قال تعالى: { ٱلَّذِینَ یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡغَیۡبِ وَیُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ }[سورة البقَرة: 3]

الفعل رَزَقَ يتعدى إلى مفعولين، وقد اقتصرت الآية الكريمة على ذكر مفعوله الأول وحذفت الثاني؛ لعموم الدلالة وانفتاحها؛ لتشمل عموم الرزق، وفيه أن الإنفاق ليس محصورا على المال فحسب، فهذا حال الأغنياء.

وأما عموم المؤمنين بالغيب ومن ثمراته؛ إقامة الصلاة وعموم الإنفاق، يعم عموم المؤمنين بعموم الخطاب بالإنفاق، بالمال والعلم والحلم والجاه والتبليغ والبيان، فكل ينفق مما رزقه الله وأمده، رزقا متجددا كتجدد الفعل المضارع، في الزمن والدلالة، فيتجدد منه الإنفاق ويمتد بتجدد المقام بمقتضاه، فالغني ينفق في الفقراء ووجوه الخير المتجددة، والعالم ينفق مما رزقه الله من العلم في مقامات التعليم والدعوة والبلاغ.

وكذلك حملة الأقلام وأرباب الفصاحة والبيان، ورواد الإعلام، وحملة الكلمة، وراسم الصورة، ومبلغ الفكرة؛ فاتسعت وجوه الإنفاق لاتساع وجوه الرزق والإنعام على عموم خلقه بعموم مواهبهم؛ وهذا يشعرك بأن الحياة بكل مافيها من وجوه النعمة التي أمدها الله عباده، معنى عظيم لمفهوم العبادة المتسع باتساع الزمان والمكان، والقدرات والأفهام.