يقول الدكتور عبد الرحمن الأغبري :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد،
أختنا العزيزة،
ما ذكرتِ من حالك شيءٌ تؤجرين عليه بل الأجر على قدر المشقَّة التي تجدينها كما قال ذلك النبيُّ ﷺ لعائشة رضي الله عنها: “أجرك على قدر نَصَبك”رواه مسلم، وروى البخاريُّ نحوه، و”على قدر نَصَبك” أي على قدر تعبك.
أمَّا بالنسبة لواجبك نحو والديك فعليك الطاعة لهما بالمعروف، قال تعالى: “وقضى ربُّك ألا تعبدوا إلا إيَّاه وبالوالدين إحسانا”، وسأل رجلٌ النبيَّ ﷺ: يا رسول الله، مَن أحقُّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: “أمُّك”، قال: ثمَّ مَن؟ قال: “أمُّك”، قال: ثمَّ مَن؟ قال: “أمُّك”، قال: ثمَّ مَن؟ قال: “أبوك”متَّفقٌ عليه، وسأل رجلٌ النبيَّ ﷺ: أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: “الصلاة لوقتها، وبِرُّ الوالدين، ثمَّ الجهاد في سبيل الله”رواه البخاري، فتأمَّلي الحديث حين جعل بِرَّ الوالدين بين الصلاة والجهاد.
والأحاديث والأخبار في ذلك كثير.
فهذا هو الواجب، علماً بأنَّ الطاعة لا تكون إلا في المعروف فلا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.
والذي أنصحك به الأتي :
1- الدعاء لهما بالهداية والتوبة، ولا سيَّما أوقات السَّحَر، وأوقات إجابة الدعاء عند إفطار الصائم، وبين الأذان والإقامة، وعند نزول المطر، وغير ذلك.
2- أن تتخيَّري الأوقات المناسبة في الدعوة، مع الإحسان وطيب الكلام بعيداً عن الشدَّة والغلظة، ولا تكون المواعظ طول اليوم أو على الدوام، فقد ذكر أحد التابعين أنَّ عبد الله بن مسعود كان يتخوَّلنا بالموعظة، أي لا يكثر عليهم حتى لا يملُّوا .
3- أن تكوني قدوةً حسنةً في البيت ومثلاً للأخت الملتزمة بشرع ربِّها المتحلِّية بمكارم الأخلاق ومحاسن الآداب، فإنَّ ذلك يؤثِّر فيهم، فقد قال النبيُّ ﷺ: “إنَّكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بَسْطَ الوجه، وحُسْنَ الخُلُق”رواه الترمذيُّ والحاكم وابن حبَّان، وقال الترمذي: “هذا حديثٌ صحيحٌ غريب.
4- الصبر وعدم الملل، ويجب أن تعلمي أنَّ ما هم فيه إنَّما هو طارئٌ عليهم، فالأصل أنَّهم مسلمون يحبُّون الله ورسوله، ولكن أصابتهم غفلةٌ تحتاج إلى وقتٍ لإزالتها.
وأخيرا، أسأل الله أن يثبِّتك ويثيبك على ذلك، ويهدي أهلك وأبويك إلى الهدى والخير، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين.
كانت هذه النقاط التي أشار إليها أستاذنا الدكتور الأغبري أكرمه الله تعالى، وبقي أن أضيف ملاحظةً ونقطتين:
الملاحظة: ما شاء الله، ما زالت دعوة الوالدين والأهل مستمرَّة، وما زالت تتوالى إلينا الاستشارات حول هذا الموضوع، وهذا إن دلَّ فإنَّما يدلُّ على فهمٍ طيِّبٍ لهذا الدين الذي حثَّ نبيَّنا ﷺ في أوَّل أوامره: “وأنذر عشيرتك الأقربين”، كما أنَّه يدلُّ على قلبٍ حيٍّ كبير، يرغب كلَّ الرغبة في هداية من يحبّ، فبارك الله في دعاة الأهل وسدَّد خطاهم.
النقطة الأولى: إيَّاك والقيام بدور الوصيِّ عليهم، فلا تغلقي تلفازا، ولا تدَّعي فضلا، إنَّك إن أشعرتهم بالوصاية عليهم فقد أغلقت قلوبهم أمام الهداية، بل كنت كمن أراد النفع فأضرّ، فكوني ذكيَّةً في عرضك، أديبةً في تصرُّفاتك، وحتى إن لم يهتدوا فلا تغيِّري طريقتك تلك، إذ هي السبيل الوحيد، واحذري من ردِّ الفعل العنيف أو اليائس أو المتكبِّر، لأنَّه لن يأتي التكبُّر أو العنف بنجاحٍ أبدا.
النقطة الثانية: بالتجربة والمشاهدة والعلم رأينا آباءً وأمَّهاتٍ كانوا في الضلال الكبير، ثمَّ مع مرور الزمن ومضيِّ العمر، رجعوا إلى الله تعالى، ولعلَّ أهمُّ أسباب ذلك أمرين: وجود الداعية طويل النفس حسن القدوة، وإحساس الآباء بمرور العمر، وأنَّ الموت يقترب، فتذكَّري هذين الأمرين جيِّدا، نعم نحن لن ننتظر لأنَّ الأعمار بيد الله تعالى، ولكن علينا أن نعلم أنَّ الدعوة تأثيرها تراكميّ، والزمن جزءٌ هامٌّ فيها، ولذلك فلا مكان لليأس أو الملل في قلب داعية الأهل، كما أنَّ مفتاحه الأوَّل هو أنتِ أيتُّها المسلمة القدوة.
أعانك الله ويسَّر أمرك، وأخبرينا بما يستجدُّ معك من فضلك… المحرر.
استشاراتٌ ذات صلة:
– بين أهلي والدعوة: لو أنَّ اليوم أيَّامٌ!
– أبي وأمي وأختي.. مشكلات دعوية!!
– أنا.. وأمِّي وأختي.. والتزامهما..
– والدي وأخي لا يصلِّيان..كيف أقنعهما؟
– أختي غير ملتزمة.. ووالدي يوافقها.. ماذا أفعل؟