عثمان بن عفان رضي الله عنه هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، من السابقين إلى الإسلام، وثالث الخلفاء الراشدين، في عهده تم جمع القرآن الكريم في مصحف واحد. لُقب “ذو النورين” لأنه تزوج أثنتين من بنات الرسول صلى الله عليه وسلم ( رقية وأم كلثوم). كان أول مهاجر إلى أرض الحبشة لحفظ الإسلام، ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة. وكان الرسول يحبه، فبشره بالجنة وأخبره بأنه سيموت شهيدا.

كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يثق بعثمان بن عفان ويحبه ويكرمه لحيائه ودماثة أخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين، وبشّره بالجنة كأبي بكر وعمر وعلي وبقية العشرة، وأخبره بأنه سيموت شهيدًا.

‏استخلفه رسول اللَّه (صلى الله عليه وسلم) على المدينة في غزوته إلى ذات الرقاع وإلى غطفان، وكان محبوبًا من قريش، وكان حليمًا، رقيق العواطف، كثير الإحسان‏.‏ وكانت العلاقة بينه وبين أبي بكر وعمر وعليّ على أحسن ما يرام، ولم يكن من الخطباء، وكان أعلم الصحابة بالمناسك، حافظًا للقرآن، ولم يكن متقشفًا مثل عمر بن الخطاب بل كان يأكل اللين من الطعام‏.‏

نسب عثمان بن عفان ولقبه وكنيته

هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن فهر العدوي القرشي. ولد في مكة بعد عام الفيل بست سنين على الصحيح.

أبوه:عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب‏ بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. من بطن بني أمية ومن ساداتها وكان كريما جوادا وكان من كبار الأثرياء، وهو ابن عم الصحابي الجليل أبي سفيان بن حرب لحاً. يلتقي نسبه مع رسول الله في الجد الرابع من جهة أبيه‏‏‏.

أمه الصحابية الجليلة : أروى بنت كريز بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب‏ بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وأروى هي ابنة عمة النبي صلى الله عليه وسلم، فأمها هي البيضاء بنت عبد المطلب عمة الرسول.

لُقب رضي الله عنه بذي النورين، والمراد بالنورين ابنتا النبي صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم رضي الله عنهما، حيث زوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته رقية، وحين توفيت زوجه ابنته الثانية أم كلثوم. وفي ذلك يقول عبد الله بن عمر بن أبان الجعفي: قال لي خالي حسين الجعفي: يا بني، أتدري لما سمي عثمان ذا النورين؟ قلت: لا أدري. قال: لم يجمع بين ابنتي نبي منذ خُلِق آدم إلى أن تقوم الساعة غير عثمان بن عفان، فلذلك سمي ذا النورين.

كان عثمان بن عفان يكنى في الجاهلية أبا عمرو، فلما ولد له من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام سماه عبد الله، واكتنى به، فكناه المسلمون أبا عبد الله.

 إسلام عثمان بن عفان

كان عثمان رضي الله عنه قد ناهز الرابعة والثلاثين من عمره حين دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام، ولم يعرف عنه تلكؤًا أو تلعثمًا بل كان سبَّاقًا أجاب على الفور دعوة الصديق، فكان بذلك من السابقين الأولين، فكان بذلك رابع من أسلم من الرجال، ولعل هذا السبق إلى الإسلام كان نتيجة لما حدث له عند عودته من الشام، وقد قصه رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل عليه هو وطلحة بن عبيد الله، فعرض عليهما الإسلام وقرأ عليهما القرآن، وأنبأهما بحقوق الإسلام، ووعدهما الكرامة من الله، فآمنا وصدقا، فقال عثمان: “يا رسول الله، قدمت حديثًا من الشام، فلما كان بين معان والزرقاء، فنحن كالنيام فإذا منادٍ ينادينا: أيها النيام هبُّوا، فإن أحمد قد خرج بمكة. فقدمنا فسمعنا بك”.

