فتى الأحلام هو القاسم المشترك بين كل فتيات العالم لكن المسافة بين صورته في خيال الفتاة الانجليزية ابنة القرن الحادي والعشرين ومثيلتها في بعض الدول العربية كبيرا، حيث تفضل البريطانيات الرجل ذو الملامح الأنثوية فتعتبره أكثر إخلاصا واستعدادا لإقامة علاقة جدية تستمر لفترة طويلة، أكثر من ذي الملامح الذكورية، بينما تحلم البنت العربية في عمر المراهقة بالسيارة والبيت قبل العريس .
وقد اشارت الدراسة التي أجراها باحثون بريطانيون، نشرت نتائجها دورية “جورنال دو سانتيه”، أن هناك تغيير جذري في مواصفات فتى أحلام الفتيات في بريطانيا؛ حيث ثبت من خلالها أن النساء يتفقن إلى حد كبير في استنادهن إلى المظهر الخارجي عند تحديدهن لشخصية الرجل، وبإمكانهن أن يقررن سريعا إذا ما كن يرغبن في إقامة علاقة جدية معه أم لا، بناء على الوسامة والشكل، وبعيدا عن الجوهر والمضمون.
فتى أحلامنا وفتى أحلامهم
كان علماء من جامعتي درهام وسانت أندروز توصلوا إلى هذه النتيجة بعد أن طلبوا من أكثر من 400 امرأة في جميع أنحاء بريطانيا الحكم على شخصية عدد من الذكور من خلال صور معدلة رقميا، وطلبت الدراسة التي أجريت عبر الإنترنت من المشاركات تصنيف الوجوه استنادا إلى معايير محددة، مثل الميل إلى التسلط، والطموح، والثراء، والإخلاص، والالتزام، بالإضافة إلى الاستعداد الأبوي، ودفء المشاعر.
اعتبرت المشاركات أن الرجال ذوي الملامح الذكورية التي تتميز بأنف أكبر وعيون أصغر لديهم ميل أكبر للهيمنة، كما أنهم أقل إخلاصا وأقل دفئا، وليسوا ميسوري الحال، وبالتالي لن يكونوا آباء صالحين، أما الرجال أصحاب الملامح الأكثر نعومة مع شفاه أصغر وعيون أوسع فيُعتبرون شركاء أفضل لإقامة علاقة جدية تستمر لفترة طويلة؛ حيث تتوفر فيهم كل مقومات فتى الأحلام شكلا ومالا.
ولكن هل تتفق مواصفات شريك العمر الذي تحلم به الفتاة العربية مثلا مع هذه الدراسة؟ وهل اختلفت عن تلك المواصفات التي سادت قديما والتي كانت تصوره كنجم سينمائي يفيض رومانسية وقد اعتلى حصانه الأبيض الذي يخطفها عليه ويحلق بها في سماء الحب؟ أم أن هذه الصورة اختلفت واقتصرت أحلام البنات على الفتى الذي يكون مصدرا للأمان المادي فقط؟
عريس ماركة مرسيدس
سيطرت نوعية السيارة، وتسريحة الشعر، ولون البشرة، على مواصفات فتى أحلام فتيات المرحلة الثانوية والمتوسطة ممن قابلناهن واستطلعنا رأيهن، بينما استولى على تفكير فتيات المرحلة الجامعية والموظفات أخلاقيات الزوج وطريقة تفكيره لضمان استقرار الحياة الزوجية.
راندا طالبة ثانوية، قالت إنها تحلم بزوج من ذوي البشرة السمراء، وأن تكون له تسريحة شعر مميزة، (سبايكي) على سبيل المثال، ويرتدي الملابس السبور، وتكون بشرته برونزية، وسيارته مرسيدس! وبدورها، تريد مروة صلاح، طالبة إعدادي، أن يرتدي فتى أحلامها الملابس السبور، وتكون سيارته بي إم دبليو سوداء، وتكون شخصيته مرحة.
الاقتراب من الجوهر
أما فتيات الجامعة والموظفات فلهن حلم آخر.. تقول لمياء وهي موظفة إنها تفضل أن يكون زوج المستقبل ذا خلق ودين؛ حرصا على ضمان تعامله الحسن معها، وليساعدها في تربية أبنائهما بشكل سليم.
ومن وجهة نظر دينا (35عاما) يجب أن تتوافر في فتى الأحلام عدة صفات أهمها أن يكون جذابا وقويا وشجاعا وميسور الحال ومثقفا، وتعلن أنها على استعداد أن تظل في انتظاره طوال عمرها، ولن ترتبط بغيره ما دام لا يحمل هذه المواصفات.
وتقرر عايدة (30 عاما) أنها كانت تحلم قبل زواجها مثل أي فتاة في سن المراهقة بعريس المستقبل وفتى الأحلام، وكانت لديها بالتأكيد مواصفات خاصة كأن يكون وسيما طويل القامة، وأن يكون أكبر منها سنا بما لا يقل عن خمس سنوات؛ فهي مؤمنة بأن عقل المرأة أنضج من عقل الرجل حتى لو كان في مثل عمرها.
