لا شك أن الجمال مفهوم فلسفي طبيعي فطري، تتجلّى معانيه في خلق الله تبارك وتعالى بمكوناته الإنسانية والحيوانية والنباتية والطبيعية، وتتنوّع معطياته حسب كل نوع، فكيف يمكننا أن نستقرئ الجمال عبر واحات القرآن الكريم التي تتحدّث عن خلق الإنسان وخلق السماوات والأرض، وكيف أن الله جلّ جلاله جعل لكل شيء قدرا؟ فماهو الجمال؟ ماذا نعني بالجمال؟ماهي أهميته وأنواعه ومقوماته وميادينه؟ وماهي العلاقة بين الجمال والقيم الإسلامية؟
لقد وردت في اللغة العربية كلمات عدة دلت على مفهوم الجمال بمعناه العام، كما جاء هذا المفهوم ليدل على معانٍ خاصة، ففي كتاب فقه اللغة للثعالبي قسم مفهوم الحسن عدة أقسام تحمل كل منها دلالة على معانٍ معينة، فالوضاءة تكون في البشرة، والجمال في الأنف، والصباحة في الوجه، والرشاقة في القد، والملاحة في الفم، والحلاوة في العينين، واللباقة في الشمائل، والظرف في اللسان، ونجد في القرآن الكريم ألفاظاً عدة دلت على مفهوم الجمال منها البهجة والحسن والجمال والزينة والنظرة، وفي لسان العرب الجمال من فعل جمل، ومصدره جميل، وعند ابن سيده يشير معنى الجمال لغة إلى الحسن في الخلق والفعل، وعند ابن الأثير الجمال يقع على المعاني والصور، ويقال حسنت الشيء زينته، والحسن ضد القبح ونقيضه، والإحسان ضد الإساءة، وفي الصحاح الحسن معناه الجمال.
تعريف الجمال
تطرق كتاب “القيم الإسلامية” ، إلى مسائل عدة متعلقة بالجمال: تعريفه وأهميته ومقومات الجمال أنواعه وميادينه. وعرف الكتاب الجمال بأنه “ضد القبح، وهو الحسن والزينة، ومنه الحديث: (إن الله جميل يحب الجمال) أي حسن الأفعال، كامل الأوصاف واصطلاحا: حسن الشيء ونضرته وكماله على وجه يليق به ومعنى ذلك، أن كل شيء جماله وحسنه كامن في كماله اللائق به، الممكن له، فإذا كان جميع كمالاته الممكنة حاضرة فهو في غاية الجمال، وإن كان الحاضر بعضها فله من الحسن والجمال بقدر ما حضر.
فالفرس الجميل هو الذي جمع كل ما يليق بالفرس الكامل، من هيئة وشكل ولون وحسن عدو، وتيسر كر وفر عليه. والخط الجميل هو الذي جمع ما يليق بالخط، من تناسب الحروف وتوازيها، واستقامة ترتيبها، وحسن انتظامها، فلا يجمل الإنسان بما يجمل به الحيوان مما هو من خصوصيته، ولا يجمل الخط بما يجمل به الصوت تخصيصا، ولا تجمل الأواني بما تجمل به الثياب خاصة، وهكذا سائر الأشياء”.
أهمية الجمال
حسب كتاب القيم الإسلامية، فإن الجمال سمة واضحة في الصنعة الإلهية، وحيثما اتجه الإنسان ببصره، يجد من صنع الله ما يجذبه بلونه، أو يستهويه بصوته، أو يتملك فؤاده بدقته المتناهية وصنعته المحكمة، فهو -أي الجمال – بعض آيات الله، التي أودعها في خلقه، وطلب الإنسان أن ينظر فيه، ويستجلى أسراره، ويستقبل تأثيراته، ويعتبر بعبرته قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} فقد تضمنت الآية جمالا من الطبيعة ومظاهرها، ما يدعو المرء إلى النظر والتأمل فيها، بل إن هذا الجمال ما ذكر هنا ليحفظ ويعلم فحسب، ولكنه ذكر أيضا كي يستمتع به الإنسان، لأن المنفعة المادية، ليست وحدها هي الغاية من خلق هذه المخلوقات، على هذا الوجه، ولكن الجمال كذلك منفعة معنوية.
