نتناول في هذا المقال شهر رمضان وأثره في صناعة الإرادات الخيرة، ذلك أن الله تعالى قد جعل الإنسان مستودعًا لكثير من العلوم والمعارف ومركزًا للحالات النفسية من الإرادة والقدرة ومحبة التملك… وكلُّ ما سبق له جانبا خير وشرٍ بحسب الاستخدام، وهذا يُصطلَح عليه بالفطرة المودعة في الإنسان، فهي فطرة عقلية تتعلق بالعلوم والمعارف ويمكن استعمال ذلك في الشر والخير، فالصناعات قد تفيد البشرية وقد تدمّرها، وهي فطرة جسدية مرتبطة بحاجات الجسد من الطعام والشراب والجنس والنوم، والسير وراء  إشباعها من غير ضوابط قد يدمِّر البشرية من خلال القتل والاغتصاب ونهب الأموال…

وقد يكون فيها إسعاد البشرية كالعمل والزواج والسهر على راحة الآخرين، وهي فطرة روحية يكون الإغراق في إشباعها من غير هدى نزوع نحو التقشف والتزهُّد وترك المباحات وهذا المنهج لا يبني أمة ولا يسعد جماعة، وقد يؤدي إلى إسقاط الفطرة الروحية إلى التبلد والتخشُّب والخواء من الأحاسيس والمشاعر الفردية والجماعية .

والذي يجمع كلُّ ما سبق هو الإرادات الإنسانية، التي هي بمثابة المعصم الذي يربط بين الأصابع جميعا، فالعلوم والمعارف تحتاج إلى إرادة، فالأمة تنهض ويعلو شأنها بذلك أو قد تنام وتصبح عالة على الآخرين، والاحتياجات الفطرية الجسدية من تلبية الطعام والشراب والجنس والنوم تحتاج إلى الإرادة، وتلبية الاحتياجات الروحية أو التعالي عليها مرتبط بالإرادة.

ماذا نقصد بصناعة الإرادات؟

 من هذا المنطلق تكمن أهمية الإرادة في حياة الإنسان. وعليه فالذي نقصده بالإرادة هو التوجه الداخلي نحو فعلٍ ما، واتخاذ الخطوات لتحقيق هذا التوجه، وقد ارتأينا تسمية العنوان بالإرادات وليس بالإرادة؛ لأن المقصود هنا ليس جنس الإرادة التي تدخل تحتها الأنواع، وإنما الأنواع بذاتها تنويهًا إلى أهمية رمضان في صناعة هذه الإرادات، فهناك إرادة للصلاة وإرادة للصوم وإرادة للإحسان وإرادة لحسن الجوار وإرادة للإنفاق وإرادة للعلم والتعليم، ومثل ذلك هناك إرادات للجهاد ولطاعة الوالدين ورفعة الأمة.

وملاحظة أخرى فإنَّ التعبير بالإرادات فيه تسامح في التعريف وتوسع فيها لكلي تنظمَّ القدرة على التنفيذ بعد التوجه الداخلي الذي يمثِّل الإرادة.

إصلاح الإرادة والتحكّم بها وتوجيهها نحو الخير هو من أعظم ما جاءت به العقيدة الإسلامية وهو أساس كل إصلاح، وهذا الإصلاح يستند إلى ما يسمى بالإحسان” أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك” وهو أن تشعر في كل توجه داخلي أنَّ الله تعالى مطلع عليك، ولأجل هذا الإصلاح جاءت العشرات من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية حاثة الإنسان على إصلاح سريرته والتحكم بإرادته، ولعل أعظم ما في ذلك الآيات التي تذكر الإنسان بأن الله مطلع على الأسرار التي تخفيها الصدور كقوله تعالى {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)} [طه] وفي صحيح البخاري ” ‌اجتمع ‌عند ‌البيت ثلاثة نفر قرشيان وثقفي، أو ثقفيان وقرشي قليل فقه قلوبهم، كثير شحم بطونهم، فقال أحدهم: أترون الله يسمع ما نقول؟ فقال الآخر: يسمع إن جهرنا، ولا يسمع إن أخفينا، فقال الآخر: إن كان يسمع إذا جهرنا فإنه يسمع إذا أخفينا، قال: فأنزل الله {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ ، وَلاَ أَبْصَارُكُمْ ، وَلاَ جُلُودُكُمْ} الآيَةَ [1]

وقول النبي عليه الصلاة والسلام «‌إنما ‌الأعمال ‌بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه»[2]، ولأجل هذا الإصلاح نجد الكثير من علماء المسلمين استفتحوا كتبهم بهذا الحديث إصلاحا للنيات والإرادات وضبطا لها نحو الخير.

