الفترة العثمانية هي إحدى فترات التاريخ الإسلامي التي امتدت طولاً وعرضًا وعمقًا، وتركت آثارها التي لا تزال فاعلة في واقعنا الحاضر، بصورة أو بأخرى.. وفي هذا الحوار مع الدكتور أحمد الشرقاوي، مدير المركز الثقافي الآسيوي، نحاول إلقاء الضوء على بعض قضايا هذه الفترة المهمة.
ومن أهم ما يمكن أن يخلص إليه المرء، من هذا الحوار، هو حاجتنا الماسّة إلى إعادة قراءة تاريخنا، قراءة منصفة واعية؛ نستخلص منها العبر والدروس، ونستصحب الفوائد والثمرات، دون أن نكرر الأخطاء والخطايا.. فإلى الحوار:
- التاريخ العثماني يلقى اهتمامًا من الباحثين والقراء العرب
- تجربة عريضة امتدت لأكثر من ستة قرون وأربعين دولة
- الشعوب الأوروبية واليهود هربوا إلى العدالة العثمانية
- الوثائق الخاصة بأتاتورك لم يطلع عليها أحد
- كتب الرحلات لها أهمية خاصة في كتابة التاريخ
لكم اهتمام بالتاريخ العثماني.. كيف بدأ هذا الاهتمام؟
البحث العلمي في التاريخ- وفي كل المجالات- هو الشغف، ثم الهدف، ثم الأستاذ والمنهج؛ وأيّ باحث ليس لديه هذه الثلاثة، أو واحدة منهن، فلن ينتج شيئًا ذا بال؛ وقد بدأ اهتمامي بالتاريخ العثماني منذ أن درسته ضمن مواد تمهيدي الماجستير، وكان محاضرنا هو العلامة الخلوق الدكتور محمد حرب، أحد رواد الدراسات العثمانية والتركية في مصر والعالم العربي؛ فكان بأسلوبه السهل الممتنع في كتاباته ومحاضراته صاحب الأثر الأكبر في حبنا للتاريخ ومنهجية دراسته، لاسيما التاريخ العثماني الذي كنا قد درسنا في كتب التعليم المدرسية أنه حقبة شديدة السوء ومعدومة الحضارة، ثم تفاجأنا بأنها فترة مظلومة جدًّا، ومَن كتب عنها بصبغة قومية أو غير موضوعية أراد أن يحرمنا من ستة قرون وأكثر من تاريخنا الإسلامي، الذي هو امتداد لا غنى عنه لتاريخنا العربي، وجزء لا يتجزأ من تاريخنا المصري. وبالطبع كان ذلك بالأدلة والبراهين وليس بالعاطفة.
ثم إني حظيت بمنحة دراسية إلى أحد المراكز البحثية في “أنقرة”، في رحلة جمع المادة العلمية للماجستير ثم للدكتوراه، وهي منحة ربانية لم تكن متاحة في ذلك الوقت لأمثالي، وقد قالها لي صراحةً الملحق الثقافي المصري في سفارتنا بأنقرة، عندما سألني متعجبًا- بعدما رأى مظهري المتواضع- كيف جئت إلى أنقرة دون أن تعرف السفارة وتتدخل في الأمر؟! (كان لابد أن تقوم وزارة التعليم العالي في تركيا بمخاطبة السفارة المصرية لاختيار طلاب للمنحة، فتقوم السفارة بدورها بمخاطبة الخارجية المصرية، التي تخاطب التعليم العالي، وتختار من الجامعات طالبين اثنين للمنحة، وبالتالي لن أذهب أنا إلى تلك المنحة مطلقاً، لأن والدي- رحمه الله- ترزي، وليس رئيس جامعة). والأمر ببساطة أن أستاذي الدكتور محمد حرب عرف بأمر المنحة مباشرة من المركز البحثي الذي يقدمها، فنقلها مباشرة إلى تلميذه الذي يراه نجيبًا ومميزًا.