مقومات الجمال
يضع كتاب “القيم الإسلامية” ثلاثة مقومات للجمال، ولكي يكون الشيء جميلا، لا بد أن يتضمن المقومات الأمور الآتية:
أ- السلامة من العيوب: فكل شيء جميل، يدرك جماله وحسنه بسلامته من العيوب، وخلوه من أي خلل ونقص. وقد لفت القرآن الكريم النظر إلى التأكد من وجود هذه السمة في الجمال، وذلك بعد تسجيله بعض مظاهر الجمال في الكون، ففي الحديث عن جمال السماء، قال تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ} فقد نصت الآية على جمال السماء وزينتها، وأنها سالمة من الشقوق. وما ذلك إلا نفيا للعيوب عنها، وتأكيدا على جمالها.
ب-التناسق والتنظيم: وهو سمة أخرى للجمال تقوم أساسا على التقدير والضبط والإحكام وتحديد نسب الأشياء بعضها إلى بعض، في الحجم والشكل واللون والحركة والصوت، وقد تحدث القرآن الكريم عن هذه السمة، مقررا اعتبارها في أصل الخلقة والتكوين، قال تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} سواء كان صغيرا أو كبيرا، ناطقا أو صامتا، متحركا أو ساكنا. إننا لو ألقينا نظرة فاحصة على الإنسان، لأدركنا التناسق الذي يتجمل به هذا المخلوق الصغير، ولعل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} ، {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} إضافة إلى دلالته على الإحكام والتقدير والتسوية والتعديل، فانه يشير إلى دقة التناسق بين عقل الإنسان وروحه وجسده، والتناسق بين أعضاء جسمه وبين الأعضاء الأخرى، والتناسق بين أجهزة عضو من أعضائه، وبين سائر الأجهزة
ج-النص والتعيين: ليس كل جمال في هذا الكون الفسيح، مما يدركه الإنسان، دون أن يساعده في تعينه وحي من السماء، فإن الكون أوسع من أن يحيطه الإنسان بعقله المحدود، وقد يخفي عليه وجه الجمال في شيء من الأشياء لا لخلل يرجع إلى الشيء نفسه، أو كونه فاقدا للتناسق والتنظيم، ولكن لكون الإنسان عاجزا عن إدراكه، وقاصرا عن الإحاطة به، ولعل مجال الجمال المعنوي أكبر دليل على ذلك، إذ لو لم يتم النص عليه والتعيين له بالوحي، لما أدركه الإنسان، ولظل جاهلا دهرا طويلا بمجال رحب للجمال الذي لا غنى له عنه.
أنواع الجمال
الأشياء التي تنتظم هذا الكون الفسيح، إما أن تكون أجساما، لها طول وعرض وعمق كالإنسان والحيوان، والسماء والأرض، والشمس والقمر، ونحوها، وإما أن تكون معان، كالأقوال والأفعال والأسماء والصفات ونحوها وعلى هذا، قسم كتاب القيم الإسلامية الجمال إلى قسمين:
أ-جمال حسي: وهو الذي يدرك بالحس، كجمال الطبيعة في سمائها وأرضها وشمسها وقمرها وليلها ونهارها وبرها وبحرها، وكجمال الإنسان من حيث تكوينه، وقد ذكر القرآن الكريم كثيرا من مظاهر الكون مشيرا إلى جمالها الحسي، كي ينتفع به الإنسان، ويشكر ربه الذي سخر له الكون وما فيه، قال تعالى عن الأنعام: {وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} ، {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} ، وقال تعالى عن الإنسان: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} ثم فسر قوله {أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} فهذه الآية وتلك، تعبران عن الهيكل الجمالي الذي بني عليه الإنسان.
فالجمال سمة بارزه في الإنسان، مثلما هو مثبوت في الأعيان الأخرى، وهو في الحقيقة آية عظيمة، تدل على قدرة الخالق سبحانه وتعالى وإبداعه، إذ إنه لم يخلق الخلق فحسب، ولكنه خلق فأحكم، وبرأ فأبدع، وصبغ فأحسن، ولا يستطيع أحد – ولو أعانه أهل الأرض جميعا – أن يأتي بمثل خلقه في الجمال والإبداع.
