لتصميم المناهج الدراسية التي تنطوي على حل المشاكل الحقيقية ذات الصلة بحياة الأطفال، والحلول التي يأتي بها الطلاب يمكن أن تحدث فرقا في المجتمع، ولها آثار أكاديمية.
يقوم مركز التعلم في بنوم بنه، كمبوديا، بإستخدم التعلم القائم على المشاريع ليس فقط كوسيلة لمساعدة طلابها على النجاح في مجال التعليم والحصول علي الوظيفة، ولكن لخلق قادة المستقبل والذين سوف يبدأون التغيير في البلاد النامية
ومثال المشاريع المتميزة للطلاب الفيلم الوثائقي عن العنف وإستخدام السلاح عقب مجزرة المدرسة الابتدائية “لساندي هوك ” في ولاية كونيتيكت في عام 2012. بعد جمع الأموال ، سافر الطلاب في جميع أنحاء البلاد واجروا مقابلات مع جميع الأطفال المتضررين من جرائم السلاح في أتلانتا وموظفي الخدمات الاجتماعية في شيكاغو.
أبدع تلاميذ رياض الأطفال أيضا على حد سواء، حيث قاموا بإطلاق مشروع للتحقيق في غزو الكاتربيلر للأشجار المحيطة بالمدرسة ومن ثم فتح “مقهى كاتربيلر” لتثقيف أقرانهم حول الحشرات الزاحفة.
يقول ريوردان إن أكبر طموحات المدرسة هو الابتعاد عن تجميع الأطفال علي أساس القدرة والتي يمكن أن تؤدي إلى التفرقة على أساس العرق والطبقة الاجتماعية. وقال انه يعتقد أن التعلم القائم على المشاريع يقدم للطلاب فرصة للتألق مهما كانت قدرتهم الأكاديمية.
يقوم مركز التعلم في بنوم بنه، كمبوديا، بإستخدم التعلم القائم على المشاريع ليس فقط كوسيلة لمساعدة طلابها على النجاح في مجال التعليم والحصول علي الوظيفة، ولكن لخلق قادة المستقبل والذين سوف يبدأون التغيير في البلاد النامية.
مدرسة اللغة الإنجليزية الداخلية في كمبوديا، تقدم منحا دراسية مجانية للأطفال للموهوبين من الخلفيات المحرومة، وتشجع الطلاب على استكشاف المواد الأساسية مثل الرياضيات والعلوم من خلال المشاريع التي تهدف إلى تعميق المعرفة والفهم لبلدهم – سواء كان ذلك التعاون في كتاب عن الحيوانات الكمبودية أو تعلم كيف تصبح رجل أعمال.
“الهدف هو أن هؤلاء الأطفال سوف يصبحون أكثر إخلاصاً لبلدهم كمبوديا مما لو بقوا في قراهم”، ويوضح دومينيك شارب، المدير القطري للمركز. “سيكون لديهم المزيد من المعرفة للفرص والتحديات التي تواجه بلادهم، وكذلك المزيد من القدرة على تغيير الوضع والاستفادة من تلك الفرص.”
منسق المدرسة والتعلم، جيفري هولت، يقول “يستند نموذج التدريس على فكرة التعلم عن العالم من خلال ما يجري في العالم. ويضيف: “روح المبادرة هي جزء كبير من المناهج لأن الكثير من التغيير في كمبوديا سيكون حول الاقتصاد. رجال الأعمال هم في الواقع مستقبل هذا البلد وأنه من المهم أن يتعلم طلابنا هذه المهارات “.
في مركز ليجر، فإن الفصول الدراسية للطالب هي العالم كله. للأسف في كثير من البلدان، ولا سيما الأجزاء الباردة من أوروبا وأمريكا الشمالية، فان الطقس لا يسمح دائما للتعلم في الهواء الطلق. ولكن هذا لا يعني أن الدروس يجب أن تكون محصورة داخل الفصول الدراسية.
تشتهر مدرسة الجينيمازيم في كوبنهاغن عاصمة الدنمارك، بأنها مدرسة بدون فصول دراسية. أكثر من 1000 طالب تتراوح أعمارهم بين 16-19، يدرسون في مناطق التعلم مفتوحة. وفقا لمدير المدرسة، ألان كيير أندرسن، فان المهندسين المعماريين قاموا بتصميم المدرسة لتتناسب مع روح خلط 50٪ من التعلم مع 50٪ من التعلم المتمحور حول الطالب المستقل.
لتسهيل هذا النموذج من التعليم، فقد تخلصت المدرسة من كل المواد التعليمية التناظرية علي أن تكون 100٪ رقمية. يتم تدريس الدروس تماما باستخدام أجهزة الكمبيوتر ولاب توب مع تطبيقات جوجل، ويقوم المعلمين بالتجول حول “مناطق التعلم” لمساعدة الطلاب.
تشتهر مدرسة الجينيمازيم في كوبنهاغن بأنها مدرسة بدون فصول دراسية لأكثر من 1000 طالب تتراوح أعمارهم بين 16-19، يدرسون بنظام “مناطق التعلم المفتوحة”
وقال “هناك أسباب كثيرة لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات”، ويوضح اندرسون. “عندما تكون لديك المدرسة مفتوحة مثل هذا، عليك وضع نماذج جديدة لقيادة الدرس، لأنه لا يمكن التحدث إلى فئة كاملة دفعة واحدة. لا يمكنك الصراخ على الطلاب، عليك ارشادهم بإستخدام طرق أخرى. لقد قمنا بتصميم دروسنا في العالم الإفتراضي، حيث يقوم الطلاب بالتسجيل للدخول ويجدون كل شيء هناك “.
التركيز على التعليم الرقمي هو أيضا واحدة من الأفكار التربوية الرئيسية للمدرسة، ويضيف أندرسون. المعلمون يرغبون في تعزيز الابتكار التكنولوجي بين الطلاب وتحويلهم إلى “منتجي المحتوى، وليس مجرد مستهلكين”.
هذا النموذج الدنماركي من التعلم لا يخلو من الخطأ. أندرسون يعترف بأنه يمكن تفضيل الطلاب الأقوىاء والأكثر استقلالية أكثر من أولئك الذين يحتاجون إلى التدريب العملي على التدريس. ولذلك يبحثون عن طرق لتحسين تلبية احتياجات جميع الطلاب.
ظلت التكنولوجيا الرقمية واحدة من أقوى عوامل التغيير للمجتمعات في جميع أنحاء في القرن 21 – من الطريقة التي نؤدي بها أعمالنا وتستهلك المعلومات للتسوق والترفيه والتنشئة الاجتماعية. بالتالي يجب أن تتكيف الطريقة التي نتعلم بها مع ضمان حصول الطلاب علي المهارات اللازمة للنجاح في الحاضر والمستقبل. لحسن الحظ، العديد من المدارس آخذة في تبني هذا التحدي. ولكن ماذا سيكون تأثير هذه الأمثلة للابتكار التربوي على الصعيدين الوطني وحتى العالمي؟ هذا السؤال إجابته متروكة فقط للزمن.