دان المشاركون في المؤتمر الدولي للمرأة تحت عنوان “المرأة ومسيرة التطور التنويري الواقع والمأمول”، الذي تعقده كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر بالقاهرة، ظلم المتطرفين للمرأة باسم الإسلام .. وحذروا من تنامي موجة الإسلاموفوبيا التي تستند إلى الممارسات الخاطئة التي يرتكبها بعض المتأسلمين ضد المرأة وقتلها معنويا..
فمن جهته أكد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر فى الكلمة التي ألقاها نيابة عن الدكتور أحمد الطيب، شيخ الازهر إنه لابد من تضافر جهود جميع المؤسسات من أجل النهوض بالمرأة، فهي كانت ولا تزال محل رعاية وعناية فى الإسلام، واجتهادات الفقهاء تظهر مكانة المرأة وتبدل حالها من المهانة فى الجاهلية إلى العزة والكرامة فى الإسلام.
وأوضح، أن الإسلام جعل للمراة حقا فى الحياة بعد أن كانت تدفن حية كما جعل الإسلام المرأة فى ذمة الرجال، تتنقل من ولاية أهلها إلى ولاية زوجها فإن فقدت الزوج عادت إلى أهلها، لهذا فإن المرأة فى جميع حالاتها مسئولية الرجل، وجعل لها الإسلام نصيبا مفروضا من الميراث حدده الشرع، بعد أن كانت فى الجاهلية تورث لذاتها، كما أفرد لها الإسلام ذمة مستقلة، وجعلها جوهرة مكنونة تصان وتحمى جسدها من أعين الرجال.
اجتهادات الفقهاء تظهر مكانة المرأة وتبدل حالها من المهانة فى الجاهلية إلى العزة والكرامة فى الإسلام
وأنهى كلمته أن الإسلام اعتنى بالنساء عامة وليس بالمسلمات خاصة، فلما رأى النبى – ﷺ – امرأة مشركة مقتولة فى غزوة غضب غضبا شديدا وقال: ” ما كانت هذه لتقاتل فلم قتلتموها ” وعلى الفور أصدر توجيهات لمقدمة الجيش عدم قتل النساء أو الأطفال.
معضلة الميراث
كما أشار إلى أنه بنظرة مجردة مفصولة عن التسليم بحكمة التشريع في توريث المرأة مثلًا، يحتمل أن يوجد شيئًا في نفوس الرجال كما أوجده في نفوس النساء، فليست المرأة على النصف من الرجل كقاعدة مطردة على اعتبار دونية المرأة عن الرجل كما يفهمه البعض، وإنما الأمر يرجع إلى مراعاة الحال والحاجة للمال، والقرب والبعد من المورِّث، والتسبب في تحصيل المال في حياة المورِّث.
وضرب وكيل الأزهر مثلا حين قال: الابنة حين تكون على النصف من نصيب أخيها في تركة والدهما، قد تكون أحسن حالًا منه، فهو سيتزوج بصاحبة نصف كأخته، ويقتضي هذا أن يجهزها – كما في بعض العادات – وينفق عليها، بينما تهنأ هي بميراثها كأخته التي سيتزوجها مَن يجهزها وينفق عليها وتهنأ هي بميراثها.
وتعجب قائلا: لست أدري هل عَلِمَ مَن يرَوْنَ ظلم المرأة في الميراث وينادون بإنصافها، أن المرأة ترث مثل نصيب الرجل من نفس التركة في حالات معينة، كمن مات وترك ابنًا وأبًا وأمًّا، فـ(لأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ)، ومن ماتت وتركت زوجًا وأختًا فالتركة بينهما مناصفة، وهل يعلمون أن المرأة يمكن أن يزيد نصيبها على نصيب رجل يشاركها في نفس التركة، كمن ماتت وتركت بنتًا وزوجًا، فيكون نصيب الزوج ربع التركة بينما نصيب البنت ثلاثة أضعافه فرضًا وردًّا؟! وهل يعلمون أن فرض الثلثين – وهو أكبر فرض ورد في الميراث – خاص بالنساء وهن البنات والأخوات ولا يمكن أن يرث به الرجال؟! وهل يعلمون أن الرجل المساوي للمرأة في اتصاله بالمورِّث لا يرث بينما ترث المرأة في نفس التركة، كالجد لأم، فلا ميراث له في تركة حفيده بينما زوجته ترث السدس من تركة نفس الحفيد؟!
وتابع: أما عن حبس المرأة وقهرها من قبل الرجال فلا مجال له في الإسلام، بل إن ارتباط المرأة بسلطة الرجال هو ارتباط حماية وتكريم وصيانة، ومن شذ من الرجال فاستبد وتسلط فالعيب فيه وليس في شريعة الإسلام.
المرأة الإماراتية
من جانبها أكدت سمو الشيخة خلود القاسمى، مدير إدارة المناهج بوزارة التربية والتعليم الإماراتية، أن دولة الإمارات منحت المرأة الدعم الكامل والمطلق، مما جعلها تتربع على عرش المناصب العلمية والثقافية والمجتمعية دون منافس أو عائق لها حتى أصبحت المرأة وزيرة، ومقاتلة حربية، وطبيبة بفضل اهتمام الدولة بتعليمها وإعطائه المزيد من المساحات الفكرية والإبداعية دون رابط أو مقيد، مما يجعل المراة الإماراتية قادرة على تولى القيادة.