ب – جمال معنوي: ويتمثل في أمور كثيرة، لا تدرك بالحس والرؤية، ولكنها تدرك بالعقل الواعي، والبصيرة المفتوحة. ويمكن تصنيفها كالأتي:
– الأقوال: فالجمال المعنوي موجود في الأقوال الحسنة، والألفاظ الطيبة، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فقد جعل الله الدعوة إلى الإسلام، والنطق بكلمة الشهادة من أحسن الأقوال وأجملها، فدل ذلك على أن الجمال موجود في الأقوال التي يقولها الناس، وفي الألفاظ التي ينطقونها لا من حيث تركيبها اللفظي وصياغتها البلاغية، ولكن بالنظر إلى ما تحمله من المعاني والمدلولات.
– الأفعال: والفعل قرين القول، بل إن القول إذا لم يقترن بالفعل، لا يبلغ الكمال في الحسن، ولهذا ذكر الله تعالى في الآية السابقة قوله: وعمل صالحا، إذ القول وحده – مهما كان جميلا – لا يكفي صاحبه، لاعتباره مسلما، ما لم ينضم إليه فعل ولهذا أورد أهل العلم تعريفا جميلا عن الإيمان فقالوا: هو نطق باللسان، وعمل بالأركان، وتصديق بالجنان وعلى العموم، فان الجمال يوجد في الفعل كما يوجد في القول.
ميادين الجمال
من خلال ما سبق ذكره من تقسيم الجمال إلى حسّي ومعنوي، ينطلق كتاب القيم الإسلامية لمعرفة ميادين الجمال ومجالاته وهي:
أ-الطبيعة: فالطبيعة بكل ما تحتويه من أرض وسماء، وإنسان وحيوان، ونبات وجماد، تصلح ميدانا” رحبا”، ومجالا” فسيحا” للجمال، والقرآن الكريم حين تناول “الطبيعة” لفت الإنسان إلى كثير من دقائقها. وأسلوب القرآن في عرض مشاهد الجمال من الطبيعة على نوعين:
–نوع إجمالي: وذلك أن يتناول الأشياء الكلية على وجه الإجمال، ثم يحوّل النظر إليها، كي يعيش المرء معها بعمق وتمعن، ويستخرج منها نتائج وأسرارا”. قال تعالى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} فهذا المشهد العظيم لوحة من الطبيعة، التي لا تحدها الأبعاد والأنظار، يسرح فيها العقل والبصر، ليستنتج منها نتائج معينة، الجمال ليس بآخرها.
– نوع تفصيلي: وذلك أن يتناول جزءا من أجزاء الطبيعة، ومظهرا من مظاهرها، ويرشد إلى الجمال فيه، بالتصريح أو بالتلميح. قال تعالى: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ}.
ب-الإنسان: الإنسان ميدان آخر للجمال، يتخلله الجمال منذ مرحلة تكوينه ونشأته، إلى مرحلة نضجه وتكامله، بل إن الجمال من أبرز سمات الإنسان التي نوه بها القرآن الكريم، للدلالة على قدرة الله تعالى وإبداعه، يمتن الله به على عباده، فيقول تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} وقال جل وعلا: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} وقال عز سبحانه: {يا أيها الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ} {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} فالتسوية التامة للإنسان، هي النقطة الأساسية، التي ينطلق منها جمال الإنسان، لأن عدم الخلل والنقص في بنيته، دليل على جماله وقد خلق الله الإنسان فبلغ به من الإحسان والإتقان ما بلغه.
