هل تعلم من هو صهيب الرومي، أحد الصحابة الكرام الذين كانوا من السابقين إلى الإسلام ومن الشجعان الذين واجهوا قريش بإيمانهم الراسخ؟ يُعد صهيب مثالًا فريدًا على الإيثار والشجاعة والإيمان. اكتشف قصة الصحابي الجليل صهيب الرومي وتعرف على شخصيته ونشأته وقصة هجرته واستلهم من حياته العبر والدروس الخالدة.
من هو صهيب الرومي؟
هو صهيب بن سنان، المكنى بأبي يحيى النمري، المعروف بصهيب الرومي. قال بن سعد: وكان أبوه وعمه على الأبلة من جهة كسرى، وكانت منازلهم على دجلة من جهة الموصل.
كان من السابقين الأولين الذين شهدوا بدرًا والمشاهد كلها. روى عدة أحاديث عن رسول الله ﷺ، وكان كريم الشمائل سمحًا.
نشأة صهيب الرومي وأصوله العربية
لم يكن صهيب بن سنان من الروم، بل كان من العرب من النمر بن قاسط، وكان عبداً مملوكًا، كاتب سيده حتى استطاع أن يعتق نفسه.
لماذا سُمي صهيب الرومي بهذا الاسم؟
قيل إنه سُبي وهو غلام حيث أغارت الروم على قومه وأخذته صغيرًا، فنشأ بين العجم وصار ألكن اللسان، ثم ابتاعه رجل من “كلب” وقدم به إلى مكة، وهناك اشتراه عبد الله بن جدعان التميمي وأعتقه.
أما صفته فقد كان صهيب رجلًا أحمر البشرة، ليس بالطويل ولا بالقصير، كثيف الشعر يخضب بالحناء، كريمًا وافر الفضل.
إسلام صهيب الرومي .. السابق المقرّب
كان صهيب رضي الله عنه من أوائل من أعلنوا إسلامهم. قال مجاهد: “أول من أظهر الإسلام سبعة: رسول الله ﷺ، وأبو بكر، وبلال، وخباب، وصهيب، وعمار، وأمه سمية”. وروى يونس، عن الحسن: قال رسول الله ﷺ: “صهيب سابق الروم”.
قال ابن الأثير: وأسلم صهيب ورسول الله ﷺ في دار الأرقم، بعد بضعة وثلاثين رجلا، وكان من المستضعفين بمكة المعذبين في الله عز وجل، وأسلم هو وعمار – عمار بن ياسر -في يوم واحد،.
هجرة صهيب الرومي وتنازله عن ماله
كان صهيب الرومي من المستضعفين الذين عُذّبوا في الله عز وجل، وفي قصة هجرته موعظة وعبرة. فقد ضحى صهيب رضي الله عنه بما يملك ابتغاء مرضاة الله وحبًا لرسوله ﷺ، فكان أن نال المنزلة الرفيعة.
ما قصة “ربح البيع أبا يحيى”؟
يروي سعيد بن المسيب رضي الله عنه قصة هجرته فيقول: لما أقبل صهيب مهاجرًا نحو النبي ﷺ، تبعه نفر من قريش، فنزل عن راحلته وانتثل ما في كنانته، ثم قال: “يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماكم رجلًا، وأيم الله لا تصلون إليّ حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، افعلوا ما شئتم، وإن شئتم دللتكم على مالي وثيابي بمكة وخليتم سبيلي”. قالوا: نعم. فلما قدم على رسول الله ﷺ المدينة، قال: “ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى”. ونزلت الآية: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله).
لم يتخلف صهيب عن رسول الله ﷺ في مشهد من المشاهد، وكان يقول: “لم يشهد رسول الله مشهدًا قط إلا كنت حاضرًا، ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضرًا، ولم يسر سرية إلا كنت حاضرًا، ولا غزا غزاة إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله، وما خافوا أمامهم قط إلا كنت أمامهم”.
حوار صهيب الرومي مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه
لصهيب الرومي مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه قصة طريفة، فصهيب رضي الله عنه كان يكنى أبا يحيى ويقول إنه من العرب ويطعم الطعام الكثير. فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “يا صهيب، ما لك تكنى أبا يحيى وليس لك ولد، وتقول إنك من العرب وأنت رجل من الروم، وتطعم الطعام الكثير وذلك سرف في المال؟”
فقال صهيب : “إن رسول الله -ﷺ- كناني أبا يحيى. وأما قولك في النسب وادعائي إلى العرب، فإني رجل من النمر بن قاسط من أهل الموصل، ولكن سبيت، سبتني الروم غلامًا صغيرًا بعد أن عقلت أهلي وقومي وعرفت نسبي. وأما قولك في إطعامي الطعام وإسرافي فيه، فإن رسول الله ﷺ كان يقول: إن خياركم من أطعم الطعام ورد السلام، فذلك الذي يحملني على أن أطعم الطعام”.
أمره عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم طعنه بأن يصلي بالناس حتى يتفق أهل الشورى على إمام. وكان صهيب ممن اعتزل الفتنة وأقبل على شأنه. وكان وافر الفضل، يطعم الطعام الكثير.
وفاة صهيب الرومي ومكان دفنه في المدينة
توفي صهيب الرومي بالمدينة سنة ثمان وثلاثين في شوال، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة، ودفن بها.