لا شك أن هذه الحادثة تترك في نفس صاحبها أثرًا عجيبًا لا يستطيع أن يتخلى عنه عندما يرى الحقيقة ماثلة بين عينيه، فمن ذا الذي يسمح بخروج النبي قبل أن يصلي إلى البلد الذي يعيش فيه، حتى إذا نزله ووجد الأحداث والحقائق تنطق كلها بصدق ما سمع به، ثم يتردد في إجابة الدعوة؟ فقد تأمل في هذه الدعوة الجديدة بهدوء كعادته في معالجة الأمور، فوجد أنها دعوة إلى الفضيلة ونبذ الرذيلة، دعوة إلى التوحيد وتحذير من الشرك، دعوة إلى العبادة وترهيب من الغفلة، ودعوة إلى الأخلاق الفاضلة وترهيب من الأخلاق السيئة، ثم نظر إلى قومه فإذا هم يعبدون الأوثان ويأكلون الميتة، ويسيئون الجوار، ويستحلون المحارم، وإذا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم صادق أمين يعرف عنه كل خير ولا يعرف عنه شر قط، فلم تُعهد عليه كذبة، ولم تحسب عليه خيانة.

أسلم رضي الله عنه على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ومضى في إيمانه قدمًا، قويًّا هاديًا، وديعًا صابرًا عظيمًا راضيًا، عفوًّا كريمًا محسنًا رحيمًا سخيًّا باذلاً، يواسي المؤمنين ويعين المستضعفين، حتى اشتدت قناة الإسلام.

صفاتعثمان بن عفان

كان رضي الله عنه رجلاً ليس بالقصير ولا بالطويل، رقيق البشرة، كث اللحية عظيمها، عظيم الكراديس (كل عظمتين التقتا في مفصل)، عظيم ما بين المنكبين، كثير شعر الرأس، يصفر لحيته، أضلع (رجل الشديد)، أروح الرجلين (يتدانى عقباه ويتباعد صدرا قدميه)، أقني (أي طويل الأنف مع دقة أرنبته وحدب في وسطه)، خدل الساقين (أي ضخم الساقين)، طويل الذراعين، شعره قد كسا ذراعيه، جعد الشعر أحسن الناس ثغرًا، جمته أسفل من أذنيه (الجمة: مجتمع شعر الرأس)، حسن الوجه، والراجح أنه أبيض اللون، وقد قيل أسمر اللون.

كان رضي الله عنه في أيام الجاهلية من أفضل الناس في قومه، فهو عريض الجاه ثري، شديد الحياء، عذب الكلمات، فكان قومه يحبونه أشد الحب ويوقرونه، لم يسجد في الجاهلية لصنم قط، ولم يقترف فاحشة قط، فلم يشرب خمرا قبل الإسلام، وكان يقول: إنها تذهب العقل، والعقل أسمى ما منحه الله للإنسان، وعلى الإنسان أن يسمو به، لا أن يصارعه.

يقول عن نفسه رضي الله عنه: “مَا تَغَنَّيْتُ وَلاَ تَمَنَّيْتُ، وَلاَ مَسَسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلاَ شَرِبْتُ خَمْرًا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلاَمٍ، وَلاَ زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ فِي إِسْلاَمٍ”.

أحسن زوجين رآهما إنسان رقية وعثمان

تزوج عثمان رضي الله عنه ثماني زوجات كلهن بعد الإسلام، لكن زواجه من رقية بنت رسول الله له قصة معروفة، فقد زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية من عتبة بن أبي لهب، وزوج أختها أم كلثوم عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت سورة المسد: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ، مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ، سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ، وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ، فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}(المسد: 1-5). قال لهما أبو لهب وأمهما أم جميل بنت حرب بن أمية: فارقا ابنتي محمد. ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما، كرامةً من الله تعالى لهما، وهوانًا لابنَيْ أبي لهب.