ج-الفن: والفن نتاج إنساني، استفاده من الطبيعة التي سخرها الله له، ومن عقله الذي وهبه إياه، والإسلام قائم على أساس العقيدة، ذات التصور الشامل عن الكون والحياة والإنسان، ولهذا فلا مجال فيه للباطل من الأوهام والخرافات، والأصنام والأوثان. ويعد الفن مجالا خصبا للجمال لا ينضب ما دام الإنسان قائما على وجه الأرض، وقد تمثل الجمال الفني في الإسلام في أمور كثيرة، أهمها ما يلي:
* النقش والزخرفة: عرف المسلمون قديما بهذا الفن الجمالي، حتى قيل: إن الفن الإسلامي فن زخرفي، ذلك أنه لا يكاد يخلو أثر إسلامي، بدءا بالخاتم ومرورا بالأواني، وانتهاء بالبناء الضخم وقد قامت الزخرفة على نمطين:
– نمط نباتي أو ورقي: وهو الذي أبرز بأساليب متعددة، من إفراد ومزاوجة، وتقابل وتعانق، وفي مجالات متنوعة، من جدران وقباب، وتحف نحاسية وزجاجية، وصفحات الكتب وأغلفتها، ونحو ذلك.
– نمط هندسي: وذلك باستعمال الخطوط الهندسية وصياغتها في أشكال فنية رائعة، على شكل نجوم أو دوائر متداخلة، أو نحو ذلك، وقد زينت بهذا النوع من الزخرفة المباني والتحف الخشبية والنحاسية، والأبواب والسقوف، ونحو ذلك.
* الكتابة والخط: كانت الكلمة ولا زالت، ميدانا رحبا للجمال الفني، سواء كانت نثرا أو شعرا، ولقد تبوأ الخط والكتابة مكانة عظيمة، منذ بدء الوحي حيث اتخذ الرسول ﷺ كتابا للوحي، يكتبون كل ما ينزل من القرآن، فكتب على جريد النخل، وصفائح الحجارة، وجلود الأنعام، والأخشاب كما نقل من ذلك وكتب في مصحف واحد في عهد أبي بكر الصديق عندما خشي ضياعه بذهاب القراء في الجهاد. ولقد برع الكتاب براعة عظيمة، عندما أصبح الخلفاء والأمراء والخطباء والعلماء، والشعراء وغيرهم من صناع الكلمة ومصدرها، ذوي منزلة في المجتمع، وأصحاب الشأن في الدولة، فبلغ الخط والكتابة شأوا بعيدا، وحظي بعناية فائقة من المسلمين، وتفنن الناس فيه، حين صار أداة ضرورية للمعرفة، فأكسبوه ألوانا وأشكالا، فوجد الخط الكوفي، والفارسي، والنسخي والرقعي، والمغربي والديوانى والثلث، كما فَرَّعُوا عليها فروعا كثيرة، لا يسع المجال لذكرها.
* العمارة والتخطيط: والعمارة قديمة قدم الإنسان، وتتطور كلما طوّرت وسائلها عبر القرون والأجيال، إلا أنها في الإسلام، أحدث فيها ما لم يكن موجودا من قبل، ووضعت أمام معطيات منهجية تجعلها تؤدي وظيفتها، بطريقة جمالية مضبوطة، وقد تركز هذا الفن الجمالي على شيئين بارزين، هما:
1 / المساجد ودور العبادة: لقد قطع الفن المعماري أشواطا بعيدة، حقق فيها التنوع الرائع، والانسجام الجميل، إذ ظل المسجد، ذا طابع خاص، وشكل مميز، إضافة إلى العناصر الأخرى التي تؤكد ذلك التميز.
2 / المساكن والبيوت: كان للإسلام أيضا تأثيره على الفن المعماري للبيوت والمساكن التي يسكنها كثير من الناس، والقصور التي يسكنها الخلفاء والأمراء، وأصحاب الجاه والمال، وقد شهد لهذا التأثير، عالم غربي، هو ج. مارسيه حين قال: (لقد تغلغل الإسلام في الحياة البيتية، كما دخل حياة المجتمع، وصاغت الطبائع التي نشرها، شكل البيوت والنفوس).
وإنما تميز البيت المسلم عن غيره، لارتباطه بالكثير من الشئون الاجتماعية، التي صاغها الإسلام صياغة جيدة، ونظمها تنظيما رائعا والتي ينبغي مراعاتها في البيوت الإسلامية، ومن تلك الأمور:
– الحجاب، الذي يفصل الرجال عن النساء.
– الاستئذان خارج البيت، للدخول فيه.
– الاستئذان داخل البيت، للدخول في غرفه، ونحو ذلك.