تعزيز المساواة ومناهضة التمييز مبادئ في قلب حقوق الإنسان تساعد على الحد من الحرمان على أسس متعددة في مختلف المجالات. فحقوق الإنسان ليست حكرا على مجموعات بعينها، إنما هي للجميع، ولكافة مكونات المجتمع وفي جميع أنحاء العالم.

في هذا الإطار تُقام في الدوحة فعاليات منتدى الحوار الإقليمي حول “حقوق الإنسان: المساواة ومناهضة التمييز”، الذي تُنظمه اللجنة الوطنيّة لحقوق الإنسان بالتعاون مع الشبكة العربية للمؤسسات الوطنيّة لحقوق الإنسان ومفوضية الأمم المُتحدة لحقوق الإنسان على مدى يومين.

نحو تعزيز المساواة ومناهضة التمييز

يشارك في منتدى تعزيز المساواة ومناهضة التمييز عدد من الخبراء المحليين والدوليين المعنيين بقضايا حقوق الإنسان، من بينهم المُمثل الإقليمي لمكتب مفوضية الأمم المُتحدة السامية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يشمل جدول أعمال المُنتدى عرضًا لأفضل المُمارسات وتجارِب الحكومات في مُعالجة العنصريّة والتمييز العنصري، من بينها تجارب العديد من الدول العربية. ويشمل كذلك عرضًا لأفضل المُمارسات وتجارِب المؤسسات الوطنيّة لحقوق الإنسان في ذات القضية.

كما تشمل جلسات منتدى الحوار الإقليمي حول المساواة ومناهضة التمييز أيضًا عرضًا لعددٍ من أوراق العمل عن الأطر القانونيّة للهجرة في مِنطقة الخليج وظروف العمل والعيش اللائقة للمهاجرين وكذلك المعايير الدوليّة لمُكافحة العنصريّة والتمييز العنصري بالإضافة إلى الاندماج الاجتماعي والمُمارسات الجيّدة وعدد من الموضوعات الأخرى.

تعزيز المساواة ومناهضة التمييز .. نحو عالم بلا عنصرية

ولا يزال التمييز لا قائما تجاه الأقليات الدينية والإثنية والقومية، والأشخاص ذوي الأصول الأفريقية، والسكان الأصليين، والأشخاص ذوي الإعاقة، والمهاجرين، وكبار السن، والأطفال، والنساء وغيرهم من المجموعات.

وتختلط أشكال التحيز التاريخية مع عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية وتؤدي إلى النزاعات والعنصرية وكره الأجانب. وفي نفس الوقت خلقت خطة التنمية المستدامة لعام 2030 والتزامها بأن “لا يخلف الركب أحداً وراءه” زخماً للعمل على تحقيق المساواة وعدم التمييز.

خطاب الكراهية في الفضاء الرقمي

وتعمل العديد من المؤسسات الدولية من أجل تحقيق المساواة ومناهضة التمييز عبر القوانين والمؤسسات، كما تشجع على الخطابات التي تدمج المساواة وعدم التمييز والقائمة على الحقوق، وتولي اهتماما خاصا بالتمييز تجاه النساء، والأشخاص ذوي الإعاقة والمهاجرين، كما تناهض خطاب الكراهية في الفضاء الرقمي.

خلال السنوات الأربع الماضية عملت المؤسسات الدولية والمحلية وعلى رأسها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على تعزيز فعالية القوانين في مكافحة كافة أشكال التمييز بفعالية أكبر، كما قامت بتطوير ممارسات جيدة لمكافحة التمييز وتحديد المعايير الاجتماعية الكامنة، كما دعت إلى استراتيجية لمناهضة التشريعات والممارسات والسياسات التمييزية، ومعارضة التنميط العنصري والممارسات التمييزية.

كما دعمت الجهود المحلية لمكافحة التمييز وتشجيع الشباب، بما في ذلك من خلال المدارس، على المجاهرة بالقول ضد التمييز. وأولت اهتماما خاصا للتمييز المتعدد الجوانب وسنواجه التهديدات المتزايدة لخطاب الكراهية وجرائم الكراهية.

تعزيز المساواة ومناهضة التمييز .. نحو عالم بلا عنصرية
نحو عالم بلا عنصرية

كما قامت أيضا بتطوير الأبحاث بشأن كيفية تقويض القوالب النمطية الجنسانية والأعراف الاجتماعية في وسائل الإعلام، ونظام العدالة والفضاء الرقمي للمساواة بين الجنسين، ووضعت أدوات وتوجيهات لبناء قدرات الصحفيين والقضاة وشركات التكنولوجيا الرقمية وموظفي مراقبة الحدود وموظفي إنفاذ القانون للتصدي للتحيزات الجنسانية الضارة في عملهم.

