نظمت كلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة في قطر محاضرة أكاديمية بعنوان: الحاجة إلى تجديد الفقه السياسي، إشكالية إمامة المتغلب نموذجا”، ألقاها الدكتور: حسام الدين خليل، الباحث بمركز القرضاوي للوسطية الإسلامية والتجديد.

وقد حاول الدكتور في المحاضرة التي ألقاها أمام مجموعة من الطلبة والباحثين، أن يوضح أهمية الفقه السياسي وآلية تجديده، خصوصا في هذا العصر الذي يحتاج إلى تجسيد الفقه السياسي في واقع الناس، كما تحدث عن إشكالية المتغلب في التراث الفقهي، وبين مواقف الفقهاء منها.

الفقه السياسي..وبناء الدولة والجماعة

بدأ المحاضر الدكتور حسام الدين خليل، حديثه عن أهمية الفقه السياسي، مبينا أن الفقه السياسي يعتبر أحد فروع الفقه الإسلامي المهمة، فهو الفقه الذي ينظم علاقة الإنسان بالحاكم والسلطة، ويضع منهجا لذلك، كما أنه هو الذي تساس من خلاله الدولة والجماعة، وتحفظ الضروريات الخمس (الدين، النفس، العرض، المال، العقل).

وفي إطار حديثه عن ضرورة الفقه السياسي قال الدكتور حسام الدين خليل إن أي خطر يطرأ على هذا الفقه سيؤدي إلى نتائج خطيرة على الأمة وعلى الضروريات الخمس.

إمامة المتغلب في التراث الفقهي

أما في إطار حديثه عن إشكالية إمامة المتغلب، فقد قال المحاضر إن فهم هذه الإشكالية يحتم العودة إلى كتب الفقه السياسي والتراث الفقهي. وقد لخص الدكتور مواقف الفقهاء من هذه الإشكالية في أربعة اتجاهات رئيسية:

الأول: يرى شرعية المتغلب وانعقاد إمامته، ويمثل هذا الاتجاه جمهور الفقهاء.

الثاني: لا تكون إمامته شرعية إلا إذا كانت هناك مبايعة شرعية، وهذا الاتجاه يمثله أحمد بن حنبل في رواية عنه.

الثالث: شرعية المتغلب إذا تغلب في وقت خلت فيه الأمة من إمام، ويمثل هذا الاتجاه الشافعية.

الرابع: عدم الشرعية وعدم الانعقاد، ويمثل هذا الرأي مالك وأبو حنيفة، ولهذا فقد كانا يرجحان خلافة محمد النفس الزكية على خلافة أبي جعفر المنصور.

وذكر المحاضر هنا أن إمامة المتغلب قال بها بعض العلماء من أجل مصلحة الأمة، لكن الحقيقة أن التغلب لم يحقق مصلحة الأمة ولا وحدتها، والواقع اليوم أكبر دليل على ذلك.

واعتبر حسام الدين أن الفقه السياسي ـ رغم أهميته ـ لم يعط ما يستحق من البحث والتفصيل والتفريع خلافا لبقية أبواب الفقه في التراث الإسلامي، فنحن نلاحظ البون الشاسع بين الإنتاج في الفقه السياسي وأنواع الفقه الأخرى، كفقه المعاملات وفقه العبادات. يقول الدكتور.

كيف نجدد الفقه السياسي؟

ودعا المحاضر إلى تجديد الفقه السياسي، مبينا أن التجديد يتم من خلال جملة أمور أهمها ثلاثة هي:

1 ـ العودة إلى المنابع النقية (الكتاب والسنة).

2 ـ  تنقية هذا الفقه مما علق به من أوشاب فقه التبرير الذي فرضه الاستبداد التاريخي والراهن على عقلية الأمة.

3 ـ الانفتاح على الفكر البشري بشكل عام، وأخذ الصالح منه ونبذ الطالح، حتى تتمدد فروع الفقه السياسي وتشمل الأمور العصرية الجديدة، فيصبح صالحا لكل زمان ومكان.

وفي هذا الإطار قال حسام الدين إن التباطؤ في تجديد الفقه السياسي هو الذي أدى إلى نتائج وخيمة، والسبب أن هذا الفقه لم يتم تناوله تناولا يُسهم في حل مشاكل قضايا الأمة الإسلامية المعاصرة. وأشار حسام الدين إلى أن الخلل الذي يعاني منه الفقه السياسي ليس وليد العصر اليوم، بل هو خلل قديم في تاريخ الأمة الإسلامية.