وما كاد عثمان بن عفان رضي الله عنه يسمع بخبر طلاق رقية حتى استطار فرحًا وبادر، فخطبها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوجها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم منه، وزفتها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، وقد كان عثمان من أبهى قريش طلعة، وكانت هي تضاهيه قسامة وصباحة، فكان يقال لها حين زفت إليه: أحسن زوجين رآهما إنسان رقية وزوجها عثمان.

أما عن زواجه من أم كلثوم بنت رسول الله الثانية، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند باب المسجد فقال: “يَا عُثْمَانَ، هَذَا جِبْرِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ رُقَيَّةَ، وَعَلَى مِثْلِ صُحْبَتِهَا”. وكان ذلك سنة ثلاث من الهجرة النبوية في ربيع الأول، وبنى بها في جمادى الآخرة.

ولما توفيت أم كلثوم -رضي الله عنها- في شعبان سنة تسع هجرية تأثر عثمان رضي الله عنه، وحزن حزنًا عظيمًا على فراقه لأم كلثوم، “ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان وهو يسير منكسرًا، وفي وجهه حزن لما أصابه، فدنا منه وقال: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا ثَالِثَةٌ لَزَوَجَّنَاكَهَا يَا عُثْمَانُ”. وهذا دليل حب الرسول صلى الله عليه وسلم لعثمان، ودليل وفاء عثمان لنبيه وتوقيره، وفيه دليل على نفي ما اعتاده الناس من التشاؤم في مثل هذا الموطن، فإن قدر الله ماضٍ وأمره نافذ، ولا راد لأمره.

أبناء عثمان بن عفان

كانوا تسعة أبناء من الذكور من خمس زوجات، وهم:

  1. عبد الله: ولد قبل الهجرة بعامين، وأمه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي أوائل أيام الحياة في المدينة نقره الديك في وجهه قرب عينه، وأخذ مكان نقر الديك يتسع حتى مات في السنة الرابعة للهجرة، وكان عمره ست سنوات.
  2. عبد الله الأصغر: أمه فاختة بنت غزوان.
  3. عمرو: وأمه أم عمرو بنت جندب، وقد روى عن أبيه وعن أسامة بن زيد، وروى عنه علي بن الحسين وسعيد بن المسيب وأبو الزناد، وهو قليل الحديث، وتزوج رملة بنت معاوية بن أبي سفيان، توفي سنة ثمانين للهجرة.
  4. خالد: وأمه أم عمرو بنت جندب.
  5. أبان: وأمه أم عمرو بنت جندب كان إمامًا في الفقه يكنى أبا سعيد، تولى إمرة المدينة سبع سنين في عهد الملك بن مروان، سمع أباه وزيد بن ثابت، له أحاديث قليلة.
  6. عمر: وأمه أم عمرو بنت جندب.
  7. الوليد: وأمه فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس بن المغيرة المخزومية.
  8. سعيد: وأمه فاطمة بنت الوليد المخزومية، تولى أمر خراسان عام ستة وخمسين أيام معاوية بن أبي سفيان.
  9. عبد الملك: وأمه أم البنين بنت عينية بن حصن، ومات صغيرًا.

وأمَّا بناته فهن سبع من خمس نساء، منهن: مريم: وأمها أم عمرو بنت جندب، وأم سعيد: وأمها فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس المخزومية، وعائشة: وأمها رملة بنت شيبة بن ربيعة، ومريم: وأمها نائلة بنت الفرافصة، وأم البنين: وأمها أم ولد.

قصة الشورى وخلافة عثمان بن عفان

ولي عثمان بن عفان الخلافة وعمره 68 عامًا ،وقد تولى الخلافة بعد مقتل عمر بن الخطاب، وفي اختياره للخلافة قصة تعرف بقصة الشورى وهي أنه لما طعن عمر بن الخطاب دعا ستة أشخاص من الصحابة وهم: علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله ليختاروا من بينهم خليفة. وذهب المدعوون إلى لقاء عمر إلا طلحة بن عبيد الله فقد كان في سفر وأوصاهم بأختيار خليفة من بينهم في مدة أقصاها ثلاثة أيام من وفاته حرصا على وحدة المسلميـن، فتشاور الصحابـة فيما بينهم ثم أجمعوا على أختيار عثمان وبايعـه المسلمون في المسجد بيعة عامة سنة 23 هـ فأصبح ثالث الخلفاء الراشدين.

