كيف يمكن للمرأة أن تكون ركيزة أساسية في بناء جسور الحوار بين الأديان والثقافات؟ ففي ظل التحديات العالمية المتزايدة، يبرز دور المرأة كعنصر فاعل في نشر قيم التفاهم والسلام، وهو ما سلطت الضوء عليه جلسة حوارية بعنوان “دور المرأة في حوار الأديان” والتي نظمها مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان بجامعة لوسيل، ضمن مبادرة “الحوار في الجامعات”.
لقد أثبتت المرأة، عبر التاريخ، قدرتها على قيادة التغيير في المجتمعات المتعددة الأديان من خلال التعليم، الإعلام، والوساطة، كما ناقشت المتحدثات في الجلسة تأثير شخصيات بارزة مثل كارين أمسترونغ ودور المرأة القطرية في تعزيز قيم التعايش والتسامح. إن هذه الفعالية لم تكن مجرد نقاش نظري، بل خطوة عملية نحو تعزيز المشاركة النسائية في بناء مجتمعات أكثر تقاربًا وانفتاحًا.
لماذا دور المرأة في حوار الأديان؟
فعاليات الجلسة الحوارية عن دور المرأة في حوار الأديان التي تم تنظيمها يوم الخميس الموافق 27 فبراير 2025، في قاعة المسرح بمبنى البنات بجامعة لوسيل، كان الهدف منها تسليط الضوء على دور المرأة في تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، ومناقشة التحديات والفرص التي تواجهها في هذا المجال. وجاء هذا النشاط ضمن مبادرة الحوار في الجامعات التي أطلقها مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان لتعزيز ثقافة الحوار بين الأديان والثقافات بين الطلاب الجامعيين.
وفي تصريح لسعادة الأستاذ الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، حول اختيار العنوان وعلاقته بالمبادرة، يقول: “اخترنا موضوع (دور المرأة في حوار الأديان) لأنه يعد محورًا مهمًا في أي نقاش حول التفاهم بين الأديان. المرأة لطالما كانت جزءًا أساسيًا في بناء المجتمعات وفي تعزيز قيم الحوار والتعايش السلمي. في هذه المبادرة، نسعى لتعزيز دور المرأة في الحوار بين الأديان، لأنها تلعب دورًا محوريًا في نشر قيم التسامح والقبول.”
أدارت الجلسة الأستاذة الدكتورة عائشة يوسف المناعي، نائب رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان.
في بداية الجلسة، قالت الدكتورة عائشة: “تأتي هذه الجلسة الحوارية ضمن سلسلة فعاليات (مبادرة الحوار في الجامعات)، التي أطلقها مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان لتعزيز ثقافة الحوار والتفاهم بين الطلاب الجامعيين. وقد شهدت المبادرة حتى الآن تنظيم خمس فعاليات مميزة، بدأت من جامعة قطر في 15 سبتمبر 2024 م بفعالية ‘نحو تأصيل ثقافة حوار الأديان بين الكوادر العلمية والنخبة المثقفة’، تلتها فعالية ‘مبادئ التعايش السلمي بين الأديان في الإسلام’ في جامعة حمد بن خليفة في 30 سبتمبر 2024، ثم فعالية ‘أسس الحوار بين الأديان والتواصل المجتمعي والثقافي’ في كلية المجتمع بتاريخ 15 أكتوبر 2024.
وأضافت “كما نظّمنا زيارة ميدانية إلى شبكة الجزيرة الإعلامية بعنوان ‘دور الإعلام في تعزيز ثقافة الحوار’ في 29 يناير 2025، واختتمنا الفعاليات السابقة بنشاطات رياضية بالتعاون مع كلية المجتمع وجامعة قطر في إطار اليوم الرياضي للدولة 2025. واليوم، نواصل هذه المسيرة بجلسة حوارية هامة تسلّط الضوء على دور المرأة في حوار الأديان.”