وهذا الإصلاح ليس متوقفا على الجانب النظري، وهو شعور العبد بأن الله تعالى يراقبه، بل جاءت العبادات كبرنامج عملي ضبطًا لهذه الإرادة، ولعل موسم الصيام هو أكبر مصنع لتحسين الإرادة وتقويتها وتوجيهها نحو الخير ومن هذا المنطق سنكتفي به من غير توسعٍ في العبادات الأخرى كأثر الصلاة والزكاة والحج…

تبدأ هذه الإرادة بالشعور نحو الوحدة الإسلامية والابتعاد عن الفردية والإقليمية التي ترجع إلى الأنا، ومن أجل تحقيق هذه الإرادة الخيرة التي تتناسب مع مقاصد الشرع كان إثبات الصيام في بلدٍ ملزم لجميع المسلمين عند جمهور الفقهاء، وهذا ملحظ ينبغي الالتفات إليه كعاملٍ من عوامل توحيد الأمة بالتخلص من الإرادة المنفردة، وضرورة الذوبان في أحضان الجماعة المسلمة.

يُقوِّم صيام رمضان الإرادة وذلك  بضبط الاحتياجات الجسدية التي قد تنزل بالإنسان إلى درك الحيوانية، فالاحتياجات الجسدية من الطعام والشراب والجنس وما رُكِّبت من شهوة متعلقة بهذه الاحتياجات من أكبر أسباب انحراف الإرادة الخيرة لبناء مجتمع آمن سليم، فالسرقات والرشاوي وأكل أموال الناس بالباطل والتحاويل والربا … يرجع في كثير منه إلى محبة التملك، ومحبة التملك هي المغذي الرئيسي لهذه الشهوة، وكذلك الزنا والاغتصاب – وخاصة في الحروب-  واللواطة وما يخدم ذلك من النظر ، والسهر على الأفلام الإباحية مرتبطة بحاجات الجسد أو مغذي للشهوة المركبة في الإنسان، فيأتي الصيام مهذّبا لهذه الشهوة وللاحتياجات الجسدية ومقنِّاً لها بحيث لا تكون سلطة عليا تحكم على الإنسان وتسيطر عليه.

فالمقصد الأعظم من شهر رمضان والصيام فيه هو الوقوف ضد هذه شهوة البطن والفرج والتملك بحيث يصبح الإنسان قائدًا ومربيًا لهذه الشهوات نحو الصلاح والخير والإسعاد والإنجاب وتكثير النسل النافع ” وفي ‌بضع ‌أحدكم ‌صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرا»[3]

فهي ليست قبيحة لذاتها، بل القبح فيها في حال تحكّمت في الإنسان، فأصبح الإنسان وحشًا، ولنلحظ شيئا مهما في قوله تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187] فالقرآن يتحدث عن  شهوتي الطعام والشرب والجنس، ويحل ذلك في الليل ويحرم هذه الأشياء في النهار، وهذه الأشياء هي ملك للإنسان أو هي مباحة في الأصل للإنسان، فهو طعامك وشرابك وهي زوجتك، وأنت زوجها في مثل هذه الحالة تحرم عليك هذه الأشياء التي هي حلال في الأصل فكيف لو تناولت هذه الأشياء وكانت محرمة عليكم من الأصل فالعقوبة ستكون أكثر شدة.