كما لعبت دورا في رفع مستوى وعي الشباب والمجتمعات، ومساعدة منظمات المجتمع المدني على رصد وتحليل القوالب النمطية الجنسانية وتحدي التحيز والأعراف الاجتماعية الضارة.

آثار الذكاء الاصطناعي

زودائما في إطار المساواة ومناهضة التمييز عملت المؤسسات الدولية والمحلية على تحليل آثار الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والتمييز وخطاب الكراهية في الفضاء الرقمي على حقوق الإنسان، و تحديد وتوضيح المبادئ وأفضل الممارسات. وتتعاون مع الحكومات والقطاع الخاص لحماية حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي، ومعالجة التمييز الرقمي وخطاب الكراهية. كما تساعد على معالجة الفجوة الرقمية وتسعى لدمج حقوق الإنسان على صعيد عمل منظومة الأمم المتحدة في هذا المجال.

شقّورة: لكل حقه في التمتع بحقوقه

في كلمته الافتتاحية للمنتدى أكد مازن شقّورة، الممثّل الإقليمي للمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقول الإنسان، أنه وبمناسبة الذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان السنة الماضية، قامت المفوضية بتجديد التزامات الدول وإعادة التأكيد على قيم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان باعتبارها السبيل الوحيد لمعالجة تحديات الحاضر والمستقبل.

وقال شقورة في منتدى الدوحة حول المساواة ومناهضة التمييز أن المادة 2 من الإعلان التي تنص على أن “لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات دون تمييز من أي نوع، ولاسيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر” لذلك، تُعتبر مكافحة التمييز والعنصرية أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق مجتمع عادل ومتساوي، حيث يمكن لجميع الأفراد التمتّع بحقوقهم دون تمييز أو تحيّز.

تعزيز المساواة ومناهضة التمييز .. نحو عالم بلا عنصرية
المفوضية السامية لحقوق الانسان

ونوه مازن شقّورة في كلمته بمنتدى تعزيز المساواة ومناهضة التمييز، بالتقدّم الملحوظ الذي حقّقته دول مجلس التعاون الخليجي في مجال حقوق الإنسان:

  • صادقت جميعها على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وحققت تقدما كبيرا في تنفيذها.
  • تطور في الممارسات التي تهدف إلى حماية حقوق جميع الأفراد، بما في ذلك المهاجرين في المنطقة.
  • أنشأت عدة أُطُر قانونية شاملة لمنع التمييز على أساس الأصل العرقي أو الجنسية، وتقوم بإجراء إصلاحات كبيرة في هذا الصدد.
  • زيادة في التفاعل مع آليات حقوق الإنسان، وهو تطوّر إيجابي ويفتح الباب للمزيد من التعاون في مجال بناء القدرات وزيادة الوعي بأهمية حماية حقوق الإنسان لجميع الأفراد.

الجمَّالي: خطة استراتيجية عربية

من جهته أكد الأستاذ سلطان بن حسن الجمَّالي، الأمين العام للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، في كلمة له بمنتدى تعزيز المساواة ومناهضة التمييز ، أن للشبكة خطة استراتيجية تتضمن أهدافاً وأنشطة تلاقت بشراكات مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وجامعة الدول العربية ولجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان والمعهد العربي لحقوق الإنسان ومنظمة اليونسكو وغيرهم من أصحاب المصلحة من منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية والتي تطول قائمتها.

وأضاف أن الشبكة عملت خلال الأعوام الثلاثة عشرة المنصرمة، على تعزيز وحماية حقوق الإنسان في المنطقة العربية، وذلك من خلال مئات الفعاليات التوعوية والتثقيفية والتنسيقية والتدريبية، بما شملته من مؤتمرات ومنتديات وحوارات وورش ودورات وفرق عمل وأدلة وجهود، كان من شأنها بناء وصقل المهارات في شتى مجالات حقوق الإنسان وفق الولاية الواسعة للمؤسسات الوطنية في هذا المجال، ناهيكم عن دمج واستهداف فئات من خارج المؤسسات الوطنية وذلك من المؤسسات الحكومية والبرلمانات والقضاء ومنظمات المجتمع المدني وفق طبيعة النشاط وموضوعه وكذلك من النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان.