في اللقاء الأخير الذي جمعهما، استبقى الشيخ محمد الغزالي ضيفَه د. محمد عمارة حينما استأذن في الانصراف، ليهديه آخر كتبه: (نحو تفسير موضوعي لسور القرآن الكريم)، وليكتب له إهداءً دالاًّ على الرسالة التي نذر د. عمارة نفسَه لها، وعلى المهمة التي تنتظره بعد رحيل شيخه الغزالي!.. أما الإهداء (الرسالة/ والمهمة) فهو: "إلى أخي الحبيب الدكتور محمد عمارة داعية الإسلام وحارس تعاليمه، مع الدعاء.. محمد الغزالي".
من المهم أن نقترب من العلماء والدعاة والمفكرين، على المستوى الشخصي والاجتماعي، مثلما نقترب منهم على المستوى الفكري؛ فذلك يكشف لنا كثيرًا من جوانب تَميزهم وتأثيرهم، ويضعنا أمام نموذج حي متكامل في العلم والخُلق، والفكر والسلوك.. وهذا أمر نحن في شديد الحاجة إليه دائمًا. وفي هذا الحوار يُبْحِر "إسلام أون لاين" -إنسانيًّا واجتماعيًّا، وفكريًّا أيضًا- مع حفيد واحد من أئمة التجديد في الفكر والدعوة في العصر الحديث، هو السيد محمد رشيد رضا رحمه الله، وهو الأستاذ "فؤاد سعيد" بن "محمد شفيع" بن "محمد رشيد" بن علي رضا الحسيني، الذي له جهود طيبة في نشر تراث الجد والتعريف به.. فإلى الحوار:
يعتبر ليو تولستوي أحد عمالقة الأدب الروسي في القرن التاسع عشر ومن أعظم الروائيين على الإطلاق، لما يمتاز به أدبه من نظرة إنسانية شاملة. ويعتبر الشيخ محمد عبده أحد رموز التجديد في الفقه الإسلامي ومن دعاة النهضة والإصلاح في العالم العربي والإسلامي. فما الذي يجمع هاذين الرجلين وما الذي يفرقهما؟ وعن أي مقام سنتحدث في هذا المقال؟
السؤال الذي يطرحه العنوان هو سؤال مهم؛ لأنه يتصل بأمرين جديرين بالاعتبار؛ وهما: تصحيح المعنى السائد لمفهوم "الفقر".. وتحديد المنظور الصحيح الذي ينبغي من خلاله قياس مدى تقدم مجتمع ما أو تأخره.
كان الشيخ محمد رشيد رضا (1865- 1935م) الحلقة الثالثة الأبرز في مدرسة الإصلاح والتجديد؛ التي بدأها السيد جمال الدين الأفغاني، وتوسطها الإمام محمد عبده.. وكان يمتاز عن سابقَيْه بالتبحر في العلوم الشرعية، خاصة في علم الحديث، مما جعله يكمل جوانب كثيرة فاتت الشيخين الجليلين. وقد وصف الشيخ الغزالي مكانة الشيخ رشيد رضا وجهوده فأحسن الوصف،
لا شك أن الفلسفة إحدى مظاهرة قوة الحياة العقلية في أي ثقافة، وتجديد النظر إليها، وإصلاح وتجديد النظر من خلالها، يخلق حالة من الانبعاث الحضاري، وشهد الخبرة الإسلامية تطورا كبيرا في التعامل مع الفلسفة كمنهج وأداة للنظر العقلي، فهناك قرون طويلة ما بين مقولة "من تمنطق فقد تزندق" وما أورده الشيخ نديم الجسر في كتابه "قصة الإيمان: بين الفلسفة والعلم والقرآن" من أن "الفلسفة كانت ومازالت في جوهرها هي البحث عن الله" و أن راكبها يجد الزيغ والخطر في سواحلها وشطآنها، ويجد الأمان والإيمان في لججها وأعماقها.