ما الشيء الأبرز الذي يريد منا القرآن الانتباه إليه هو صناعة الإرادات، الطعام بين يديك والشراب بين يديك، والزوجة حلال لك ومع هذا لايجوز الاقتراب، ولنلحظ الختم في آيات الصيام الذي يطلب منَّا عدم الاقتراب {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187)} [البقرة: 187]، لأنَّ الاقتراب من هذه قد يوقع صاحبه في الفعل، فسدًّا للذريعة يُمنع من الاقتراب، ومن اقترب وفعل فالعقوبة الرادعةُ  ليس ماليةً وإنما هي من جنس ما ضعُف أمامه، من ضعُف أمام إرادته ولم يستطع مقاومة الصيام فالعقوبة لا تتحول إلى طعام بل إلى صيامٍ، يعني هذا الصيام الذي عجزت عن مقاومة نفسك، ووقعت في الحرام فليس له من كفارة إلا بأنْ تقوي إرادتك وتتغلب على الشهوة الحاملة على ذلك، ولا يكون ذلك إلا بالصيام، لأنه هو السبيل الوحيد لصناعة الإرادة القوية في الوقوف أمام شهوة النفس واحتياجاتها.

العجز عن مقاومة شهوة الفرج والبطن لا يُعالج إلا بتقوية الإرادة والامتناع عن ذلك ” جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَكْتُ، فَقَالَ: «وَمَا ذَاكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ بِأَهْلِي فِي رَمَضَانَ [ص:145]، قَالَ: «تَجِدُ رَقَبَةً» قَالَ: لاَ، قَالَ: «هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا» قَالَ: لاَ، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِعَرَقٍ – وَالعَرَقُ المِكْتَلُ – فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: «اذْهَبْ بِهَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ» قَالَ: أَعَلَى أَحْوَجَ مِنَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا، ثُمَّ قَالَ: «اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ»[4]

والله سبحانه وتعالى في الوقت الذي أراد أن يصنع هذه الإرادة الإنسانية ويقويها راعى سبحانه وتعالى ضعف الإنسان ومن هنا أباح له الطعام والشراب والجنس ليلا، وكان بالإمكان أن يباح الطعام والشراب ليلا ويحرم الجنس طيلة شهر رمضان. لكن الله تعالى ما أراد العنت والمشقة للعباد، أراد أن يصنع لهم إرادة قوية من غير الوقوع في مشقة بالغة، ولعل من أبرز الحكم ألا يؤدي ذلك إلى النفور من هذه العبادة. 

وفي سياق صناع الإرادات فإنَّ شهوة اللسان من الغيبية والنميمة والكذب وشهادة الزور هي أبرز أنواع الشهوات التي قد يقف الإنسان عاجزا عنها، فيأتي رمضان ليعيد للإنسان الإرادة الخيرة، فالإمساك عن الطعام والشراب مع الخضوع للإرادة القبيحة والولغ في أعراض الناس والإضرار بهم ليس صياما كما أخبر عليه الصلاة والسلام «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» [5].

ولعلنا نلحظ شيئا مُهمًا فرمضان لا يطلب منا أن نصبر عن الطعام والشراب فقط، بل يطلب منّا أن نُقدم الطعام والشراب ونفطِّر الصائمين، فقد جاء في سنن الترمذي «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا»: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» [6] .

لماذا أراد الله منا إفطار الصائم؟

هناك أسباب كثيرة ولعل منها التأكيد على الوحدة الإسلامية، فهي وحدة ليست نظرية بل هي عملية واقعية، فالإنسان عند الإفطار وشدة الجوع قد يشعر أنه لا يشبع فيخضع لشهوة التملك وقد يغلب عليه الجشع فتخبو الإرادة الخيرة وتتراجع نحو الشعور بالآخرين فيأتي التوجيه النبوي لإطعام الآخرين والشعور بهم، وهذا الشعور ليس آنيًا. بل يُراد للإنسان أنْ يستمر بعد رمضان في هذا الشعور ليشعر بحاجة المساكين والفقراء الذي لا يملكون شيئا.

على أنَّ إطعام الآخرين والمبالغة فيه كما يحصل عند البعض مناقضٌ لمقاصد الشارع حيث تكثر الولائم ويفيض الطعام عن الحاجة وربما يُرمى به في سلات المهملات.

