أطلقت في الدوحة أول منصة إلكترونية لتبادل العملات الرقمية المدعومة بالذهب اي-دينار (I-DINAR ) ، والتي تعتمد في مفهومها على أنها رمز إلكتروني قائم على أساس تبادل العملة الرقمية، بحيث يتم دعم قيمتها الأولية البالغة 1 دينار مقابل واحد جرام من الذهب، وذلك على هامش فعاليات مؤتمر الدوحة الخامس للمال الإسلامي.
ويعد هذا الإنجاز نتاج عمل ودراسات واجتماعات مكثفة بين فريق عمل من مركز قطر للمال ومجموعة قاف القابضة ومؤسسة Ibadah Inc الماليزية.
ولا تعتبر منصة اي- دينار ( I-DINAR) عملة رقمية فحسب، بل لها مقابل عيني حقيقي من الذهب، وعلى هذا النحو لا يعد رمز
(I-Dinar) الرقمي شكلا من أشكال محفظة الذهب الإلكترونية لكن يمكن استخدامه كقاسم مشترك لتنفيذ وتسوية العديد من العمليات المالية وأعمال الصرف والتجارة.
ويعد هذا المشروع أول تبادل رقمي مختلط من نوعه في العالم مستخدما رمزا رقميا مدعوما بالذهب وله قيمة حقيقية.
وكانت أعمال مؤتمر الدوحة الخامس للمال الإسلامي قد انطلقت أمس تحت عنوان “التمويل الإسلامي والعالم الرقمي”، وبمشاركة نخبة من العلماء والخبراء والمتخصصين في مجال صناعة المال الإسلامي وذلك من أجل إبراز نتاجهم المعرفي وآرائهم في المستجدات المالية المعاصرة.
وهدف المؤتمر إلى عرض تجارب المصارف المركزية في التعامل مع المستجدات المالية الرقمية ومخاطرها المحتملة، وتقديم رؤية استشرافية عن المصارف الإسلامية الرقمية في ضوء الأحكام الشرعية والمعايير القانونينة والفنية، وبيان أهمية الاقتصاد الرقمي ودوره في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية قطر الوطنية 2030، بالإضافة إلى مناقشة التحديات التي تواجه المؤسسات المالية الإسلامية في مجال الأنظمة الإلكترونية ومدى مواءمتها للمتطلبات الشرعية.
البنوك الرقمية والمعايير الشرعية
أكد الدكتور عبد الستار أبوغدة عضو مجمع الفقه الإسلامي الدولي إلى أهمية البنوك الرقمية ومبادراتها الملحوظة في اعتماد البنوك لها، واعتناء البنوك المركزية بها وطلب التحول إليها كليا، أو تحويل بعض فروعها وذلك لما تحققه هذه البنوك الرقمية من خدمة المتعاملين، وما توفره من جهد ومصروفات.
وتناول أبو غدة أثر المعايير الشرعية في البنوك الرقمية خلال مداخلته التي حملت عنوان : “البنوك الرقمية، ماهيتها والتكييف الشرعي لتنفيذها”، حيث أعرب أن مقررات المعايير الشرعية لم تخص البنوك الرقمية بالبيان وذلك لأن هذا النوع من البنوك من الأمور المستجدة في المالية الإسلامية، غير أنه لم يستبعد علاقة هذه البنوك الرقمية ببعض المبادئ المطروحة في المعايير الشرعية، من ذلك: مشروعية التعامل بالانترنت، صيغة العقد، مجلس العقد (الوحدة الزمنية للتعاقد) ، القبض للمبيع أو الثمن.
وأوضح أبو غدة أن تطبيقات البنوك الرقمية تحظى بمساندة قوية من زاوية البحوث الفقهية مثل مسائل الاكتفاء بما يدل على التراضي إن لم يحصل الإيجاب والقبول كما هي الحالة في بيع المزايدة، وفي عقود الإذعان التي تشتمل على عرض كتابي مقابل أجرة الخدمة.
وشدد أبوغدة على ضرورة سن قوانين تشريعية وفقهية للبنك الرقمي، وأن التقدم في هذا المجال يعتبر نقلة حديثة للمالية الإسلامية.
إنشاء مصارف رقمية إسلامية
وبدوره اعتبر الدكتور علي محيى الدين القره داغي أمين عام اتحاد علماء المسلمين أن التقدم الحاصل في عالم الصيرفة دليل على المراد من تقارب الزمان في حديث أشراط الساعة حيث بات التواصل والوصول أمرا سهلا، ومن آثار هذا التقارب سهولة وسيلة التبادل.
وذكر القره داغي أن الصيرفة انتقلت من طاولة على الشارع إلى مصارف في الأبراج العالية، حتى وصلت لمرحلة المصارف الإلكترونية، وجميع ذلك دليل على القدرة الهائلة التي استفادها الإنسان من تسخير الكون.
وبين القره داغي باختصار تاريخ المصارف الإلكترونية والرقمية، والفرق بين الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الإلكتروني، والفرق بين النوعين: فالاقتصاد الرقمي يعتمد على التقنيات الخاصة بـ (البلوك تشين)، وأما الاقتصاد الالكتروني ينحصر اعتماده على الانترنت بصورة عامة
وتناول القره داغي أهم الآثار الإيجابية للمصارف الرقمية من ناحية سرعة التعامل والإنجاز، والاستفادة من تقنيات العصر، والاستغناء عن الوسطاء، وتقليل النفقات، وتزايد عدد المستخدمين، وتوفير الوقت.
ونبه القره داغي للمخاطر والتحديات أمام تطبيق هذا النوع من البنوك الرقمية الشرعية على وجه الخصوص، منها ما مخاطر شرعية خالصة، ومنها مخاطر ترجع إلى جانب القانون، ومنها مخاطر السيولة، ومخاطر التوقيعات، وكيفية التنفيذ لمنتجات القروض، أو التمويلات، وخطابات الضمان ونحوها.
وأنهى القرة داغي مداخلته بمبحث استباقي عن مدى إمكانية إنشاء مصرف إسلامي رقمي، وقدم مقترحين : إنشاء مصارف تقوم بالكامل على تقنيات إلكترونية وكيفية معالجة عقودها ومسألة القبض ونحو ذلك، وإنشاء مصارف مختلطة تقوم في معظم أنشطتها وأعمالها على التقنيات الالكترونية والرقمية، ويعمل قسم منها على التطبيقات التقليدية.