قال تعالى : { وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْما اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ ولعلهم يتقون }

 إنَّ الداعية الذي يريد الإصلاح لا يكتفي بإقامة الحجة على المدعوين فقط ؛ بل إن السعي لإصلاح المجتمع وتغيير المنكر يستهدف مصلحتين :

أولاهما : مصلحة الداعي نفسه ، وهي الإعذار إلى الله تعالى من خلال القيام بمسؤليته الشرعية في النصح والإبلاغ .

والثانية : مصلحة للمدعو ، وهي الرجوع عن الباطل إلى الحق .

 وقد جمع الصالحون من أهل القرية هذين المعنيين في ردهم على الذين أرادوا تثبيط هممهم ، فقالوا : ( معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون ) .

ومن هنا يتبين لنا قصور الذين يكتفون في الإصلاح والنصيحة بهدف واحد وهو : الإعذار إلى الله تعالى ، ولا يحرصون على بذل الوسع في تحقيق الأمر الثاني ، وهو الحرص على رجوع العاصي إلى الحق .

فقد يكون هناك من يقع في المنكر ، ويأتي إليه أحدنا وينصحه ويدعوه إلى الخير ، ويكتفي بذلك ؛ لأن هدفه إبراء الذمة والإعذار إلى الله تعالى . وهذا لا يكفي . فكل واحد يمكنه أن يقوم بهذا الإعذار بأي وسيلة . ولكن العبرة بالحرص على هداية الناس ببذل الوسائل الممكنة والمناسبة لتحقيق هذا الهدف .


المصدر : ” الخطاب الدعوي في القرآن الكريم، أبعاده المعرفية وأسراره البلاغية. د عبد الله الهتاري