استقر في أعراف الساسة والعامة أن العدل أساس الملك، وأن الظلم علامة خراب العمران، وهذه القاعدة مضطردة النهايات، لا فرق فيها بين دولة مسلمة أو دولة كافرة، فمن جعل العدل أساس ملكه قويت شوكته، وعظمت دولته، وإن كان كافرا ودولته كافرة، وأن من جعل أساس دولته الظلم، لم تبق دولته،وإن كان مسلما، ذلك أن بناء الحضارات والدول خاضع للسنن الكونية التي أودعها الله تعالى في كونه كله.
لا شك في أنَّ التفكير في مسائل الاجتماع السِّياسي، وطرائق تدبيره في “الـمجال العام”، على أرض الواقع إنما ينطلق من بديهية أن الإنسان “مدنيٌّ بالطبع” يجد نفسه في قلب الـجماعة الإنسانية، مضطرا إلى التعاون معها، والدِّفاع عن الـمصالح الـمشتركة التي تجمعه بها، فحيثما وجدت تلك الـمصالح الـمشتركة، ينشأ “الـمجال العام”، الذي يكون ساحة للقاء أصحاب
ما هي مكانة تفسير المنار بين الكتب المصنفة في تفسير القرآن الكريم؟
تستند السُّنن الإلهية في فهم الإمام محمَّد عبده إلى مبدأ، أو إلى قانون عام، يقيم ارتباطا ما بين الجزاء والعمل، بحيث ينطبق هذا القانون أو تسري مفاعيله على الجميع من دون استثناء: فينطبق على الأمم كما ينطبق على الأفراد. ونتيجة لذلك؛ نجد أنَّ “كلَّ من أجرم كما أجرموا (بنو إسرائيل) سقط عليه من غضب اللّه
يربط الإمام محمَّد عبده في تفسيره لآية العهْد والميثاق : { الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} .[البقرة: 25] بين رفض السُّنَن الإلهيَّة وتحقُّق معْنيي: الفسُوق، والفساد، حيث يتساءل، في معرض حديثه عنه، قائلا: “وأيُّ إفسادٍ أكبر من إفساد مَنْ أهمل
ورد التَّعبير عن “السُّنن الإلهية” بصيغ ثلاثة في القرآن الكريم: أولها: صيغة المفرد مع نسبتها إلى المولى عزَّ وجلَّ : “سنَّة اللَّه”. وقد وردت هكذا في ثلاثة مواضع تكرَّرت فيها اللفظة في موضعين، ووردت بصيغة المفرد مرَّة واحدة في الآية رقم (38) من سورة الأحزاب : (مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّـهُ
كان لحركة الإصلاح التي قام بها السَّيد جمال الدِّين الأفغانيِّ في العالم الإسلامي، شرقا وغربا، أثرها البالغ في حياة وفكر الإمام محمَّد عبده، والذي لم يكن – بحسب البعض – إلَّا أثرًا من آثار الأفغاني، حيث لم ينفذ إلى لُباب المعارف إلَّا بتوجيهه، ولم يتذوَّق روح حكمتها إلا بنفحاته، فلا عجب أن يكون بما أُتيح
ما كانت الجهود العظيمة التي اضطلعت بها مدرسة الشيخ مصطفى عبد الرازق (1885- 1947م)، بتفرُّعاتها المختلفة، نبتا شيطانيا لا أصل له في العصر الحديث أو المعاصر؛ وإنما كانت امتدادا طبيعيا لمدرسة الأستاذ الإمام محمَّد عبده (1849- 1905م)، الذي كان بدوره أحد تجليات الاتجاه الإصلاحيِّ التَّجديديِّ الذي أرسى دعائمه موقِظُ الشَّرق جمال الدِّين الأفغاني (1838- 1897م).
ندوة عامة تحت عنوان: "التعريف بالشيخ محمد عبده" تناولت فيها دراسة خاصة تعنى بالشيخ محمد عبده وعرجت على أهم محطات حياته وأثاره الفكرية