من خلال هذه القصة ومن طريقة مبايعة عثمان بن عفان رضي الله عنه يمكننا استيعاب أهمية الشورى في أمور المسلمين بينهم، ومعرفة مدى ذكاء وفطنة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي استحدث هذه الطريقة في اختيار الخليفةً. و المقصد طبعا كان ابتغاء مرضاة الله عز وجل ليس طمعاً في منصب أو جاه، فلم يتأخر علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في المبايعة وكان أول من فعل ذلك بعد عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه. فلم تأخذه الأنانية، وإنما وحدة المسلمين ومرضاة الله تعالى كانت هي المقصد من ذلك كله.

“مصحف عثمان” والفتوحات في عهده

في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه أنتشر الإسلام في بلاد كبيرة وتفرق الصحابة مما أدى إلى ظهور قرائات متعددة وأنتشرت لهجات مختلفة فكان الخوف من أختلاف كتابة القران، وتغير لهجته، فجمع عثمان المسلمين على لغة قريش أي لهجة قريش وهي لهجة العرب. وتكتب الكتابة للقرآن بلسان العرب ويسمى (مصحف عثمان) أو المصحف الإمام. فكان من أهم إنجازاته جمع كتابة القرآن الكريم الذي كان قد بدء بجمعه في عهد الخليفة أبي بكر الصديق. وجمع القرآن الكريم في مصحف مكتوب برسمه إلى الوقت الحالي.

ومن أهم أعمال عثمان فتح مرو وتركيا وتوسيع الدولة الإسلامية وفتحت في أيام خلافة عثمان الإسكندرية ثم أرمينية والقوقاز وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص. وتمت في عهده توسعة المسجد النبوي عام 29ــ30 هـ، وقد أنشأ أول أسطول بحري إسلامي لحماية الشواطئ الإسلامية من هجمات البيزنطيين.

أقوال الصحابة في عثمان بن عفان

كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم يحبون عثمان، ويقدرونه، ويعلمون له فضله وسبقه، وينفون عنه قول كل حاقد وفاسق.فقدكان عثمان  من المجتهدين في العبادة، وقد رُوي من غير وجه أنه صلى بالقرآن العظيم في ركعة واحدة عند الحجر الأسود أيام الحج، وقد كان هذا من دأبه.وكان  يفتتح القرآن ليلة الجمعة ويختمه ليلة الخميس، وكان  يصوم الدهر ويقوم الليل إلا هجعة من أوله.

وعن عبد الرحمن بن عثمان القرشي، “أن رسول الله دخل على ابنته رقية، وهي تغسل رأس عثمان فقال: “يَا بُنَيَّةُ، أَحْسِنِي إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ أَشْبَهُ أَصْحَابِي بِي خُلُقًا”.

السيدة عائشة رضي الله عنها

تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله مضطجعًا في بيته كاشفًا عن ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له، فدخل وهو على تلك الحالة فتحدث، ثم استأذن عمر، فأذن له وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله  وسوَّى ثيابه. قالت عائشة: يا رسول الله، دخل أبو بكر، فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك؟!

فقال رسول الله: أَلاَ أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ”.

