يعد رمضان فرصة عظيمة للعمل التطوعي، فالنفوس تواقة للعمل الخيري والإنساني، والكل يريد أن يتسابق لعمل الخير وكسب الحسنات وعمل الطاعات، فالأجواء في رمضان مهيئة لعمل الخير، كما ورد في الحديث الصحيح:” إذا جاء رمضان، فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين”، والأوصاف الثلاثة في الحديث كلها دالة على إقبال النفس على العمل الصالح إشارة إلى فضل التطوع في رمضان.
وفي حديث الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة أن النبي ﷺ:” وينادي مناد كل ليلة، يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر. فشهر رمضان مرغب لفعل الخيرات خاصة عند أصحابه، فيعمل عمل الخير والتطوع أسهل في رمضان عن غيره من الشهور.
تطوع كالريح المرسلة
ويتأكد التطوع في رمضان عن غيره من الشهور، بما ورد أن النبي ﷺ كان يكثر فيه من الخير والعطاء للناس ومساعدة الفقراء والمحتاجين وعون كل صاحب حاجة، بل ويكثر في هذا الشهر من التطوع والعمل الصالح أكثر من غيره، حتى وصف ابن عباس النبي ﷺ في هذا الشهر- كما في الصحيحين-أنه كان أجود بالخير من الريح المرسلة”.
ووصف ابن عباس النبي ﷺ أنه أجود بالخير من الريح المرسلة، لأن الريح لا تبقي ولا تذر، وكذلك حال النبي ﷺ أنه ما كان يترك مالا عنده، بل كان ينفقه كله ويجود على الناس بكل ما عنده.
فكان ينفق ما عنده على الفقراء والمساكين والمحتاجين، ويساعد كل من يحتاج إلى مساعدة، ويرشد الناس إلى الخير والنفع.
إيقاظ الأهل لصلاة الليل
ومن مظاهر التطوع أن النبي ﷺ كان يوقظ أهله بالليل لصلاة التهجد، بل ربما ذهب إلى بيت ابنته فاطمة، فيوقظها هي وزوجها عليا لصلاة التهجد.
التطوع بصدقة الفطر
ومن مظاهر التطوع التي سنها النبي ﷺ أنه سن لنا صدقة الفطر من غالب قوت الناس مما كان عندهم، فيخرجوها للفقراء والمساكين والمحتاجين، حتى لا يحتاجوا إلى السؤال في هذا الشهر، وأجاز بعض الفقهاء إخراجها قيمة، بل من عجيب التطوع في صدقة الفطر أنه كان فقيرا، وقد ملك قوت يوم العيد وفاض عنده؛ أخرج لغيره من الفقراء، حتى لا يبقى فقير واحد في يوم العيد، لأنه يوم فرح وسعادة، فلا ينبغي أن يحتاج الفقراء فيه؛ لتتم سعادتهم.
تفطير الصائمين
ويمتد التطوع في رمضان حتى لا يقف عند الفقراء، بل يكون لعموم المسلمين، من الأقارب والجيران والمعارف، من خلال تفطير الصائمين، وهو أعم من مساعدة الفقراء، لأن الصائم قد يكون غنيا، ويحث النبي ﷺ على التطوع بتفطير الصائمين عموما، ويعد من يفعل ذلك أن له مثل أجر الصائم، كما في الحديث: ” من فطر صائما، كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء”.
التطوع العام
كما يدخل في ذلك التصدق على الفقراء والمحتاجين بشراء ملابس العيد، وتوفير السلال الغذائية لهم في رمضان، وقضاء ديونهم، والتصدق عليهم، وقضاء حوائجهم، وإرشاد الناس إلى الخير، وتذليل الصعاب لهم، والوساطة لهم فيما يسهل لهم أمورهم، والكلمة الطيبة التي تدخل البهجة عليهم، والإحسان إليهم بكل أنواعه. وإن من ينظر إلى تطوع المسلمين في رمضان ليفخر بهذه الأمة، ويعلم أن هذه الأمة مازالت حية بعطائها المتجدد، وكثرة أنواع الخير والتسابق إليه، ما يعني أن هذه الأمة إن مرضت، لكنها لا تموت، وأن الخير فيها سجية، وأن الصالحين في هذه الأمة لا يعدمون، وأن الفطر الأصيلة في الأمة باقية، والخير فيها باق إلى يوم القيامة.