يعد هذا الكتاب “جزء تحفة عيد الفطر” لأبو القاسم السحامي أحد الأجزاء الحديثية التي جمعت الأحاديث الخاصة بموضوع عيد الفطر، والتصنيف بطريق جمع الأحاديث من باب معين أو موضوع- معين في جزء حديثي مستقل مما دأب عليه المحدثون قديما، بل هوأحد الطرق المعتمدة في التصنيف لو نظرنا تاريخ الحضارة الإسلامية.

المقصود بالجزء وجمعه أجزاء في تاريخ تصنيف الكتب عند المحدثين هو أن يعمد المؤلف إلى جمع مرويات واحد من الصحابة، أو من بعدهم في جزء، أو يعمد إلى جمع طرق حديث ما برواياته المتعددة، والحكم عليه ونحو ذلك.

قال الكتاني: ” والجزء عندهم تأليف الأحاديث المروية عن رجل واحد من الصحابة، أو من بعدهم” .

وقال الدكتور محمود الطحان: “والجزء الحديثي في اصطلاح المحدثين يعني كتابا صغيرا يشتمل على أمرين:

  1. إما جمع الأحاديث المروية عن واحد من الصحابة، أو من بعدهم.
  2. وإما جمع الأحاديث المتعلقة بموضوع واحد، على سبيل البسط والاستقصاء”.

فالأجزاء الحديثية لها مكانة رفيعة عند أهل هذا الشأن من المختصين في علوم الحديث، لاشتمالها على أحاديث وأسانيد وطرق، يندر وجودها في غيرها، كما أنها أيضا من مصادر السنة المطهرة .

من هو مؤلف كتاب “جزء تحفة عيد الفطر”؟

هو الإمام الحافظ أبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمد النيسابوري الشحامي المستملي الشروطي، ولد -رحمه الله- في الرابع عشر من ذي القعدة سنة ست وأربعين وأربعمائة من الهجرة النبوية. اعتنى به والده منذ الصغر، فسمعه الحديث، وهو في الخامسة من عمره. وتتلمذ الإمام زاهر الشحامي على شيوخ عدة، من أشهرهم، والده، وأبو يعلى الموصلي، وأبو بكر البيهقي، وسعيد بن منصور القشيري.

وللإمام أبو القاسم السحامي مكانة عالية، بين العلماء، فهو من كبار علماء الحديث، قال الذهبي:”واستملى على جماعة، وخرج وجمع، وانتقى لنفسه السباعيات، وأشياء تدل على اعتنائه بالفن … وكان ذا حب للرواية، فرحل لما شاخ، وروى الكثير ببغداد وبهراة، وأصبهان، وهمذان، والحجاز ونيسابور، … وأملى نحوا من ألف مجلس، وكان لا يمل من التسميع.

وقال السمعاني: ” كان مكثرا متيقظا، ورد علينا مرو قصدا للرواية بها، وخرج معي إلى أصبهان، لاشغل له إلا الرواية بها، وازدحم عليه الخلق، وكان يعرف الأجزاء، وجمع ونسخ وعمر … “

ووصفه أيضا العلامة ابن كثير بقوله: “المحدث المكثر الرحال الجوال، سمع الكثير، وأملى بجامع نيسابور ألف مجلس …

ما هي موضوعات “جزء تحفة عيد الفطر”؟

هذا الجزء،”جزء تحفة عيد الفطر” للعلامة زاهر بن طاهر الشحامي-رحمه الله تعالى- قصد به مؤلفه جمع الأحاديث الواردة في عيد الفطر، وقد بلغت الأحاديث والآثار فيه، ثلاثة وستين حديثا مسندا، (63) تناول فيه مؤلفه موضوعات مهمة لها علاقة وثيقة بعيد الفطر ومن ذلك ما يأتي :

أحكام العيدين بصفة عامة، وأحكام عيد الفطر بصفة خاصة، مثل ثبوت رؤية هلال شهر شوال، والحكم إذا غم الهلال، وحكم صيام الست من شوال، وكيفية الخروج إلى صلاة العيد، والرجوع منه، وأن السنة ألا يخرج للفطر إلا بعد أن يطعم، وفي عيد النحر السنة ألا يطعم حتى يطعم من أضحيته، وحكم زكاة الفطر، ومقدارها، وعلى من تجب، والحكمة من فرضيتها، ووقت إخراجها، ووقت الخروج إلى العيد، وصفة ذلك، والتجمل له، ومكان صلاة العيد، وحكم التهليل والتكبير فيه، وتحريم صوم يومي العيدين، والغسل والطيب فيهما، وبيان اللهو المباح فيهما، وصفة صلاة العيدين، وحكم الأذان والإقامة فيهما،

كما يتضمن الكتاب أيضا، الحكم إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد، وحكم صلاة العيد، وصفة ذلك، وأحكام ذلك، والقراءة فيهما والسنة في ذلك، وحكم صلاة النافلة قبله وبعده، وكيفية التهنئة بالعيد، وحكم حضور النساء لصلاة العيد، وإتيان الإمام النساء في المصلى ووعظهن، وحكم الاستماع إلى الخطبة، والإذن لمن أراد أن ينصرف بعد الصلاة، وغير ذلك من أحكام العيد.

6 نماذج لأحاديث صحيحة احتواها كتاب “جزء تحفة عيد الفطر”

وقد اعتنى الدكتور عبد العزيز مختار إبراهيم بتخريج أحاديث الكتاب ودراستها والحكم عليها صحة وضعفا، سندا ومتنا، ومن نماذج الأحاديث الصحيحة التي احتواها الكتاب ما يأتي:

  1. عن عائشة، رضي الله عنهم قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “ما على أحدكم، أن يكون- يعني – له ثوبان، سوى ثوبي مهنته، لجمعه أو لعيده”، قال المحقق: إسناده صحيح.
  2. عن ابن عمر رضي الله عنهما: “أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، أمر بزكاة الفطر، أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة . وأصل الحديث في صحيح البخاري
  3. عن أبي عبيد مولى ابن أزهر، يقول: شهدت العيد مع عمر رضي الله عنه، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، وقال: “إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نهى عن صيام هذين اليومين، يوم الفطر، والأضحى”. والحديث صحيح.
  4. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “كان يكبر في العيد ثنتي عشرة تكبيرة، سبعا في الأولى، وخمسا في الآخرة. والحديث صحيح
  5. عن النعمان بن بشير، رضي الله عنه قال: “كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية، وربما اجتمعا في يوم عيد فقرأ به فيهما”. صحيح مسلم
  6. عن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: “كان النبي – صلى الله عليه وسلم -، إذا خرج يوم العيد في طريق، رجع في غيره ” قال المحقق: إسناده حسن.