حدثنا يونس حدثنا عمر بن إبراهيم اليشكري قال سمعت أمي تحدث أن أمها انطلقت إلى البيت حاجة والبيت يومئذ له بابان قالت فلما قضيت طوافي دخلت على عائشة قالت قلت يا أم المؤمنين إن بعض بنيك بعث يقرئك السلام وإن الناس قد أكثروا في عثمان فما تقولين فيه قالت لعن الله من لعنه لا أحسبها إلا قالت ثلاث مرار لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسند فخذه إلى عثمان وإني لأمسح العرق عن جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الوحي ينزل عليه ولقد زوجه ابنتيه إحداهما على إثر الأخرى وإنه ليقول اكتب عثمان قالت ما كان الله لينزل عبدا من نبيه بتلك المنزلة إلا عبدا عليه كريما.

علي بن أبي طالب

“عن النزال بن سبرة الهلالي قال: قلنا لعلي: يا أمير المؤمنين، فحدثنا عن عثمان بن عفان. فقال: ذاك امرؤ يُدعى في الملأ الأعلى ذا النورين، كان خَتَن رسول الله على ابنتيه (أي: زوج ابنتيه)، ضمن له بيتًا في الجنة”.

وروى الإمام أحمد بسنده عن محمد بن الحنفية قال: “بلغ عليًّا أن عائشة تلعن قتلة عثمان في المربد، قال: فرفع يديه حتى بلغ بهما وجهه فقال: وأنا ألعن قتلة عثمان، لعنهم الله في السهل والجبل. قال مرتين أو ثلاثًا”.

عبد الله بن عباس

قال في مدح عثمان وذم من ينتقصه: “رحم الله أبا عمرو، كان والله أكرم الحفدة، وأفضل البررة، هجادًا بالأسحار، كثير الدموع عند ذكر النار، نهاضًا عند كل مكرمة، سباقًا إلى كل منحة، حبيبًا أبيًّا وفيًّا، صاحب جيش العسرة، ختن رسول الله، فأعقب الله على من يلعنه لعنة الملاعين إلى يوم الدين”.

أنس بن مالك

يقول أنس بن مالك: “صعد النبي جبل أحد وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فقال: اثْبُت أُحُد، فَإِنّمَا عليْك نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشهيدان”.

وقيل لأنس بن مالك: إن حب علي وعثمان لا يجتمعان في قلب. فقال أنس: كذبوا، لقد اجتمع حبهما في قلوبنا.

أبو هريرة

عن أبي مريم قال: “رأيت أبا هريرة يوم قتل عثمان وله ضفيرتان وهو ممسك بهما، وهو يقول: قتل والله عثمان على غير وجه الحق”.

عبد الله بن عمرو بن العاص

أخرج أبو نعيم في معرفة الصحابة بسنده إلى عبد الله بن عمرو بن العاص قال: عثمان بن عفان ذو النورين قُتل مظلومًا، أوتي كِفْلَيْن من الأجر.

إدارة عثمان للدولة الإسلامية

بدأ عثمان بن عفان رضي الله عنه إدارة شؤون الدولة بعد مبايعته بالخلافة. واتخذ من الصحابة رضوان الله عليهم أعواناً يساعدونه على ذلك. كما سطر رضي الله عنه العديد من الإنجازات خلال فترة خلافته وإدارته للدولة الإسلامية،والتي بقيت آثارها حتى يومنا هذا نستعرض منها ما يلي:

  1. في مجال القضاء كان ينظر في الخصومات بنفسه، ويستشير الصحابة رضوان الله عليهم فيما يحكم به، ومن مآثره اتخاذه دارا للقضاء.
  2. أقر الولاة الذين قد تم تعيينهم من قِبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ولاياتهم عاماً كاملاً، بعد ذلك أبقى البعض وعزل آخرين: وعمل على التعيين في هذه الأمصار حسب الحاجة وذلك بعد الأخذ بمشورة الصحابة رضوان الله عليهم.
  3. قام بضم بعض الولايات إلى بعضها لما يراه في مصلحة المسلمين، فقد ضم البحرين إلى البصرة، وضم بعض ولايات الشام إلى بعضها.و كان دائم النصح لولاته بالعدل والرحمة وإعطاء حقوقاللمسلمين ومطالبتهم بما عليهم من واجبات.
  4. في الشؤون المالية لم يغير من سياسة عمر بن الخطاب رضي الله عنه المالية، وكان عهده عهد رخاء على المسلمين، من خلال الأسس العامة التالية لسياسته المالية:
  5. تطبيق سياسة مالية عامة إسلامية.
  6. عدم إخلال الجباية بالرعاية.
  7. أخذ ما على المسلمين بالحق لبيت مال المسلمين.
  8. إعطاء المسلمين ما لهم من بيت مال المسلمين.
  9. أخذ ما على أهل الذمة لبيت مال المسلمين بالحق وإعطاؤهم ما لهم وعدم ظلمهم.
  10. تخلق عمال الخراج بالأمانة والوفاء.
  11. تفادي أية انحرافات مالية يسفر عنها تكامل النعم لدى العامة.