وباختصار أبرز شيء يريد منا هذا الدين صناعته هو عدم الخضوع للغرائز الإنسانية وضرورة التحرر منها، وعدم عبادتها، وإذا كان هذا هو المقصد الأعظم فإنّك تدرك جريمة أولئك الذين يشغلون الناس في المسلسلات والأفلام التي تخدش الحياء وتقتل العفة، وتذيب وهج النخوة، والتي يسعى باثُّوها إلى نشرها في ليل رمضان وفي ساعات من ليله ويتنفقون على ذلك الكثير الكثير في وقت تتضور الأمة جوعا، وتنتشر فيها الحروب سعيرا.

وما أروعها لو كانت تعيد مجدًا تالدًا، أو تسعى لبناء صرحٍ أو تُذكِّر بالاحتياجات الاجتماعية.

وكم تستغرب – إذا كان رمضان هو مصنع للإرادات وللوقوف أمام هذه الغرائز – تلك الكثرة الكاثرة مما يُعرض في القنوات عن أطباق رمضان، ومطبخ رمضان … وكأنَّ الصائم لاهمّ له إلا إشباع البطن وتغذية الشهوة.

وفي أطار الوقوف أمام متطلبات الجسد من النوم والطعام والشراب والجنس يأتي الاعتكاف ليقوي هذه الإرادة، فالاعتكاف مدرسة مكثَّفة البرامج تتطلب الهمّة والصبر ومغالبة النوم وطرد الكسل.

وفي سياق صناعة الإرادات تظهر لنا صناعة الإنفاق بدفع زكاة الفطر، والرابطة بين الصيام وبين الإنفاق واضح، فالطعام الموجود أمام الصائم لا يستطيع أنْ يتناوله  قبل الغروب، أي أنَّه يمكن أن يتخلى عنه بتقوية الإرادة فكأنَّ الإنفاق يأتي برهانًا على قوة الإرادة، وعلى قوة الإيمان، ولأجل هذا تكون الصدقة برهانا كما جاء في حديث مسلم “وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ[7] فهي برهان على الإيمان وهي برهان على قدرة الإرادة عند الصائم.

وهذه الإرادات الخيرة الموجّهة من خلال شهر رمضان تجعل من الصائم قويًا قادرًا على الوقوف أمام العادات اليومية من الطعام والشراب والنوم، فهو يتحكم بها ولا تتحكم به، وشتان بين اثنين: بين صائمٍ متحكمٍ بغرائزه وشهواته يوجهها الوجهة الخيّرة التي تنفع النفس والمجتمع، وبين مُفطرٍ أمام الملأ من غير عذر ظانَّا نفسه شجاعًا، بينما هو عبدٌ للعادة والشهوة، لا يبالي بِقِيَم المجتمع ومتطلباته.

هذه القوة في الإرادة لوحظت في مواطن كثيرة عبر التاريخ، فالكثير من الغزوات والفتوحات الإسلامية كانت في هذا الشهر المبارك منها غزوة بدر وفتح مكة والقادسية وعين جالوت…  

اللهم تقبل منَّا الصيام والقيام، واجعل شهر رمضان صانعًا لإراداتنا الخيرة.


[1] صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، دار الشعب، القاهرة، الطبعة: الأولى، 1407 – 1987

[2] صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، دار الشعب، القاهرة، الطبعة: الأولى، 1407 – 1987

[3] صحيح مسلم، كتاب الزكاة، بَابُ بَيَانِ أَنَّ اسْمَ الصَّدَقَةِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْمَعْرُوفِ، رقم: 1006.

[4] كتاب الزكاة، بَابُ مَنْ أَعَانَ المُعْسِرَ فِي الكَفَّارَةِ، رقم: 6710

 [5]صحيح البخاري، كتاب الصوم، بَابُ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالعَمَلَ بِهِ فِي الصَّوْمِ، رقم. 1903

[6] رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، سنن الترمذي تحقيق: شاكر، كتاب الصوم، بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا، رقم: 807

[7] صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء، رقم: 223.