وهناك أتيحت لي الفرصة للحصول على كم كبير من المراجع والمصادر والوثائق حول التاريخ العثماني، والاطلاع على جهود الجامعات وإنتاجها العلمي في ذلك المضمار؛ وبالتالي وقفت على حقيقة وضع دراساتنا القاصرة جدًّا والتي هي في معظمها خارج السياق، منهجيًّا وفكريًّا وموضوعيًّا؛ لذا كانت رسالتي للدكتوراه حول “الأرمن” ضربًا من الخيال، ومخالفة لكل ما ورد في المراجع العربية؛ وبالتالي لقيت حربًا شعواء من الجامعة والأساتذة، لكن تيسير الله كان المفتاح لقبول تسجيلها، وليس إصراري ووساطاتي.
وما أهم ثمار رحلتكم العلمية عن التاريخ العثماني؟
أرجو أن تكون ثمارًا يانعة نافعة ناجعة، فقد أردت أن أسدّ بها ثغرة في مجال تخصصي، وأعالج نقصًا في المكتبة العربية؛ فعملت على عدة محاور، حيث قسمت خطتي للعمل إلى مشروعات طموحة متعددة المشارب، وليس إلى كتب منفردة، وصدر لي حتى الآن أكثر من خمسة وثلاثين كتابًا، ومثلها الآن أوشك على الانتهاء والإعداد للنشر بعون الله.
وتندرج هذه الأعمال تحت التصنيفات المبدئية التالية:
أولاً: مشروع الدراسات الأرمنية
ثانيًا: مشروع مصادر التاريخ العثماني
ثالثًا: وثائق الحجاز والجزيرة العربية (من الأرشيف العثماني)
رابعًا: المعاجم والموسوعات
خامسًا: مشروع الرحلات
سادسًا: الجغرافيا العثمانية
سابعًا: المذكرات
ثامنًا: سلسلة أعلام الدولة العثمانية
تاسعًا: تراث أعلام النهضة (الشيخ محمد رشيد رضا– الدكتور عبد الوهاب عزام)
عاشرًا: الفكر السياسي والإصلاحي في الدولة العثمانية.
كل هذه الأعمال تم نشرها بفضل الله تعالى داخل مصر وخارجها. بالإضافة إلى البحوث والدراسات التي شاركت بها في العديد من المؤتمرات الدولية في كل من: العراق، لبنان، الأردن، اليمن، تركيا، أذربيجان.. بجانب المقالات المنشورة في العديد من المجلات والمواقع داخل مصر وخارجها؛ وبعض هذه الدراسات والمقالات مترجم إلى اللغات الانجليزية والتركية والأذربيجانية.. ومؤلفات أخرى قيد العمل، تحتاج إلى وقت وجهد ومشاركة من الباحثين لإنجازها.
والمفاجأة التي أخصك بها هي أنني على وشك الانتهاء من موسوعتين، غير مسبوقتين في المكتبة العربية والتركية وربما العالمية أيضًا؛ الأولى: (موسوعة معاهدات الدولة العثمانية) في خمس مجلدات، والثانية: (معجم مصطلحات التاريخ والحضارة العثمانية) في حوالي ثمانية مجلدات.
هل التاريخ العثماني يلقى أهمية لدى الدارسين العرب؟ وما أبرز الجهود في ذلك؟
العلم وتقدمه وأحوال أهله- في الغالب- يكون نتاج المجتمع وظروفه؛ وللأسف فإن سوء نواتج التعليم، وتراجع الأحوال الاقتصادية، وانعدام القدوة والفرصة لدى الشباب، وانحسار سوق العمل.. كل ذلك مؤثر على خريجي الجامعات والباحثين؛ فما بالك بالتاريخ الذي لن يقدر قيمته إلا الدول العظمى! (إحدى هذه الدول تجعل “مؤرخًا”، ذا مكانة عظمى على قدم المساواة مع وزير خارجيتها).
ورغم ذلك، في الآونة الاخيرة لقي التاريخ العثماني اهتمامًا من الباحثين العرب، وإقبالاً من القراء العرب، بشكلٍ متنامٍ، ككرة الثلج التي تتدحرج فتكبر بسرعة؛ لاسيما مع اقتحام الباحثين للأرشيف العثماني وعدم صعوبة ذلك الأمر إلا في التكلفة المادية للترجمة فقط، ومع اكتشاف ما فيه من الكنوز والموضوعات التي لم تُطرق، والثوابت التي تغيرت وتبدلت، والثراء الشديد بالوثائق التي تخص التاريخ العربي بكل تفاصيله طوال حوالي أربعة قرون.
