دأب أهل المغرب على زيارة بيت المقدس منذ ما قبل الاحتلال الفرنجي لمدينة بيت المقدس وما حولها  سنة 492هـ/1099م، فقد اعتادت جماعات من أهل المغرب العربي السفر لبيت المقدس لزيارة مسجدها والصلاة فيه، وطلب العلم ، والمشاركة في جهاد الفرنجة الصليبيين، وتزايدت أعداد المغاربة والأندلسيين الذين فضّلوا الاستقرار في هذه الديار المقدسة خصوصاً بعد استرجاع القدس من الفرنجة سنة 583هـ/1187م، ومرةً أخرى بعد ضياع الأندلس سنة 898هـ/1492م  .

وكان للمغاربة دورٌ بارزٌ في فتح بيت المقدس وكسر شوكة الفرنجة في فلسطين، فقد تطوعوا في جيوش نور الدين زنكي ، وكان نور الدين يخصص لهم أوقافاً خاصة لاستنقاذ أسراهم من الصليبيين، كما طلب الناصر صلاح الدين الأيوبي من سلطان المغرب يعقوب المنصور مد يد العون وتزويده بأساطيل بحرية كي تُنازل أساطيل الفرنجة، فجهّز سلطان المغرب أسطولا كبيراً لمساندة الجيش الإسلامي في المشرق العربي.

منذ ذلك التاريخ أخذ هذا المكان من مدينة القدس يُعرف باسم حارة المغاربة الذي أزاله الصهاينة بعد احتلالهم باقي المدينة ، بعد أعملت جرافاتهم على مدار ثلاثة أيام هي 11 و12 و13 من حزيران عام 1967م ، هدمت خلالها أكثر من 135 منزلاً أثرياً، وحولوها إلى ساحة حائط المبكى (البراق) .

وقد أسكن الناصر صلاح الدين الأيوبي أعداداً من المغاربة في بيت المقدس بعد انتصار المسلمين في معركتي حطين وفتح بيت المقدس على الفرنجة، ثم أوقف ابنُه الملك الأفضل نور الدين علي بن صلاح الدين المساكن المحيطة بحائط البراق على مصالح الجالية المغربية المجاورة في القدس بُغيةَ التسهيل عليهم في إقامتهم، ومنذ ذلك التاريخ أخذ هذا المكان من مدينة القدس يُعرف باسم حارة المغاربة الذي أزاله الصهاينة بعد احتلالهم باقي المدينة ، بعد أعملت جرافاتهم على مدار ثلاثة أيام هي 11 و12 و13 من حزيران عام 1967م ، هدمت خلالها أكثر من 135 منزلاً أثرياً، وحولوها إلى ساحة حائط المبكى (البراق) .

وكان الشيخ الغوث أبو مدين شعيب بن حسين الأنصاري المولود  سنة 520 هـ والمتوفى سنة 594 ه بتلمسان غربي الجزائر ، يبث في محبيه وتلاميذه المغاربة روح الجهاد في سبيل بيت المقدس التي كانت واقعة تحت الاحتلال الصليبي.. وكانت النتيجة أن خرج المجاهدون من رباطه ببجاية التي تقع في الجزائر اليوم وغيرها من الحواضر والقرى بعد أن استنفرهم الأستاذ المربي قاصدين بيت المقدس للإسهام في تحرير المسجد الأقصى في معركة حطين الشهيرة سنة 583هـ، تحت إمرة صلاح الدين الأيوبي، وكانوا في طليعة جيشه .

وارتحل أبومدين إلى بيت المقدس وساهم في إنشاء رباط للجنود. وشرفه الله تعالى بقطع إحدى ذراعيه خلال الجهاد فدفنت بأرض بيت المقدس. وقد كرمه صلاح الدين بوقفية امتدت من باب المغاربة حتى باب السلسلة، ووقف عليها مزارع وبيوت وأملاك عديدة خاصة في عين كارم. ولا زالت صورة الوقفية محفوظة في سجلات المحكمة الشرعية في بيت المقدس.

جاء في وثيقة الوقف: “أوقفها بأموالها ومياهها وآبارها وسواقيها وسهلها ووعرها ومبانيها وقفا لله يصرف للسابلة من المغاربة المارين والمنقطعين للعلم والجهاد المرابطين على وصية صلاح الدين الأيوبي”

وقبل وفاة أبي مدين الغوث أوقف ما أنعم به عليه السلطان صلاح الدين من قرية “عين كارم” بكاملها بضواحي القدس الشريف، وقرية “إيوان” التي تقع داخل المدينة العتيقة ويحدها شرقاً حائط البراق. وقرية “عين كارم من أشهر قرى القدس الغربية المحتلة اليوم ، وفيها من العيون ومصادر المياه والأشجار المزروعة والثمار والعنب.. وكل حق يعود لهذه القرية يكون لصالح هذا الوقف. كما أوقف أبو مدين سكنا للواردين من المغاربة ومحلات ومرافق عمومية، وجعل عائدات هذا الوقف خالصة لأهل هذا الحي وجعل شروطاً واضحة لمن تكون له نظارة هذا الوقف، وشروطاً كذلك في طريقة التوزيـع والمستفيدين وما يرتبط بذلك؛ وجاء في وثيقة الوقف: “أوقفها بأموالها ومياهها وآبارها وسواقيها وسهلها ووعرها ومبانيها وقفا لله يصرف للسابلة من المغاربة المارين والمنقطعين للعلم والجهاد المرابطين على وصية صلاح الدين الأيوبي” وقال في آخرها: “ومن بدل أو غير فالله حسيبه، ومن بدل أو غيّر فلعنة الله عليه والملائكة والناس أجمعين بقيت “عين كارم” أعظم أوقاف الإسلام بفلسطين، وقف الإمام والمجدد أبي مدين شعيب، أكثر من ثمانية قرون صامدة وحامية لبيت المقدس من أضعف جهاته الجهة الغربية، عند باب النبي، حتى جاء ونسفها الاحتلال الصهيوني سنة 1948 واحتلوها بالكامل.