الإسلام يفجر طاقات المراة ويجعل منها عنصرا فاعلا بالمجتمع
وأشادت بدور الأزهر فى مراجعة المناهج الوطنية الإسلامية الإماراتية ودعمهم الدائم لكل ما يخص أمور الإسلام فى المناهج التعليمية وخاصة في اللغة العربية والتربية الدينية، ولهذا فإن للمرأة دورا عظيما في تحقيق التنمية المنشودة إلى أن العالم العربي اتخذ خطوات لتمكينها من المناصب القيادية.
وأشارت القاسمي إلى أن المرأة الإماراتية حازت اهتمام جميع المسئولين هناك، وأخذت مكانها في شتى المجالات تحت رعاية أم الإمارات الشيخة فاطمة بنت المبارك حتى أصبحت المرأة نموذجا لقريناتها في الدول العربية، ولهذا فإن تعزيز دورالمرأة الذي يباق غائبا وحاضرا، ولهذا فإن المرأة الإماراتية حققت المركز الأول في مجالها التعليمي
وقالت : إن الإسلام لا يريد دفن طاقات المرأة وسلب أي دور لها في المجتمع، بل العكس تماماً فهو يريد أن يفعّل طاقات المرأة في الاتجاه الصحيح، لتكون عنصراً فعالاً له دوره الإيجابي والبناء في المجتمع لأن الفعالية في المجتمع ليست خاصة بالرجال بل هي تكليف للمؤمنات كما كانت تكليفا للمؤمنين.
للمرأة قدرها في الإسلام وجهدها، فكثير من الصحابيات روين الأحاديث عن النبى وروى عنهن الرجال من الصحابة والتابعين
وأوضحت أن للمرأة دورا فى تحقيق التنمية المنشودة، لقد خطت المرأة فى العالم العربى خطوات واسعة فى مشاركتها فى التنمية، لكن مازالت هناك بعض العوائق التى تعيقها من تمكينها من تقلد بعض المناصب، لأن المرأة الإماراتية حظيت بدعم استثنائى لتقف بجانب الرجل فى بناء الوطن، وتسجل المزيد من الانتصارات، ولا ننسى أن هذا يتم استكمالا ما بدأه الوالد الشيخ زايد رحمه الله
قال الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر، إن النبي ﷺ كان يعلم النساء كما يعلم الرجال، كما كان يخصص لهن دروسا يعلمهن ما يخص شئون حياتهن
وأضاف الهدهد، أن كثير من الصحابيات روين الأحاديث عن النبي ﷺ، وروى عنهن الرجال من الصحابة والتابعين، كما أن الإمام ابن الأثير خصص جزءا من كتابه “أسد الغابة فى معرفة الصحابة” عن النساء كما أن هناك نساءا علمن رجالا صاروا قمم علم، كما أن بعض العالمات تولت مشيخات بعض “مجالس علم” تنفق عليه وتقوم بالتدريس فيه، والإسلام لم يأت لظلم المرأة ولكنه اهتم بها أشد الاهتمام.
تكريم المرأة
لتنوير ضرورة مجتمعية وسنة كونية تنطلق من مبدأ ديني والنساء شركاء في عملية التنوير
قالت الدكتورة اعتماد عبد الصادق عفيفى، عميدة كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات جامعة الأزهر، إن التنوير ضرورة مجتمعية، وسنة كونية تنطلق من مبدأ ديني أساسه ما روته السيدة عائشة وأنس رضي الله عنهما من قول النبي ﷺ: “أنتم أعلم بأمور دنياكم “، فلا يظهر أثر التنوير ضرورة عصرية لصلاح حال الأمة ولصلاح حال المجتمعات ولرقى الأفراد ولنهضة الشعوب، والتنوير الذى نعنيه هو التنوير المنضبط الذي قاده أعلام الأمة ومفكروها على مدار قرنين من الزمان، وحقق التنوير انتصارات، وظفرات عظيمة لا يمكن تجاهلها، وقد كان الأزهر ولا يزال مشاركا فى التطور التنويرى للمجتمع، حاملا رسالته إلى العالم العربي والإسلامي وفق أسس وقواعد وسطية لا تنغلق على الذات ولا تفرط فى الثوابت والمقدسات، ويأتي تنظيم مؤتمر المرأة ومسيرة التطور والتنوير ليناقش فى رحاب الأزهر.
وأوضحت أن للمرأة الحق فى تقلد المناصب العامة، وأصبح لزاما على المرأة المساهمة فى تطوير عملية التعليم، لأن من أهداف المؤتمر دراسة الواقع الإيجابي والسلبي للمرأة فى عالم اليوم، ودراسة دور المرأة فى التطور التنويري على مختلف المجالات، ودراسة دور المرأة فى تحقيق الأمن الفكري المجتمعي، ودراسة الاتجاهات الفكرية المنهجية فى البناء الفكري العلمي للمرأة، ودراسة دور المرأة فى التجديد والإبداع الفكري، وإصدار وثيقة المرأة.