وكل هذه السياسات تُدرس اليوم في أرقى جامعات العالم، مما يدل على حنكة عثمان بن عفان رضي الله عنه، ودرايته بالأمور السياسية والاقتصادية بالفطرة رضي الله عنه وأرضاه.

استشهاد عثمان بن عفان

في أواخر عهده ومع اتساع الفتوحات الاسلامية ووجود عناصر حديثة العهد بالاسلام لم تتشرب روح النظام والطاعة ، أراد بعض الحاقدين على الاسلام وفي مقدمتهم اليهود اثارة الفتنة للنيل من وحدة المسلمين ودولتهم ، فأخذوا يثيرون الشبهات حول سياسة عثمان -رضي الله عنه- وحرضوا الناس في مصر والكوفة والبصرة على الثورة، فانخدع بقولهم بعض من غرر به ، وساروا معهم نحو المدينة لتنفيذ مخططهم، وقابلوا الخليفة وطالبوه بالتنازل، فدعاهم الى الاجتماع بالمسجد مع كبار الصحابة وغيرهم من أهل المدينة، وفند مفترياتهم وأجاب على أسئلتهم وعفى عنهم، فرجعوا الى بلادهم لكنهم أضمروا شرا وتواعدوا على الحضور ثانية الى المدينة لتنفيذ مؤامراتهم التي زينها لهم عبدالله بن سبأ اليهودي الأصل والذي تظاهر بالاسلام.

في شـوال سنة 35 من الهجرة النبوية، رجعت الفرقة التي أتت من مصر وادعوا أن كتابا بقتل زعماء أهل مصر وجدوه مع البريد ، وأنكر عثمان -رضي الله عنه- الكتاب لكنهم حاصروه في داره ( عشرين أو أربعين يوماً ) ومنعوه من الصلاة بالمسجد بل ومن الماء، ولما رأى بعض الصحابة ذلك استعـدوا لقتالهم وردهم لكن الخليفة منعهم اذ لم يرد أن تسيل من أجله قطرة دم لمسلم ، ولكن المتآمريـن اقتحموا داره من الخلف ( من دار أبي حَزْم الأنصاري ) وهجموا عليه وهو يقـرأ القـرآن وأكبت عليه زوجـه نائلـة لتحميه بنفسها لكنهم ضربوها بالسيف فقطعت أصابعها ، وتمكنوا منه -رضي الله عنه- فسال دمه على المصحف ومات شهيدا في صبيحة عيد الأضحى سنة ( 35 هـ ) ، ودفن بالبقيع وكان مقتله بداية الفتنة بين المسلمين الى يومنا هذا.

قتل عثمان بن عفان في السنة 35 للهجرة وبشكل شنيع. وكان سنه عند قتله اثنان وثمانون عاماً. ودفن باالبقيع. وكان مقتله على يد مجموعة من الساخطين على حكمه، والذين تم اعتبارهم لاحقًا مارقين وخارجين على إجماع أهل الحل والعقد، وكان مقتله مقدمة لأحداث جسام في تاريخ المسلمين مثل موقعة الجمل (36 هـ) وموقعة صفين.