وتعترف أن مواصفات فتاها كانت إلى حد ما شكلية لا جوهرية، لكن بعد تخرجها في الجامعة أصبحت تفكر في رجل يستطيع تحمل المسئولية، ولم يعد يهمها أن يكون وسيما؛ لأن الأحلام لا يتحقق منها إلا القليل، من هنا كان أمامها خياران إما أن تتنازل قليلا عن أحلامها، أو تظل بقية عمرها غارقة فيها تنتظر أن تتحقق.
ولأنها تعتبر الاستغراق في الأحلام خطأ كبيرا فقد قررت أن تعيش في الواقع وتزوجت من رجل تختلف مواصفاته الشكلية كثيرا عما كانت تحلم به، ومع ذلك فهي في غاية السعادة معه؛ لأنه يملك صفات إنسانية أخرى أهم بكثير مما كانت تفكر فيه خلال المراهقة.
أما انتصار (خريجة جامعية حديثة) ترى أن فتى الأحلام يجب أن يتصف بشكل أساسي بالأخلاق الحميدة والتدين لضمان معاملة حسنة وشراكة قائمة على التعاون والتفاهم، أما فيما يتعلق بالماديات فلا بأس أن تكون ملامحه مقبولة، وأن يكون مستواه المادي مقاربا لها أو أعلى منها بقليل.
أما نشوى (مدرسة لغة عربية) فانحصرت مواصفاتها في أن يكون فتاها عاقلا مقاربا لسنها ويكون مقبول الشكل، وأضافت أنها ستركز على نظرة العين والابتسامة؛ لأنها ستدلها على شخصيته!
السن يحدد مواصفات فتى الأحلام
يرجع الباحث الاجتماعي سمير مؤنس التغير المتسارع في نمط تصور الفتيات لزوج المستقبل إلى تغير الظروف الاجتماعية والاقتصادية، فبعد أن كان هناك شبه اتفاق بين الفتيات على بعض المواصفات “القياسية” التي لا تخرج عن الأصل الطيب والأخلاق الحميدة والوضع المادي الجيد، أصبح المظهر، والشكل “الكول”، وتسريحة الشعر “السبايكي”، ونوع الملابس، وموديل السيارة ولونها، المعيار الأهم بالنسبة للفتيات الصغيرات، مع وجود تمسك بالمواصفات التقليدية بشكل عام من جانب الفتيات الأكبر سنا، بما يتلاءم مع نضجهن وفهمهن للحياة الزوجية والتزاماتها.
ويصنف د.مؤنس تصورات الفتيات بالنسبة للأزواج إلى فئتين: الصغيرات وهن غالبا ما يطمحن في الرجل ذي الدخل المرتفع وكثرة السفر والرحلات والترفيه في مقابل ضعف من جانبهن في مهارات التعامل في العلاقات الأسرية كزوجات وأمهات، أما الفئة الثانية فهن الناضجات (المرحلة الجامعية أو ما فوقها) وهن يحددن تصوراتهن في الغالب بمعزل عن الجوانب المادية؛ حيث يركزن على رجال يستطيعون أن يؤمنوا لهن الاستقرار الأسري.
الأحلام وحدها لا تكفي
وتوضح د.أمل (الخبيرة الاجتماعية أن الأحلام) هي الدليل على طموح الإنسان، وأنها تختلف باختلاف الشخصية؛ فالإنسان الذي يحلم بكل شيء من مستوى مادي ومكانة مرموقة وتعليم عالٍ دون أن يبذل جهدا لتحقيق هذه الأحلام، هو شخص أناني خامل لا يفكر للحظة أن يجتهد ويحسن شخصيته كي يصل إلى ما يحلم به ليتحسن خارجه، أما الإنسان الذي يتمسك بأحلامه رغم الظروف التي مر بها في حياته، ويؤمن في داخله بأن ما يتمناه من حقه ولديه أمل كبير في تحقيقه، فهو شخصية عنيدة وذات كبرياء وهو أمر تراه حسنا، مع الأخذ في الاعتبار أن يكون لدى هذا الشخص الوعي الكامل بما يجري من حوله؛ فالأحلام وحدها لا تكفي، ومن غير المعقول أن يظل طوال العمر يحلم وينتظر تحقيق ما يتمناه دون أن يسعى لتحقيقه.
وتنصح د.أمل الفتيات بعدم المغالاة في تصور فتى الأحلام ملاكا خاليا من أي عيوب، والاحتكام إلى العقل حتى في مخيلاتهن، وألا يبتعدن كثيرا عن حقيقة أنه بشر، وأن به مزايا وسلبيات، حتى لا يصدمن بالواقع حين تواجه كل منهن عكس ما كانت تتمنى فتصاب بخيبة الأمل والإحباط.