لكن على الجانب الآخر، التوترات في العلاقات السياسية بين بعض الحكومات العربية وتركيا تحول دون مواصلة وتنامي هذا الاهتمام بالدراسات العثمانية.
أما أبرز الجهود في ذلك، الجانب فهو ما يقوم به دارسو اللغات الشرقية وأساتذتهم من ترجمات لمصادر التاريخ العثماني، وما تقوم به عدة دور نشر عربية وتركية من ترجمة دراسات عثمانية مهمة قام بها أساتذة من الجامعات التركية.
كيف ترى الحقبة العثمانية في مسيرة التاريخ والحضارة الإسلامية؟
الحقبة العثمانية حقبة شديدة الثراء والتنوع والتقدم في الجانب الحضاري، وشديدة الأهمية في مسيرة الحضارة الإسلامية، وزاخرة بالتجارب الكفيلة بإمدادنا بزاد لا تستطيعه كل مراكز (Think Tanks) أي مراكز دعم اتخاذ القرار.. لأنها ببساطة امتدت على مساحة ثلاث قارات وشملت أكثر من أربعين دولة، وعاشت أكثر من ستة قرون؛ وبالتالي فرصيدها من تجارب النجاح والفشل أكثر بكثير من أي قوة كبرى موجودة حاليًا، ومن الرعونة أن نهدر كل هذا الرصيد لأي سبب كان.
ما أهم ما أضافته الحقبة العثمانية لاسيما على المستوى الحضاري؟
أريد هنا أن أوضح نقطة مهمة، وهي أن المستوى الحضاري للأمم لا يقاس فقط بما أنجزته من مخترعات وثروة مادية، بل بما قدمته للإنسانية من نموذج للحياة الأقرب في كل جوانبها إلى ما يطمح إليه بنو آدم، من استقرار وحرية وكرامة وعدل ورقي.. وغير ذلك من عناصر اليوتوبيا والمدينة الفاضلة.
وقد كان للدولة العثمانية دور كبير في ذلك، ليس فقط للشعوب الإسلامية، التي أنقذتها من فساد وظلم الحكومات والدول السابقة وأطماع الدول الاستعمارية؛ بل أيضًا الشعوب الأوروبية والمسيحية التي هربت إلى العدالة العثمانية من حيوانية الحياة في ظل الإقطاع الأوروبي، وأيضًا لليهود الذين هربوا من محاكم التفتيش ومن الاضطهاد الأوروبي إلى التسامح العثماني.
ولو ذكرت لك مثالاً واحدًا على ما يسمّى الآن (منظمات المجتمع المدني)، فسنجد أن المؤسسات الوقفية الخيرية التي بناها العثمانيون، جعلت المؤرخين الأجانب يطلقون على الدولة العثمانية- وخصوصًا في القرن السادس عشر- اسم (جنة الأوقاف).
إذن، لماذا هذه الحقبة محلّ جدل حتى الآن؟
لأننا نستخدم التاريخ للمكايدة السياسية، وليس للدراسات المستقبلية.. وببساطة، لأننا نكتب التاريخ وندرسه بشكل غير موضوعي وغير منهجي بالمرة، ويخضع معظمه لما هو سائد من سياسات الحكومات في استخدام كل الجهود في الإعلام والتعليم للتكريس لأيديولوجيتها، والتي سرعان ما تتغير وتتبدل كما نشهد الآن من تغيرات عنيفة في العالم كله.
العثمانيون عُرف عنهم الاهتمام بالتوثيق.. كيف ترى أهمية “الأرشيف العثماني” لاسيما في القضايا ذات الامتداد المعاصر؟
سوف أضرب لك مثالاً واحدًا كاشفًا، وهو قضية “طابا” وصراع مصر في المحاكم والمحافل الدولية ضد الكيان الصهيوني.. هذا الصراع الذي انتهى بعودة طابا إلى السيادة المصرية، بناءً على أدلة وثائقية دامغة.. وكان الفضل الأول والأخير في ذلك إلى الوثائق العثمانية، وأستاذ التاريخ الدكتور يونان لبيب رزق!
وهناك الكثير من الأسرار التي يزخر بها ذلك الأرشيف؛ الذي قيل إنه يضم حوالي 150 مليون وثيقة، ويحتاج إلى جيش من الباحثين لكشف أسراره وكنوزه.