وفي تصريح الدكتور النعيمي عن أهمية الموضوع يقول: “من الأهمية بمكان أن نولي اهتمامًا خاصًا بالحوار بين الأديان، فهو السبيل الوحيد للتغلب على التحديات التي نواجهها في مجتمعاتنا المتنوعة. موضوع اليوم يعكس أهمية الجمع بين الحوار وبين دور المرأة كعنصر أساسي في هذا الحوار، لأنها هي التي يمكن أن تجسد قيم التفاهم والتعايش بين الثقافات.”

وشارك فيها نخبة من المتحدثات اللواتي قدمن مداخلات قيّمة حول مساهمات المرأة في الحوار الديني.
مجالات دور المرأة في حوار الأديان من خلال أدوارها في الحياة
قدمت الدكتورة هند الحمادي، عضو هيئة التدريس بكلية المجتمع، عرضًا شاملاً حول إسهامات المرأة في الحوار من خلال أدوارها المختلفة في الأسرة والمجتمع والإعلام. وأكدت على أهمية دور المرأة في نشر السلام والتفاهم من خلال التعليم، مشيرة إلى دورها المحوري في صناعة السلام في المجتمعات المتعددة الأديان وتعزيز السلام في مناطق الصراع.
الوساطة كأداة لتعزيز حوار الأديان وبناء السلام: فعالية المرأة
ناقشت الأستاذة عائشة محمد الرميحي، باحثة وكاتبة في صحيفة الشرق، دور الوساطة في حوار الأديان وتقاطعاتها مع الدستور القطري. كما تناولت حضور المرأة في دبلوماسية الوساطة، مشيرة إلى نماذج قيادية نسائية نجحت في تعزيز التفاهم والتعايش بين الأديان والثقافات.
جهود المرأة في حوار الأديان من خلال أعمال الباحثة كارين أمسترونغ
استعرضت الأستاذة شيرين سالم الفايدي، باحثة أكاديمية وصحافية، إنجازات الباحثة كارين أمسترونغ في مجال دراسات الأديان وحوار الأديان. وتطرقت إلى مواقف أمسترونغ التي عكست دورها الفعّال في تعزيز التفاهم بين الأديان، مما يجعلها نموذجًا ملهمًا للمرأة في هذا المجال.
دور المرأة القطرية في تعزيز الوعي المجتمعي في مجال القيم الإنسانية وحوار الأديان
أوضحت الأستاذة شيخة غانم الكبيسي، الممثل الرسمي للمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان في قطر، دور المرأة القطرية في تعزيز الوعي المجتمعي من خلال القيم الإنسانية وحوار الأديان. وأشادت بإنجازات دولة قطر في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة، مؤكدة على أهمية مشاركة المرأة في مبادرات السلام.
وعن المتحدثات ومداخلاتهن تقول الدكتورة عائشة: “اخترنا المتحدثات بعناية لضمان التنوع في وجهات النظر والأفكار، بحيث تتكامل كل واحدة منها في تناول موضوعاتها من زاوية مختلفة، ليتمكن الطلاب من رؤية الصورة الكاملة. المتحدثات اليوم يمثلن خلفيات وتجارب متنوعة، وهذا يعكس تمامًا روح المبادرة في تعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف الثقافات.”
وأضافت أيضا: “لقد كانت الجلسة اليوم فرصة رائعة لإيصال رسالة هامة حول دور المرأة في حوار الأديان، وقد نجحت المتحدثات في توصيل هذه الرسالة بفعالية كبيرة. التفاعل الجميل من الحضور يعكس مدى تأثير هذه المواضيع في الطلاب وقدرتهم على استيعابها والمساهمة في الحوار بشكل بناء.”
شهدت الجلسة تفاعلاً كبيرًا من الحضور الذي ضم طلاب الجامعات، وأعضاء الهيئة التدريسية، والكوادر العلمية المنتسبة إلى المؤسسات التعليمية والبحثية. كما تم فتح باب النقاش لطرح الأسئلة وتبادل الآراء والأفكار حول سبل تعزيز دور المرأة في حوار الأديان.
وفي ختام الجلسة، قام رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان بتوزيع الشهادات على الحضور، تقديرًا لمشاركتهم الفعالة وإسهاماتهم الفكرية في إنجاح هذا الحدث.