حديث “المؤمن يموت بعرق الجبين”
عن بريدة عن النبي ﷺ أنه قال: «المؤمن يموت بعرق الجبين». [حديث صحيح رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان]. إن الجزم بأمارات حسن الخاتمة أو عكسه فمرد كل ذلك إلى عالم الغيب وإلى نصوص الوحيين، لا إلى مقياس الناس والظنون ورجم بالغيب وجولات خيالية التى تضاهي الشرع، فلا يعلم في الدين الاستدلال على علامات حسن الخاتمة إلا عن طريقتين: الطريقة الأولى: التوفيق بالعمل الصالح قبل الموت، لقول رسول الله ﷺ ” إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله ” قالوا: وكيف يستعمله؟ قال: ” يوفقه لعمل صالح قبل موته”.[1] وفي رواية:” ” إذا أراد الله بعبد خيرا، عسله “، قيل: وما عسله؟ قال: ” يفتح الله له عملا صالحا قبل موته، ثم يقبضه عليه “[2] ومصداق الحديث الشريف من قوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون}[فصلت: 30] ومن رزق الاستقامة على الطاعة وعمل صالح حتى الممات فإنه على الخير العظيم وعلامة على حسن الختام. الطريقة الثانية: التنصيص على علامات وأمارات معينة تظهر على الميت عند الاحتضار والنزع والتى يستبشر بها على حسن الخاتمة للإنسان المسلم، وهي علامات كثيرة دل عليها الكتاب والسنة النبوية، وقد استقرئها الشيخ الألباني من النصوص الواردة في ذلك، وبلغ بها في كتابه (أحكام الجنائز) إلى تسع عشرة علامة تدل على إحسان الظن بالميت على أنه رزق بحسن الخاتمة. إلا أن هذه العلامات ليست فيصلة في معرفة موت الصالح من موت الطالح، وربما يموت رجل صالح بدون أن يلوح عليه شيء من علامات حسنة، وكذا لا يترتب على هذه العلامات القطع بحكم الجنة لصاحبها كالمبشرين بالجنة بالنص؛ وإن كان يرجى له ذلك ويحسن بالله تعالى حسن الظن وأنه عسى أن يكون دليلا وعلامة على أنه مقبول في الصالحين. ومن ضمن العلامات المنصوص عليها في السنة النبوية: “موت المؤمن بعرق الجبين”. حديث رشح جبين المؤمن حديث مختلف في ثبوته بين أهل العلم بالحديث، منهم من أعله بعلة الانقطاع وضعفه، ومنهم من نفى ذلك وأثبته، وفي جامع الترمذي عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي ﷺ قال: “المؤمن يموت بعرق الجبين[3] وقال الترمذي:” هذا حديث حسن، وفى الباب عن ابن مسعود، وقد قال بعض أهل العلم: لا نعرف لقتادة سماعا من عبد الله بن بريدة”[4] وهذه العلة لتضعيف الحديث عند بعض أهل العلم. ووصف الإمام الترمذي الحديث بالحسن لأجل مجيئه من حديث عبد الله بن مسعود مرفوعا وموقوفا وإن كان لا يسلم المرفوع من الكلام، ولكن وقفه على ابن مسعود أصح إلا أن مثل هذا الأثر لا يقال بالرأي فيكون له حكم الرفع. ولذا عقد العلماء عليه بابا في كتبهم ومدوناتهم الحديثية، كقول الإمام الترمذي في الجامع:” باب ما جاء أن المؤمن يموت بعرق الجبين. وعند النسائي في السنن: “باب علامة موت المؤمن”. وفي سنن ابن ماجه “باب ما جاء في المؤمن يؤجر في النزع. وفي صحيح ابن حبان: “ذكر الإخبار عن وصف العلامة التي يكون بها قبض روح المؤمن”. وفي شرح السنة للبغوي: باب شدة الموت. وغيرهم من الأئمة المصنفين في السنة النبوية، ويعنى هذا من صنيعهم فيما يبدو عدم رد الحديث مطلقا، بل أقل أحواله أنه حسن كما قال الإمام الترمذي.
[1] رواه أحمد (12036) وصححه الألباني [2] المصدر السابق (17784) [3] رواه الترمذي (982) [4] المصدر السابق [5] رواه البخاري (4449) [6] رواه ابن ماجه (1629) [7] رواه البخاري (4446) [8] رواه الترمذي (979) وصححه الألباني [9] متفق عليه [10] فتح الباري 11/360 [11] المفاتيح في شرح المصابيح 2/ 418 [12] مصنف ابن أبى شيبة (12011) [13] شرح الصدور. ص:37 [14] شعب الإيمان (9736) [15] سير أعلام النبلاء 10/118
هل انتفعت بهذا المحتوى؟
لقمان عبد السلام
باحث شرعي حاصل على الدكتوراة في علوم الحديث من جامعة أفريقيا العالمية
لديه 140 مقالة
المواد المنشورة في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي إسلام أون لاين
اخترنا لكم
مفهوم جديد للثقافة الإسلامية
النبي الأمين ﷺ وجماليات زواجه بخديجة أم المؤمنين
الزواج في الإسلام مودة ورحمة أم مِلك وعبودية؟!
تاريخ التأريخ : اتّجاهات و مناهج
ليست كل قراءة قادرة على إيقاظ العقل
الشيخ عبد الله آل محمود رحمه الله مؤسس القضاء الشرعي في قطر
حقول الإصلاح في الفكر الإسلامي المعاصر .. نماذج وإشكالات
الدراسات المستقبلية والاستبداد المنهجي
مراجعة كتاب ” جوامع السيرة النبوية ” لابن حزم الأندلسي
وقفات مع سورة يوسف عليه السلام
الأكثر قراءة