وماذا عن قضية الأرمن؟ وهل من جديد كشفته الوثائق مؤخرًا؟
“قضية الأرمن” كانت موضوع دراستي في الدكتوراه، ولا أخفيك سرًّا أنني كنت متحيزًا ضد العثمانيين، تبعًا لما قرأته في معظم المراجع العربية من المذابح التي قاموا بها ضد الأرمن، لكني في وقت لاحق ضقت ذرعًا بكل هذه الشكاوى التي بلا دليل والمبالغ فيها، ثم فوجئت بعد سنوات طويلة من الدراسة وآلاف الوثائق والمراجع العثمانية والأرمنية والبريطانية والفرنسية والألمانية وغيرها.. أن الذي قام بالمذابح هم الأرمن وليس الأتراك! فالأرمن ارتكبوا مجازر وحشية لم يقم بها حتى المغول، بالإضافة إلى جرائم الخيانة العظمى التي ارتكبوها ضد مواطنيهم ووطنهم. وقد اعترف زعماء الأحزاب والعصابات الأرمنية المسلحة بذلك في عدد من تقاريرهم وكتبهم.
وقد صدر لي خمسة كتب عن القضية الأرمنية، وما يزال في جعبتي عدد من الكتب والمفاجآت حولها.. وهذه الكتب الخمسة هي:
– مذابح الأرمن ضد الأتراك في الوثائق العثمانية والروسية والأمريكية، دراسة وثائقية.
– أمريكا والبروباجندا الأرمنية، ترجمة ودراسة.
– الأرمن في الوثائق البريطانية، ترجمة.
– أكذوبة إبادة الأرمن في الدولة العثمانية، وحقائق التهجير والتوطين والعودة، دراسة وثائقية.
– تزوير التاريخ العثماني.. قصة ومذكرات السفير الامريكي هنري مورجنثاو.
البعض يرى أن الهوية التركية المعاصرة ما زالت موضع تذبذب.. هل تتفقون؟
الهوية المذبذبة تكاد تكون سمة لكل الدول في تلك الفترة، التي يمر فيها العالم كله بتحولات عنيفة في الفكر والأخلاق والاقتصاد والتكتلات وكل شيء!
وهذا الأمر له أسبابه التي لا تنتهي، من تأثيرات وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وغيرها.. مما جعل العالم “قرية صغيرة”، بل- من فرط قوته وتأثيره- جعل معظم الناس كعرائس الماريونيت الذين يحركهم الإعلاميون كيفما شاءوا، ومن ورائهم القوى العالمية التي تصرخ الآن لفرض هويتها الشاذة على فعاليات كأس العالم!
وماذا عما يقال عن إعادة إحياء العثمانية، أو “العثمانية الجديدة”؟
المسألة ببساطة أن كل دولة تعتز بتاريخها وتتغنّى بمواطن القوة فيه، وتفاخر الناس بأمجاده؛ وبالتالي تريد إحياء هذا الماضي المجيد- في وجهة نظرها- لتقتبس أجيالها من تجربته وتتخذه دافعًا معنويًّا لها.
وقد كانت “العثمانية القديمة” في سياساتها وعلاقاتها الدولية وقت السلم، ذات علاقات دبلوماسية مميزة، وممتدة النفوذ والتأثير التجاري والثقافي كأي دولة عظمى؛ وهو ما تحاول فعله “العثمانية الجديدة” بشكل معاصر ومتوافق مع القانون الدولي، ومستثمرًا الظروف الراهنة في القيام بدور الوسيط، ولاعبًا دور الدولة المهمة والمحورية، من منطلق شعور بالقوة مستمد من ماضٍ عريق وحاضر متسارع النمو والإنجاز.
وقد فصّلت القول عن هذه المسألة في مقال منشور لي على أحد المواقع بعنوان: “الانكشاريون الجدد.. والاستدعاء التحريضي لدروس التاريخ”.
قمتم بتحرير مذكرات الدكتور رضا نور (أتاتورك ورفاقه ونهاية العثمانيين).. نريد أن نقف بإيجاز على شخصية أتاتورك، والجدل المتصل حولها؟ وهل كشفت الوثائق جديدًا لم يكن معلومًا من قبل؟
لا يستطيع أحد أن يخبرك بحقيقة أتاتورك، لأنه لا أحد اطلع على الوثائق الخاصة بها، لا في تركيا ولا غيرها.. ليس أمامنا سوى مذكرات وشهادات المحيطين به مثل الدكتور رضا نور، وحتى هذا يتهمه بعض المؤرخين المعاصرين من الأتراك بأنه مجنون، وهم أنفسهم لا يستطيعون الطعن العلني والموثق في شخصية أتاتورك؛ لأن القانون لا زال يحميه، ويحكم بالسجن والحرمان السياسي على كل من يمسه.
لكن الإجراءات التي اتخذها أتاتورك كانت شديدة الوضوح في غرضها بمحو الهوية الإسلامية عن الشعب التركي، وتخليه عن ماضيه وتاريخه وتراثه وحتى ارتباطه بالعرب والمسلمين، مع السعي العنيف إلى الارتباط بالغرب في كل عاداته وتقاليده وقوانينه المخالفة لهوية ودين شعبه.
ما أهمية “كتب الرحلات” من الناحية التاريخية، بجانب ما تحققه من متعة أدبية وخبرة حياتيه؟ وما أبرز هذه الكتب فيما يتصل بالتاريخ العثماني؟
للرحلات أهمية خاصة وشديدة في كتابة التاريخ من جوانب جديدة ومهمة، ودائمًا أكرر في مقدمات كتبي القول بأن الرّحلة هي متعةُ التّاريخ وتاريخُ المتعة، والرحلة هي لذّة المشقّة، وعين الجغرافيا، ومنظارُ الفلك، ومسبار الأنثروبولوجيا، وجسر الخبرات بين الأمم، وهمزة الوصْل بين الشّعوب.. كما أن الرحلة هي سفير السّلطان، ووثيقةُ المؤرّخ ومكتبة العالم وحنكةُ السياسي، ورافد الأديب الذي لا ينضب.
ولا أظنني مبالغًا فيما وصفت؛ فقد بدأتِ الرّحلة منذ برهةٍ وجيزة تعود لتكشف عن أهميّتها في المجال البحثي الأكاديمي، وترتقي مرّةً أخرى مكانتَها التي تبوّأتها من قبْل كإحدى رائداتِ العلم؛ مصدرًا ومنهاجًا.
فالرحلةُ تمنح الباحثَ في التّاريخ، والجغرافيا، والسّياسة، والاقتصاد، والأنثروبولوجي، والآثار.. وغيرها من مجالات العلم؛ تمنحُهم مصدرًا ثريًّا وواقعيًّا نابضًا بالحياة، بعيدًا عن رتابة كتب الوقائع، ومَللِ كتب الحوليّات، وجفاف كتب التّاريخ الرسمي، ونفاقِ المؤرّخين المكلّفين، وجمودِ جامعي الأخبار وناقلي الروايات.
الرّحلة- إذا أحسنَ القارئ قراءتها، والكاتبُ تدوينها- تصيرُ حياة ثلاثيّةَ الأبعاد يحياها القارئ والمستمع؛ فتعطيه العلمَ مع المتعة، والخبرةَ مع المعايشة، والدقّةَ مع الواقعية، والعمقَ مع الثّراء.
ومن إنتاجي في هذا الجانب:
– رحلة كبريت من المدينة المنورة والقاهرة إلى القسطنطينية (تحقيق)
– بوادي الدموع العندمية.. الرحلة الرومية، للحموي (تحقيق)
– نشوة الشمول في السفر إلى إسلامبول، للألوسي (تحقيق)
– نشوة المدام في العود إلى دار السلام، للألوسي (تحقيق)
– غرائب الاغتراب ونزهة الألباب، للألوسي (تحقيق)
– جاسوس في كردستان العثمانية.. رحلات هنري بندييه إلى بلاد الكرد والآثوريين (ترجمة)
– عيون ترصد الأكراد والأرمن والعثمانيين.. رحلات جيمس برانت إلى المناطق الكردية والأرمنية (ترجمة)
– خطوات قبل صناعة الشرق الجديد.. رحلات مارك سايكس في العراق العثماني (ترجمة)
– رحلة إلى الامبراطورية العثمانية. ج. أوليفييه (ترجمة)
– رحلات في الجزيرة العربية، عمان ونقب الهجر (ترجمة)
– في ضيافة السلطان عبد الحميد.. رحلات بشارة تقلا إلى الآستانة وأوروبا (1880- 1883م) (تحقيق).